لم يمنح الناخبون الفرنسيون رئيسهم إيمانويل ماكرون مساحة من الزمن ليهنأ بالانتصار الذى حققه قبل شهرين فى الانتخابات الرئاسية عندما تغلب فى جولة الإعادة على مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان، ليوجهوا إليه ضربة قوية بخسارة تحالفه الوسطى أغلبيته المطلقة فى البرلمان فى الانتخابات التشريعية، ما يهدد بعرقلة أجندته السياسية والاقتصادية.
وقالت صحيفة دايلى ميل البريطانية إن الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون قد يواجه تصويتا بسحب الثقة بعد خسارته أغلبيته البرلمانية، حيث عاقب الناخبون قائدهم المتعجرف، واختاروا بدلا منه اليمين المتطرف واليسار المتطرف.
وأضافت الصحيفة أن ماكرون، الذى فاز قبل شهرين فقط بمحاولة إعادة انتخابه، أصبح محاصرا الآن بعدما خسر تحالفه 105 مقاعد، مما يعنى أنه سيعانى من أجل تنفيذ أجندته الوسطية.
وحقق اليمين المتطرف بقيادة مارين لوبان وتحالف اليسار بقيادة جان لوك ميلنشون أكبر انتصارات فى الانتخابات التشريعية.
وقال تحالف نوبيز اليسارى بقيادة ميلنشون إنه يخطط لإجراء تصويت سحب الثقة ضد الحكومة فى الخامس من يوليو.
وأصبح تحالف نوبيز ثانى أكبر تكتل فى الجمعية الوطنية، وذلك بعد انتخابات أمس الأحد، لكنه لا يملك ما يكفى من الأصوات بمفرده لتبنى تصويت سحب الثقة، ولديه عدد قليل من الحلفاء فى البرلمان المنقسم بشدة.
إلا أن الصحيفة رأت أن هذه الخطوة تمثل إذلالا آخرا لماكرون، الذى اضطر للاعتماد على ناخبين من مختلف الاتجاهات السياسية لمنع لوبان من الفوز فى الانتخابات الرئاسية التى أجريت قبل شهرين فى ظل تراجع شعبيته.
وقالت لوبان الاثنين، إن الصعود الاستثنائى لحزبها هو انتصار تاريخ وحدث مزلزل فى السياسات الفرنسية.
وقال مصدر حكومي، بحسب الصحيفة، أن الناخبين انقلبوا على غطرسة ماكرون، و منحوا حزب لوبان المسيرة الوطنية 89 مقعدا، بينما فاز تحالف نوبيز بـ 131 مقعدا ليصبح قوة المعارضة الرئيسية.
وقالت وكالة رويترز إنه لا يوجد شكل واضح لما سيحدث فى فرنسا فى الفترة المقبلة، إلا أن هناك عدة سيناريوهات منها أن يسعى ماكرون لاتفاق ائتلافى، وكان هذا النموذج مطبق فى الجمهوريتى الثالثة والرابعة قبل عام 1958، إلا أنه لم يكن مستقرا بعد ذلك ولم تستمر الحكومات فيه سوى بضعة أشهر.
وفى حال عدم إمكانية تشكيل حكومة ائتلافية، فإن الرئيس قد يضطر إلى الاتفاق على كل مشروع قانون على حدة.
من ناحية أخرى، علقت صحيفة "واشنطن بوست" على نتيجة الانتخابات التشريعية الفرنسية، التى خسر فيها حزب الرئيس إيمانويل ماكرون أغلبيته المطلقة، وقالت الصحيفة أن الجمود السياسى الناجم عن تلك الانتخابات سيحمل مخاطر لأوروبا.
وأوضحت الصحيفة أن النتائج أسفرت عن برلمان معلق حرم ماكرون من أغلبيته ومن سلطته ومصداقيته كحصن وسطى ضد اليمين المتطرف واليسار المتطرف. ورجحت الصحيفة أن تؤدى الائتلافات الهشة فى البلد الذى يعد ثانى أكبر اقتصاد فى منطقة اليورو، إلى جعل الحكم صعبا والإصلاح أكثر صعوبة.
وتابعت الصحيفة قائلة إنه بالنسبة للاتحاد الأوروبى الذى يسعى لتكثيف دفاعاته وقطع روابط الصلة مع روسيا، ومواصلة مزيد من الاندماج، فإن الخطر الآن أصبح يتمثل فى تحول فرنسا نحو الداخل دون رغبة قوية فى إجراء تغييرات كبيرة.
وتابعت الصحيفة قائلة أن نتائج التصويت بالنسبة لتحالف ماكرون الوسطى، والتى جاءت أسوأ من المتوقع بخسارة 44 مقعدا عن عتبة الأغلبية، تعكس الإحباط المتزايد من نمطه فى الحكم وإزاء صحة الاقتصاد. ومنذ أن تغلب ماكرون على منافسته مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان فى الانتخابات الرئاسية فى إبريل الماضى، تجنب ماكرون المخاطر بتشكيل حكومة تكنوقراط أصبح مصيرها الفشل الآن.
وفى ظل انكماش اقتصادى وارتفاع قياسى فى معدل التضخم بلغ 5%، فإن سياسات منع الصواعق التى يتبنها ماكرون مثل رفع سن التقاعد على 65 عاما، تمنح الحركة المعادية له الجاذبية. وتكاتف تحالف اليسار المتطرف بزعامة جان لوك ميلنشون للمطالبة بضبط الأسعار وجعل سن التقاعد عند 60 عاما.
ولم تغير زيارة ماكرون على كييف مع رئيس الوزراء الإيطالى ماريو دراجى والمستشار الألمانى أولاف شولتس موقفه. وبدا أن التصويت تعبير عن الطبقة المتوسطة المضغوطة وفى نفس الوقت، فإن عدم وجود فائز واحد يعكش الواقع الفوضوى لسياسات ما بعد كورونا وما بعد الغزو الروسى لأوكرانيا. فقد تضخمت الدولة الفرنسية خلال الوباء بدين بلغ 113% من الناتج الإجمالى وعجز فى الميزانية بلغ 7%.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة