استعرض المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، جهود الدولة فى تحقيق العدالة الاجتماعية والذى يعد من الحقوق الأساسية والأصلية للإنسان؛ إذ يرتبط تحقيقها بالعديد من المكاسب الشخصية والاجتماعية، فالأفراد المتمتعون بتلك العدالة هم الأكثر قدرة على العمل والإنتاج ومواجهة الأزمات، مما يؤدى إلى تحقيق الأهداف المختلفة لتنمية المجتمع، وقد أولت الدولة المصرية اهتمامًا بالغًا بتحقيق العدالة الاجتماعية منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى مقاليد الحكم فى عام 2014.
وتمثلت أوجه تحقيق العدالة الاجتماعية، وفق دراسة أعدها المركز تقدمها الباحثة آلاء برانية، بعنوان" العدالة الاجتماعية: 8 سنوات من الاستثمار فى البشر"، فى مجالات "تحقيق السكن اللائق- تطوير منظومتى الصحة والتعليم – توفير الحماية الاجتماعية".
تحقيق السكن اللائق
يعدّ الحق فى السكن اللائق أحد المحاور الأساسية لحقوق الإنسان، وقد نص الدستور المصرى الصادر عام 2014 فى المادة 78 "على أن تكفل الدولة للمواطنين الحق فى المسكن الملائم والأمن الصحى بما يحفظ الكرامة الإنسانية ويحقق العدالة الاجتماعية"، وبناء عليه فقد عززت الدولة المصرية الجهود الرامية إلى تحقيق السكن اللائق بنظرة أكثر شمولية متمثلة فى تطوير المناطق العشوائية غير المخططة وغير الآمنة: بلغ عدد المناطق غير الآمنة التى طُورت من عام 2014 حتى عام 2020 نحو 296 منطقة من إجمالى 357 منطقة، وما زال العمل مستمرًا على تلك المناطق، انخفض عدد السكان فى المناطق غير الآمنة بنسبة 35% عام 2019، وتستهدف استراتيجية التنمية المستدامة لمصر خفض عدد السكان فى المناطق غير الامنة إلى نسبة 100% بحلول عام 2030، كما أُطلق مشروع " سكن لكل المصريين" بمبادرة من رئيس الجمهورية وجهت بإنشاء 500 ألف وحدة سكنية فى المدن الكبرى والمحافظات على مستوى الجمهورية.
وبلغت مساحة المناطق العشوائية غير المخططة قرابة 152 ألف فدان فى عام 2014، وعملت الدولة على تطوير ورفع كفاءة تلك المناطق، فأسفرت تلك الجهود عن تطوير 53 منطقة بمساحة 4616 فدانًا عام 2020، بتكلفة قدرت بـ 318 مليار جنيه.
ولفتت الدراسة إلى تقرير التنمية البشرية الصادر فى عام 2021، الذى ذكر أنه يتم نقل المواطنين من المناطق العشوائية غير الآمنة وغير المخططة بثلاث طرق على حسب رغبة المنتقل دون إجبار؛ أولًا: الانتقال الفورى إلى منزل فى منطقة حديثة التطوير فى نفس المدينة، ثانيًا: تعويض مالى لإيجاد سكن بديل خلال فترة التطوير مع تخصيص وحدة مماثلة بعد الانتهاء من المنطقة، ثالثًا: التعويض المالى المناسب لإيجاد سكن بديل فى منطقة أخرى.
وفى ذات السياق، افتتحت الدولة عددًا من المشروعات التى تحقق تقديم السكن اللائق للمواطن منذ عام 2014 كان أبرزها: مشروع "بشاير الخير" بمراحله الثلاث بمحافظة الإسكندرية، ومشروع حى الأسمرات بالقاهرة، إضافة إلى مشروع المحروسة 1 بمدينة النهضة لحى السلام.
وفيما يخص الإسكان الاجتماعى، فقد تم الإعلان فى عام 2014 عن إنشاء مليون وحدة سكنية لدعم أصحاب الدخول المنخفضة والمتوسطة. علاوة على إصدار القرار الجمهورى رقم 33/2014 والمعدل برقم 93/2018 بشأن الإسكان الاجتماعى ودعم التمويل العقاري. وبناءً عليه، فقد بلغ عدد المستفيدين من برنامج الإسكان الاجتماعى حتى عام 2020 قرابة 312 ألف مستفيد، حصلوا على دعم نقدى من صندوق الإسكان الاجتماعى وصل إلى 4.9 مليار جنيه، وبتمويل عقارى بلغ 30.8 مليار جنيه.
تطوير منظومتى الصحة والتعليم
احتوى دستور 2014 على 11 مادة من أصل 246 مادة تخص منظومتى الصحة والتعليم، وأكدت الدراسة أن الدولة عملت على النهوض بالمنظومتين من خلال إطلاق الحكومة المصرية عام 2016 رؤية مصر 2030 والتى احتوت على محورين كاملين لكل من الصحة والتعليم، كما أطلقت الحكومة فى عام 2018 المشروع القومى لإصلاح التعليم الذى يقوم على طرح نظام تعليمى جديد بدأ تطبيقه فى سبتمبر 2018.
وأطلقت الحكومة المصرية عددًا من الاستراتيجيات التى تخدم المنظومة التعليمية مثل؛ استراتيجية التعليم قبل الجامعي" 2014-2030" و"استراتيجية التعليم العالى والبحث العلمى 2030"إضافة إلى " الاستراتيجية القومية للعلوم والتكنولوجيا والابتكار 2030"، كما عززت الدولة البنية التحتية المعلوماتية للمدارس منذ عام 2014، فجهزت نحو 9 آلاف معمل مدرسى و27 ألف فصل مطور وملايين الأجهزة اللوحية "التابلت" مجانًا للطلاب، واعتمدت سياسة الحكومة منذ عام 2014 على التوسع فى إنشاء الجامعات الأهلية فأنشأت 4 جامعات أهلية حتى عام 2020، كما تم تطوير المنظومة التشريعية الحاكمة للبحث العلمى بإصدار العديد من القوانين مثل: القانون رقم 23 لسنة 2018 الخاص بحوافز العلوم والتكنولوجيا والابتكار والقانون رقم 1 لسنة 2019 الخاص بإنشاء صندوق لرعاية المبتكرين والنوابغ.
وعلى مستوى منظومة الصحة، وضعت الحكومة العديد من الاستراتيجيات لتطوير المنظومة الصحية؛ وذلك لتقديم الخدمة بشكل أفضل للمواطن مثل: الاستراتيجية القومية للسكان وخطتها التنفيذية من عام 2015-2020، والمشروع القومى لتنمية الأسرة المصرية من 2021-2032، والاستراتيجية الوطنية لمناهضة ختان الإناث 2016-2020. وقد قدمت الحكومة العديد من البرامج والمبادرات الخاصة بعلاج ومكافحة الأمراض الأكثر تأثيرًا فى المواطن المصرى مثل التجربة المصرية فى القضاء على فيروس سى وعلاج 1.5 مليون شخص فى الفترة من 2014-2018. وقد قدمت الدولة المصرية عام 2021 ملفها كأول دولة فى العالم خالية من فيروس سى، إضافة إلى المبادرة الرئاسية للكشف عن فيروس سى والأمراض غير السارية"100 مليون صحة" أُطلقت فى عام 2018 بتكلفة 7 مليارات جنيه للكشف المبكر عن الأمراض غير السارية لأكثر من 50 مليون شخص، وتقديم العلاج مجانًا، المبادرة الرئاسية للقضاء على قوائم الانتظار: أُطلقت عام 2018 لإنهاء قوائم انتظار مرضى الجراحات والتدخلات الطبية الحرجة.
وفى مارس 2022، أعلنت وزارة الصحة والسكان الانتهاء من إجراء مليون و118 ألفًا و753 عملية جراحية، لإنهاء قوائم الانتظار ومنع تراكم قوائم انتظار جديدة فى التدخلات الجراحية الحرجة التى تشملها المبادرة، وشملت التحركات، المبادرة الرئاسية للاكتشاف المبكر وعلاج ضعف وفقدان السمع للأطفال حديثى الولادة: وقد بلغ إجمالى الحالات التى تم فحصها حتى عام 2022 حوالى 2 مليون و650 ألفًا و793 طفلًا حديث الولادة، المبادرة الرئاسية "نور حياة" أُطلقت عام 2019 وبلغ عدد المستفيدين من المبادرة منذ إطلاقها أكثر من مليون مستفيد، المبادرة الرئاسية للكشف المبكر عن الأنيميا والسمنة والتقزم لطلاب المدارس: أُطلقت عام 2019 وبلغ عدد الذين تم فحصهم ضمن المبادرة حتى عام 2022 حوالى 9 ملايين و455 ألفًا و510 طلاب، بمختلف مدارس الجمهورية.
وتطرقت الدراسة إلى مبادرة رئيس الجمهورية لدعم صحة المرأة المصرية: انطلقت عام 2019 وبحلول عام 2022، أعلنت وزارة الصحة والسكان فحص 23 مليونًا و906 آلاف و809 سيدة، وتشمل المبادرة الفحص والتوعية للسيدات مجانًا، بداية من سن 18 عامًا، المبادرة الرئاسية للكشف المبكر عن الاعتلال الكلوي: انطلقت فى عام 2020، وفى ضوء المبادرة تم فحص أكثر من مليون و400 ألف مواطن بالمجان حتى فبراير 2022.
وذكرت أن الدولة المصرية توسعت خلال الفترة الممتدة من عام 2015 و2018 فى إنشاء وتطوير 67 مستشفى و44 مركز متخصصًا للأمراض.
وعلى مستوى الحماية الاجتماعية، فقد عدّت الدولة المصرية، تلك المظلة كأحد مسارات تحقيق العدالة الاجتماعية، فقدمت منذ عام 2014 العديد من البرامج التى تتسم بالتوجه الحقوقى عن التوجه الإغاثى لبعض الفئات الأكثر احتياجًا فى المجتمع، فأضيف العديد من الإصلاحات التشريعية؛ كصدور قانون جديد للتأمينات الاجتماعية رقم 148 لسنة 2019، وقانون التأمين الصحى الشامل رقم 2 لسنة 2018.
ذلك بجانب إطلاق برنامج تكافل وكرامة للتحويلات النقدية المشروطة وغير المشروطة؛ وهو برنامج موسع للحماية الاجتماعية أطلقته الدولة عام 2015، وشمل البرنامج الاستهداف المباشر للأسر الفقيرة والاستهداف الفئوى للنساء والمسنين والأشخاص ذوى الإعاقة، وبلغ عدد المستفيدين من برنامج "تكافل وكرامة" حوالى 2.5 مليون أسرة تضم 9.3 مليون فرد، 86% منهم استفاد ببرنامج (تكافل)، و14% ببرنامج (كرامة) بقيمة 6.6 مليار جنيه، مقابل 3.6 مليون أسرة تضم حوالى 15 مليون فرد بدعم 18.5 مليار جنيه لعام 2019/ 2020.
وقد وجهت الدولة العديد من البرامج التى تهدف إلى تمكين المواطن اقتصاديًا بدلًا من تقديم الإعانات الاغاثية وأبرز تلك البرامج:
-برنامج فرصة: لدعم الفئات الأكثر احتياجًا بتوفير فرصة عمل لائقة، مما يزيد دخول الأسر المستهدفة. ويستهدف البرنامج توفير 30 ألف فرصة عمل فى 8 محافظات من الوجه القبلى، و50 ألف قرض ميسر لتوفير فرص عمل للمرأة المعيلة بتمويل 250 مليون جنيه من بنك ناصر. إضافة إلى تدبير 10 آلاف فرصة عمل فى المناطق الصناعية.
-برنامج مستورة: وهو برنامج للتمويل متناهى الصغر موجه للمرأة، أطلقه بنك ناصر بالتعاون مع صندوق تحيا مصر، وقد مول البرنامج حتى عام 2020 ما يقرب من 19.216 مشروع قرض بتكلفة 320 مليون جنيه.
- برنامج وعي: يمثل البرنامج القوة الناعمة لبرامج الحماية الاجتماعية أطلق عام 2020، ويهدف إلى تكوين قيم واتجاهات وسلوكيات مجتمع إيجابية، ويشمل البرنامج 13 قضية للتوعية بين الفئات المستهدفة للبرنامج.
- مبادرة حياة كريمة: تستهدف المبادرة توسيع مظلة الحماية الاجتماعية الشاملة بالتركيز على تلبية احتياجات المواطنين فى القرى الأكثر احتياجًا، وتستهدف الوصول لـ 4670 قرية، وتمثل نسبة السكان المستفيدين منها 57% من إجمالى سكان مصر.
- مبادرة سكن كريم: وهى مبادرة أطلقتها وزارة التضامن فى نوفمبر 2017؛ بهدف تحسين الأوضاع الصحية والبيئية، وتطوير منازل الأسر الفقيرة وفى مقدمتهم الذين يتلقون معاش "تكافل وكرامة". وحتى 2020 استفادت 58 ألف أسرة فى أكثر من 200 قرية.
- إطلاق المبادرة الرئاسية "سجون بلا غارمين": وهى إحدى المبادرات الإنسانية التى أطلقها الرئيس، حيث رصد صندوق (تحيا مصر) مبلغ 30 مليون جنيه لسداد ديون الغارمين والغارمات، وتنفيذ اللازم من إجراءات الحماية الاجتماعية؛ للحد من ظاهرة الغارمين والغارمات التى تؤثر سلبًا على الاستقرار المجتمعي.
وفيما يخص تقديم الدعم الغذائى، ففى عام 2014 استحدثت منظومة نقاط الخبز غير المستخدمة بتكلفة إضافية قدرها 4.4 مليار جنيه. وزيد الدعم النقدى الشهرى للفرد على بطاقات التموين حتى وصل إلى 50 جنيها عام 2019 بزيادة قدرها 140%. ويستفيد من نظام بطاقات التموين المطبق نحو 69 مليون شخص، ويستفيد قرابة 79 مليون مواطن من منظومة دعم رغيف الخبز. وقد بلغت قيمة الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية 327.699 مليار جنيه فى العام المالى 2019-2020 وفقًا لبيانات الموازنة العامة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة