ذكرت دراسة حديثة نشرها المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، عن الزيارة الأخيرة للرئيس عبد الفتاح السيسى لألمانيا، وأوضحت أن ملف الهجرة غير الشرعية كان على أولوية على أجندة صانع القرار في كل البلاد؛ حيث كان مجالًا للتعاون والتنسيق بينهما لما له من تداعيات عميقة عليهما خاصة خلال العقدين الماضيين، فقد تبنت الدول المصرية رؤية شاملة لمناهضة الهجرة غير الشرعية تقوم على أبعاد إنسانية وأمنية وتشريعية، تتوافق مع المواثيق الدولية، علاوة على إطلاقها أول استراتيجية وطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية (2026-2016)، الأمر الذي انعكس على قدرة الدولة على إحكام سيطرتها على حدودها، بجانب قيامها باستضافة الملايين من اللاجئين ودمجهم في المجتمع.
وأضافت الدراسة أنه بالرغم أن ألمانيا حاولت فتح أبوابها أمام المهاجرين واللاجئين في عام 2015، إلا أنها تواجه تحدي عدم القدرة على استمرار استيعابهم، علاوة على أن هذا السياسة عززت من صعود القوى الشعبوية في البلاد، لذا قامت بالتعاون مع القاهرة التي تعد من الدول الرائدة في المنطقة التي امتلكت تجربة مختلفة في معالجة هذا الملف؛ حيث وقعت برلين مع القاهرة اتفاقية للتعاون في أغسطس 2016، تستهدف مكافحة الهجرة غير الشرعية.
لفتت الدراسة إلى أنه في 28 يوليو 2017، وقع الجانبان على اتفاق سياسي للعمل المشترك في مجال الهجرة. فضلًا عن إنشاء المركز المصري الألماني للوظائف والهجرة وإعادة الإدماج في ديسمبر 2020، في سياق المبادرة الرئاسية “مراكب النجاة”، وكنتاج للتعاون بين الوكالة الألمانية للتعاون الدولي “GIZ”، ووزارة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج، الذي يستهدف بالأساس خفض الأسباب التي تدعم الهجرة للخارج. وعليه من المتوقع أن يكون هذا الملف ذا أولوية للحكومة الجديدة، وسيشهد مزيدًا من التعاون والتنسيق المشترك خلال الآونة المقبلة مع مصر، وخاصة من استمرار الحرب الروسية الأوكرانية وتنامي تداعياتها المتعلقة بأزمة الغذاء والطاقة التي تلوح في الأفق، وقد تكون دافعًا جديدًا لزيادة أعداد المهاجرين نحو الحدود الأوروبية.
كما أشارت الدراسة إلى أن ملف مكافحة الإرهاب كان حاضرا وبقوة خلال الزيارة ، موضحة أن مكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه، بجانب مجابهة الفكر المتطرف، من أهم الملفات ذات الاهتمام المشترك بين الجانبين؛ حيث لعبت القاهرة دورًا محوريًا فيه، مستندة إلى مقاربتها الشاملة التي تجمع بين آليات القوة الصلبة والناعمة لمعالجة أسبابه والقضاء عليه بشكل فعال، بجانب استمرار دعوة مصر إلى ضرورة أن يتكاتف المجتمع الدولي للتصدي لهذه الظاهرة المُتنامية، وهو ما توافقت عليه المستشارة السابقة "أنجيلا ميركل" مع مصر إبان زيارتها في مارس 2017، وثمنته وزيرة الخارجية الألمانية إبان زيارتها للقاهرة في فبراير. ويُذكر أن رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي خلال مؤتمر صحفي تم عقده مع سفراء ألمانيا وفرنسا وإسبانيا وبلجيكا ورمانيا بالقنصلية الفرنسية بالإسكندرية احتفالًا بشهر أوروبا في مايو 2022 عبر عن دعمهم لمصر في حربها ضد الإرهاب.
علاوة على تعاون الجانبين على الصعيد الأمني؛ إذ وقعت وزارة الداخلية المصرية مع نظيرتها الألمانية في يوليو 2016 على اتفاقية للتعاون للقضاء على الجرائم بكافة أنواعها بما فيها الفساد والإرهاب، بجانب وقف الهجرة غير الشرعية، وتعزيز أمن المطارات، فضلًا عن تبادل المعلومات والتدريب الفني والخبرة بين البلدين. لذا من المتوقع أن يحظى هذا الملف بقدر من الاهتمام من قبل الجانبين، وخاصة في ظل تنامي الإرهاب العابر للحدود، بالتزامن مع الحرب الروسية الأوكرانية التي انضم في صفوفها العديد من المرتزقة. وبالرغم من خطرهم لم يظهر بشكل واضح حتى الآن إلا أنهم على المدى المتوسط وخاصة مع استمرار الحرب من المحتمل أن تتعرض الدول الأوروبية لخطر هجمات انتقامية إرهابية على غرار ما حدث في عام 2015.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة