سعيد الشحات يكتب: ذات يوم..2مايو 1805احتدام الصراع بين محمد على و«الوالى» خورشيد باشا.. إضراب علماء الأزهر والدكاكين والأسواق تقفل أبوابها والأهالى يرجمون المحافظ بالحجارة

الإثنين، 02 مايو 2022 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم..2مايو 1805احتدام الصراع بين محمد على و«الوالى» خورشيد باشا.. إضراب علماء الأزهر والدكاكين والأسواق تقفل أبوابها والأهالى يرجمون المحافظ بالحجارة خورشيد باشا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
اجتمع الشيوخ وزعماء الجند، واجتمعت آراؤهم على تعيين «خورشيد باشا» محافظ الإسكندرية واليا على مصر، وتعيين محمد على «قائم مقام»، وحرروا محضرا بذلك وأرسلوه إلى الباب العالى العثمانى للتصديق عليه، فأرسل بذلك فرمانا مخصوصا، حسبما يذكر محمد فريد فى كتابه «البهجة التوفيقية فى تاريخ مؤسس العائلة الخديوية».
 
حضر «خورشيد» من الإسكندرية إلى القاهرة ليشغل منصب الولاية فى آواخر مارس 1804، وفقًا لعبدالرحمن الرافعى، فى الجزء الثانى من موسوعته «تاريخ الحركة القومية»، مشيرًا إلى أنه خامس من تقلد ولاية مصر فى نحو سنتين، أولهم «خسرو باشا» وقد خلع، ثم «أحمد باشا» وقد طرد، ثم «على باشا الجزائرلى» وقد قتل، ثم جاء خورشيد باشا، وقامت الثورة ضده التى أدت إلى خلعه، وتولى محمد على باشا فى 13 مايو 1805.
 
استحضر «خورشيد» طائفة من «الدلاة» ليجعلهم حرسا لنفسه فكانت سببا للثورة ضده، ويعطى «الجبرتى» نبذة عنهم فى موسوعته «عجائب الآثار فى التراجم والأخبار»، قائلا: «الدلاة طائفة تنتسب إلى طريقة سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وأكثرهم من نواحى الشام وجبال الدروز والمتاولة «جنوب لبنان»، يركبون الأكاديش وعلى رؤوسهم الطراطير السود مصنوعة من جلود الغنم الصغار، طول الطرطور نحو ذراع، وهذه الطائفة مشهورة فى دولة العثمانيين بالشجاعة والإقدام فى الحروب، ويوجد فيهم من هم على طريقة حميدة ومنهم دون ذلك»، ويذكر «الرافعى»: «عددهم فى القاهرة كان ثلاثة آلاف مقاتل من أردأ عناصر السلطة العثمانية، فأخذوا يعيثون فى الأرض فسادا ويرتكبون الجرائم، ويعتدون على الأموال والأرزاق والأرواح».
 
يستشهد «الرافعى» بقول «الجبرتى» عما فعله «الدلاة»، قائلا: «دخلوا بيوت الناس بمصر وبولاق، وأخرجوا منها أهلها وسكنوها، وكانوا إذا سكنوا دارا أخربوها، وكسروا أخشابها وأحرقوها لوقودهم، فإذا صارت خرابا تركوها وطلبوا غيرها ففعلوا بها كذلك، وهذا دأبهم من حين قدومهم إلى مصر حتى عم الخراب سائر النواحى وخصوصا بيوت الأمراء والأعيان، وباقى دور «بركة الفيل» وما حولها من بيوت الأكابر وقصورهم»، ويذكر محمد فريد: «انتشروا فى البلد كالجراد ينهبون، وفى العالم يقتلون، وفى النساء يهتكون، ويأخذون أموال الناس ظلما وبهتانا، وصار محمد على يحرض الناس على رفع شكواهم إلى الوالى، فاتبعوه وتظلموا لخورشيد باشا، فكان يعدهم بالنظر فى شكواهم والتأمل فى بلواهم، ولا يمكنه الوفاء بوعده مراعاة للجند حتى مل الأهالى من ازدياد الجور، والتعدى، وانتشر الهياج فى كل أنحاء البلد، وخاف كل فريق من الآخر».
 
كان «خورشيد باشا» مضطرًا إلى إغفال سيئات «الدلاة» ليستعين بهم فى محاربة «محمد على»، وفقًا لمحمد فريد، حتى كان أول مايو 1805، ويذكر الرافعى عنه: «اعتدى الجنود الدلاة على أهالى مصر القديمة، وأخرجوهم من بيوتهم ونهبوا مساكنهم، وأمتعتهم وقتلوا بعض الأهالى الآمنين، فحضر جميع سكانها رجالا ونساء إلى جهة الجامع الأزهر، وانتشر خبر الاعتداء والهياج بسرعة البرق فى أنحاء المدينة، واجتمع العلماء وذهبوا إلى الوالى وخاطبوه فى وضع حد لفظائع الجنود الدلاة، فأصدر الوالى أمرا للجنود بالخروج من بيوت الناس وتركها لأصحابها، وكان هذا الأمر صوريا، لأن الجنود لم يخضعوا ولم ينفذوا، فخوطب الوالى ثانيا فى الأمر فطلب مهلة ثلاثة أيام ليرحل الجنود من المدينة قاطبة، فلما علمت الجماهير بهذا الجواب اشتد ضجيجهم وتضاعف سخطهم وتألبت الجموع، وبدأت علائم الثورة تلوح فى أفق المدينة».
 
عمت الثورة فى اليوم الثانى، الخميس، 2 مايو، مثل هذا اليوم، 1805، وفقا للرافعى، مضيفا: «اجتمع العلماء بالأزهر وأضربوا عن إلقاء الدروس، وأقفلت دكاكين المدينة وأسواقها، واحتشدت الجماهير فى الشوارع والميادين يضجون ويصخبون، فأدرك الوالى خطر الحالة، وأرسل وكيله صحبة رئيس الانكشارية «المحافظ» إلى الأزهر لمقابلة العلماء ومفاوضتهم لوقف الهياج، ولم يجدهم فى الأزهر، فذهب إلى بيت الشيخ الشرقاوى، وهناك حضر عمر مكرم وزملاؤه، فأغلظوا له فى القول، فانصرف على غير جدوى، ومضى يقصد القلعة «مقر إقامة الوالى خورشيد باشا»، لكن الجماهير لم تكد تبصره حتى انهالوا عليه رجما بالأحجار، ورفض العلماء أن يتدخلوا لإيقاف الهياج، وطلبوا جلاء الجنود الدلاة عن المدينة، وكانت إجابة الطلب صعبة التحقيق لأن الوالى يستحيل عليه أن يبعد الجنود عن القاهرة وهم من جهة عدته فى القتال، ومن جهة أخرى فإن لهم رواتب متأخرة والخزانة خالية من المال، فظل العلماء مضربين عن إلقاء الدروس، وبقيت الدكاكين والأسواق مقفلة أكثر من أسبوع، وامتنع العلماء عن مقابلة الوالى طوال هذه المدة».. وشهدت الأحداث تطورا آخر فى اليوم التالى.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة