قال مراقبون إن الحرب المندلعة حاليا بين روسيا وأوكرانيا متخمة بتمويلات تستخدم العملات المشفرة، لتصبح بذلك أول صراع حربي يشهد تلك الظاهرة في عصر العملات الرقمية.
ونقلت دورية "إنتيليجنس نيوز" المتخصصة فى شئون الاستخبارات والأمن، عن مراقبين وخبراء قولهم إن "الصراعات المتخمة بتمويلات قادمة من الخارج لا تعد في حد ذاتها ظاهرة حديثة العهد، بل تعود إلى عقود طويلة سابقة".
ويقول المراقبون: إنه خلال سبعينات القرن الماضي، تمكنت جماعات مسلحة مثل "الجيش الجمهوري الأيرلندي" من تلقي موجات مستمرة من التبرعات والمنح من مجتمع المغتربين الأيرلنديين في الخارج.. غير أنهم يؤكدون أن الحرب الراهنة تختلف تمام الاختلاف حيث إنها اندلعت في ظل عصر يسود فيه الإنترنت وتنتشر خلاله العملات الرقمية المشفرة، وهو أمر أصبح بمنزلة "جبهة أخرى" في الصراع المستعر في أوكرانيا حاليا.
ويرى المراسل العلمي لمؤسسة البث الأسترالية (إيه بي سي)، جيمس بورتيل، أن بعض جوانب تلك الحرب تأثرت إلى حد كبير بما يعرف بـ"منظمات ذاتية لامركزية" (دي إيه أو)، وهي منظمات يملكها أفراد عبر الإنترنت وتنخرط في أنشطة تمويلية كثيفة ومكتظة بالأموال خارج نطاقات العمل التشريعية الحكومية الإلزامية.
وأضاف بورتيل أنها "منظمات لا تحكمها مجالس مديرين، لكنها بدلا من ذلك تحتفظ بسجلات صفقات مالية على ما يعرف بـ"سلسلة الكتلة" (نظام تسجيل رقمي للمعلومات، يحاكي دفاتر الأستاذ المحاسبية لكن بشكل رقمي، ويستحيل تغييره، أو اختراقه، أو تعرضه للغش). وفي ضوء تلك الخصائص، فإن تلك المنظمات تعمل في "منطقة قانونية رمادية"، وهو أمر يُسهل عليها استخدام العملات الرقمية المشفرة في الصفقات المالية".
ولفت إلى أن "إدارة الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، خلال السنوات الأخيرة، داعبتها طموحات أن تصبح "أكثر دولة صديقة للعملات الرقمية المشفرة على مستوى العالم"، لذا لم يكن مفاجئا أن تعلن حكومة كييف، بعد دقائق معدودة من بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، عن إطلاق صندوق رسمي للعملات الرقمية المشفرة، تحت اسم "صندوق كريبتو من أجل أوكرانيا".
ويقول تقرير الدورية المعنية بالشؤون الأمنية إنه بحلول يوم الاثنين الماضي، كان الصندوق قد تمكن من مراكمة أكثر من 22 مليون دولار، والمبلغ يواصل ازدياده بصورة ملحوظة، مشيراً إلى أن التجمعات المناصرة لأوكرانيا في "المنظمات الذاتية غير الحكومية" (دي إيه أو)، مثل "كوم باك ألايف" (عُد إلينا حياً)، التي تمكنت من الانتشار بين عوالم العملات الرقمية المشفرة، وتمكنت من جمع تبرعات كبيرة، والتي تستخدم حالياً لتجهيز الجيش الأوكراني والمسلحين المتطوعين، حسبما أشارت الدورية.
وتثار مخاوف بين الخبراء من احتمالات أن تلجأ الحكومة الروسية، علاوة على نخبة شخصيات موالين للكريملين، إلى المسار ذاته باستخدام العملات الرقمية المشفرة لتفادي العقوبات الدولية المفروضة على البلاد. منبهين إلى أن استخدام العملات المشفرة قد يتيح لموسكو التغلب على القيود المفروضة لاستبعادها من "جمعية الاتصالات المالية بين البنوك العالمية" (سويفت)، التي تعد المنصة العالمية المعيارية لتأمين الصفقات المالية.
وأصدرت حكومة كييف الأسبوع الماضي نداءات إلى كبرى منصات تداول العملات الرقمية المشفرة طلبت فيها حظر إجراء صفقات مع عملاء روس، بما فيهم الحكومة الروسية. بيد أن الخبراء أشاروا إلى أن هناك صعوبة بالغة في منع مستخدمين بعينهم - بما فيهم الحكومات- من التداول على سلسلة الكتلة، في ضوء الطبيعة اللامركزية التي تتسم بها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة