أكرم القصاص يكتب: 70 عاما.. 23 يوليو فى زمانها ومكانها

الأحد، 24 يوليو 2022 10:00 ص
أكرم القصاص يكتب: 70 عاما.. 23 يوليو فى زمانها ومكانها أكرم القصاص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سبعون عاما مرت على ثورة 23 يوليو، ولا تزال قادرة على إثارة الجدل، مثل كل الأحداث الكبرى فى التاريخ، وإذا كان الناس منقسمين فى تقييم أحداث قريبة عاصروها وعاشوا بعض تفاصيلها فما بالنا بتواريخ ترجع إلى عشرات السنين؟
 
بالأمس أكملت ثورة 23 يوليو 70 عاما، وما زالت تفرض ظلالها على الحاضر، وتشغل مساحات موسمية من الجدل، وبالرغم من بديهية  عدم محاكمة حدث سياسى فى الخمسينيات من القرن العشرين بقواعد القرن الواحد والعشرين، لا نزال نرى مناقشات وتقييمات بمعايير اليوم، فضلا عن شيوع طريقة النقاش الكروى بانحيازات مسبقة، وهو جدل مستمر منذ السبعينيات، ويبدو الخلاف بين أطرافه حادا «إما مع أو ضد».
 
ثورة يوليو حدث ضخم غيّر من شكل مصر اجتماعيا واقتصاديا، وامتد تأثيره إقليميا ودوليا، كانت له إنجازات كبيرة وأخطاء كبيرة، ولا يمكن تقييمه بمعزل عن ظروفه الخاصة، ولا يمكن استنساخه أو استعادته، ولا يفترض أن نظل أسرى جدل عقيم، علينا قراءته من أجل المستقبل وليس الماضى.
 
وتظل النقطة الفاصلة فى النقاش الاستقطابى، هى أن بعض منتقدى يوليو يصورون الواقع فى العهد الملكى على أنه كان جنة على الأرض ويتجاهلون الفوارق الاجتماعية والاقتصادية والانقسام الاجتماعى بين طبقة مترفة، وأخرى معدمة، وفى المقابل يرى قطاع من أنصار الثورة، أن العهد الملكى كان يخلو من أى مميزات. 
 
بينما الواقع أن مصر لم تكن تخلو من طبقة متوسطة واعية، وأن الفترة من ثورة 1919 حتى يوليو 1952 شهدت تطورا اجتماعيا واقتصاديا، واتسعت رقعة التعليم الإلزامى والمتوسط والجامعى، بشكل أدى لتشكيل طبقة وسطى كانت هى الرافد الذى اعتمدت عليه دولة يوليو فى بناء المشروع السياسى والاجتماعى.
 
بل إن الضباط الأحرار بقيادة جمال عبدالناصر، كانوا من الطبقة الوسطى الذين دخل أبناؤهم الكلية الحربية بجهود الوفد وما بعد معاهدة 1936، كما كان تكوين وعى الضباط الأحرار فى سياق الحركة السياسية الثرية فى الثلاثينيات والأربعينيات، ومبادئ فى الإصلاح الزراعى والعدالة والتصنيع ومجانية التعليم، استمدت من أدبيات ومطالبات الحركات الاجتماعية والسياسيين قبل يوليو. 
 
لم يخترع جمال عبدالناصر أفكار الاشتراكية والتنمية المستقلة، كان يترجم الأفكار التى صاغتها نخبة سياسية وثقافية وفكرية واقتصادية للاستقلال والتنمية، ويمكن التعرف على صورة مصر من كتابات أدباء العصر ومؤرخيه، وكان عبدالناصر يبنى على جهود كبار السياسيين والمفكرين الاقتصاديين، وعلى رأسهم طلعت حرب، أول من لفت النظر وسعى إلى تمصير الاقتصاد والصناعة. 
 
جاءت يوليو فى أعقاب الحرب العالمية الثانية، وحرب فلسطين، ومثلت قمة تحولات ونتاجا لمطالب المصريين على مدى ثلاثة أرباع قرن، وكانت ولا تزال أحد أكبر التحولات التى غيرت فى شكل ومضمون الدولة والمجتمع، بل وكان لها أثر واضح فى إقليمها، وككل الأحداث الكبرى يفترض أن يتم قراءة وتقييم الحدث فى زمانه ومكانه، بناء على ما أحاط به من تحولات وأحداث، وظروف محلية ودولية، مع التأكيد أنه لا يمكن تكرار الحدث مرتين، لكنها دراسة مهمة من أجل المستقبل.
 
والهدف من أى قراءة عقلانية، أن ننقذ عقول أجيال جاءت فى مرحلة صعبة، تعيش واقعها فى ظل عالم أكثر تعقيدا، يزدحم بالمعلومات، ويصعب فيه الحصول على المعرفة، ثورة 23 يوليو كانت تحولا فى التاريخ والجغرافيا، بصرف النظر عن موقف الشخص منها، ولا تزال محل تأثير وجدل، وجمال عبدالناصر، الراحل قبل 52 سنة، يفرض وجوده بقوة، ويبقى حاضرا مع أجيال لم تعاصره، ووُلد بعضهم بعد رحيله بعقد وربما عقدين.
 
عدد اليوم السابع
عدد اليوم السابع

 









الموضوعات المتعلقة


مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة