إطلاق حوار سياسى واسع يناسب الجمهورية الجديدة
الحوار سيكون نقطة فاصلة فى تطوير العمل السياسى والأهلى ويجيب على أسئلة مطروحة على مدى الفترات الماضية
«حياة كريمة» مشروع سياسى واقتصادى أخلاقى ولا يمكن التوقف عنه
الدولة تجاوزت محاولات التفرقة بين المواطنين بسبب الدين وتؤكد أن الجميع متساو فى الحقوق والواجبات تقليص الفجوة بين النمو الاقتصادى والنمو السكانى يساهم فى أن يشعر المواطنون بتحسن اقتصادى
حرية الرأى والاعتقاد مصانة والمصريون بجميع معتقداتهم لكل منهم مكان وحقوق فى دولة القانون
بعد جولة فى توشكى للاطلاع على حجم التحولات فى مشروع زراعى عملاق تمت استعادته من الإهمال والنسيان، كانت الفرصة مزدوجة ومتعددة أن نشاهد على الطبيعة نتائج الإرادة فى توشكى والقمح الذى كان مجرد فكرة فى الخريف الماضى، وأصبح واقعا أمامنا نشاهد حصاده، بجانب مزارع النخيل التى تمتد على مدى البصر لتحكى قصة أخرى من العمل الجاد، ووسط هذا الجو والأمل الأخضر فى مزارع توشكى، بجانب افتتاح مشروعات زراعية فى الفرافرة، والدلتا وشرق العوينات وغيرها من مشروعات تعنى مزيدا من المنتجات الزراعية والخير.
كعادته كان الرئيس عبدالفتاح السيسى، صريحا وتحدث بوضوح وأجاب عن كل الأسئلة المطروحة، وكان مكان اللقاء نفسه لافتا، فنحن فى جنوب مصر نشاهد حجم القفزات فى مشروع توشكى وعلى مدى 4 شهور فقط، من نهاية العام الماضى، إلى الآن كانت مساحات الخضرة وحجم النمو فى مزارع النخيل، وأيضًا حلول موسم حصاد القمح الذى يضيف نصف مليون طن من القمح، ويتوقع أن يزداد، منظر النخيل والقمح، وحجم التحول خلال شهور قليلة منذ أسبوع الصعيد، إلى الآن فى حد ذاته رسالة أمل كبرى، خاصة أن كل خطوة فى توشكى تتم ضمن منظومة زراعية حديثة وذكية، تتعامل بالعلم.
حوار فى وقته ومكانه
وسط كل هذا كان حديث الرئيس عبدالفتاح السيسى، مع الصحفيين والإعلاميين، فى وقته ومكانه، واستمر أكثر من ساعة، وتجاوب ورد على تساؤلات مطروحة بين الناس فى الشارع وفى كل مكان، خاصة ما يتعلق منها بمواقف مصر تجاه ما يجرى فى العالم، وأيضًا تقدير موقف كبير لما يجرى والتعامل معه حولنا شمالًا وجنوبًا، خاصة أننا نعيش فى إقليم يموج بالتحولات كل لحظة، ويضاف إلى أزماته حرب روسيا فى أوكرانيا، وهى حرب ليست فقط بين روسيا وأوكرانيا وإنما هى صراع حول رسم خرائط النفوذ فى العالم، خاصة أننا مررنا بأزمتين كورونا والحرب تسببتا فى مشكلات لدول كبرى أو متوسطة، ولولا الإصلاح الاقتصادى ربما لم يكن الاقتصاد يتحمل أزمتين وصدمتين بهذه القوة.
والواقع أن حديث الرئيس معنا والزملاء الصحفيين والإعلاميين، كاشف عن متابعة دائمة ودقيقة من قبل الرئيس، ما أعلنه حول الحاجة إلى حوار سياسى، يتناسب مع فكرة بناء الدولة الجديدة أو الجمهورية الجديدة، وقال إنه مدرك لأهمية هذا الحوار، وإنه كان يعتزم «إطلاق ذلك الأمر بتفاصيل أكثر»، خلال إفطار الأسرة المصرية، كان هذا الجزء هو خبر الموسم بالفعل، لأنه يتماشى مع خطوات كثيرة تتخذها الدولة باتجاه الحوار والتنوع السياسى، ونظن أن هذا الحوار سيكون نقطة فاصلة فى تطوير العمل السياسى والأهلى ويحمل الكثير من النقاط الإيجابية، ويجيب على أسئلة مطروحة على مدى الشهور الماضية، ويكشف عن حيوية واضحة فى الإرسال والاستقبال بين الدول والمجتمع.
بالطبع الرئيس تطرق إلى قضية المواطنة وحرية الرأى، وفى قضية المواطنة شدد الرئيس على أن الدولة تجاوزت محاولات التفرقة بين المسلم والمسيحى، وتؤكد أن الجميع متساو فى الحقوق والواجبات ولا يوجد تمييز بين شخص وآخر، مشيرًا إلى أن حرية الرأى والاعتقاد مصانة، وقال «لن أختلف معك فى أفكارك.. فكر مثلما شئت واعتنق ما شئت، لكن يجب أن تكون المظلة التى تحمينا جميعا هى أن نحافظ على بلدنا»، معربا عن ثقته فى قوة النسيج الوطنى، وأن كل المصريين بجميع معتقداتهم سواء مسلم أو مسيحى أو غير مؤمن، له مكان وحقوق فى دولة القانون، ومن يخطئ يحاسب.
كان حديث الرئيس معنا والزملاء الصحفيين والإعلاميين، فرصة للإجابة عن كثير من الأسئلة المطروحة فى الشارع وتتعلق بالواقع وموقف الدولة مما يجرى على ساحات الحرب والأزمات، وتقدير حجم ما تواجهه مصر من تحديات، وأن للمواطن أن يشعر بالاطمئنان تجاه ما يجرى ويثق أن الدولة تعاملت باستباق مع أزمات أربكت دولا كبرى، الأزمات والدليل أن كل السلع الأساسية متوافرة بصورة كبيرة وأن الإتاحة هى الأهم فى هذا السياق.
تأثيرات تراجعت إلى حدها الأدنى بالنسبة لمصر
إن تأثيرات ما يجرى فى العالم تراجعت إلى حدها الأدنى بالنسبة لمصر، وإن الإصلاح الاقتصادى مكن الدولة من مواجهة اثنتين من أكبر الأزمات العالمية، وهما فيروس كورونا، والحرب بين روسيا وأوكرانيا، وهى أزمات أدت إلى تأثيرات كبيرة فى سلاسل الإمداد والتجارة، وسوق الطاقة، فضلًا عن الأسعار فى كل هذه المجالات، وهى تأثيرات انعكست فى كل دول العالم وبشكل حاد، أدى إلى نقص بل واختفاء السلع فى بعض الدول وتراجع فى أخرى، لكن على مدى الأزمة فإن السلع لم تواجه أى نقص فى مصر، وتوفرت بشكل كبير.
أى متابع لكل هذا الملف يكتشف حجم الجهد المبذول، والمسؤولية الضخمة، وفى نفس الوقت ينتظرون كلاما مطمئنا حول المستقبل، ومن هنا تأتى أهمية حديث الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى لقائه مع الإعلاميين فى توشكى، وحرص فيه على إطلاق رسائل طمأنة للمصريين، وتأكيد أنه يتابع كل ما يطرحه المواطنون فى الشارع، ويتفاعل معه ويتابعه بدقة.
فى تناوله للأزمة الأوكرانية، حرص الرئيس السيسى على تأكيد أن تداعيات الأزمة لها تأثير كبير جدا على الأوضاع الاقتصادية فى العالم أجمع، بما فى ذلك مصر، وأن جهد الدولة لمواجهة تلك التداعيات فى كل الاتجاهات والأهم ألا يتوقف عمل أو مصنع لأن هذا أمن له انعكاسات صعبة، وفى حال إغلاق أى مصنع، ستكون هناك بطالة، وهو ما لن تسمح به الدولة، وجزء مهم من تحرك الدولة ضمان توفر كل مستلزمات الإنتاج واستمرار العمل بالشكل الطبيعى فى كل المجالات.
وحرص الرئيس فى حديثه معنا على شرح موقف مصر من الأزمة سياسيًا، مع وجود موقف دقيق جدًا فى علاقة مصر بكل الأطراف، أكد الرئيس على أن موقف مصر من الأزمة الأوكرانية يتمثل فى محاولة لعب دور إيجابى، لوقف الاقتتال وتشجيع الحل الدبلوماسى، لأزمة ليست فقط ذات تداعيات اقتصادية لكنها تداعيات سياسية وأمنية،
لكن أهم ما أكد عليه الرئيس أن الاقتصاد المصرى الذى صمد فى مواجهة كورونا قادر على الصمود لأنه يمتك مقومات وحصانة بفضل الإصلاح الاقتصادى الصعب الذى تحمله المصريون بشجاعة، من أجل مستقبلهم، وهو الآن يواجه أزمات بقوة وسوف يعبرها.
وأكد الرئيس أنه منذ اللحظة الأولى كان صريحا ومباشرا، ولم يكن يوما مجاملا أو حاجبا للمعلومة فى شرح التحديات فى مصر، وأنها أكبر من أى حكومة وأى رئيس أو حكومة، لكنها ليست أكبر من شعب مصر، وشدد الرئيس أننا يجب أن نسعى إلى تقليص الفجوة بين النمو الاقتصادى والنمو السكانى، وغير ذلك لن نشعر بأى تحسن.
وقال الرئيس السيسى، إن تعداد سكان مصر خلال عام 2011، كان 77 أو 80 مليون مواطن، واليوم أصبحنا 104 ملايين مواطن، وإضافة 20 مليون تعنى المزيد من النسبة النمو، لا يكافئ النمو السكانى مما يخلق الفجوة، ويستلزم جهدًا مضاعفًا، الدولة تسير فى خططها وتسابق الزمن، لهذا حرصت فى السنوات الماضية على ضرورة الانتهاء من الإصلاح بسرعة، لتقليل الفجوة.
الإصلاح الاقتصادى جعل الدولة أكثر قدرة
الرئيس السيسى أكد أن الإصلاح الاقتصادى، جعل الدولة أكثر قدرة على مواجهة الأزمات الاقتصادية، وأن ضبط النمو السكانى سوف يساهم فى أن يشعر المواطنون بتحسن اقتصادى، وتساءل الرئيس: هل المواطن فى الستينات كان يعانى مثل الآن؟ ورد: إن قدرة الدولة ومواردها فى تلك الحقبة كانت متناسبة نسبيا مع حجم السكان، والنمو السكانى حاليًا أصبح أكبر من طاقة عمل الدولة، وأن ضبط الزيادة السكانية ضرورى ليشعر المواطن بتحسن اقتصادى.
ولفت إلى أن الأزمة الاقتصادية بدأت فى أعقاب عام 2011، حيث فقدت مصر جزءا كبيرا من الاحتياطى الأجنبى، وعلى مدى عامين واجهت أزمات وصراعات انعكست سلبا على الاقتصاد، كنا أشبه بمريض لم يعالج بشكل صحيح فتدهورت حالته.. و«دفعنا فاتورة اقتصادية قاسية عندما بدأنا خطة الإصلاح فى نوفمبر 2016، مكنتنا من الصمود أمام الأزمات الحالية، ولولا الإصلاح الاقتصادى لكانت الأوضاع أكثر صعوبة، والإصلاح تم بفضل المصريين وصلابتهم، سجلت مصر معدلات نمو إيجابية خلال أزمة كورونا بلغت ما بين 3.2% و3.8%، ومع بداية العام الحالى 2022 وصل إلى 9%، وهذا المعدل جاء مخالفا للتوقعات العالمية، والدولة تمكنت من توفير جميع السلع الأساسية التى يحتاجها المواطنون، ومنذ 2017 وجهت أن يكون احتياطى السلع الأساسية كافيا لمدة 6 أشهر، ورصدت الموارد المالية اللازمة لتحقيق الهدف، ووزير الزراعة أكد على تحقيق الاكتفاء الذاتى فى الخضراوات والفاكهة».
وأشار الرئيس إلى أن سلاسل الإمداد والنظم الطبيعية للمنتجات التى تخرج للعالم كله سواء كانت زراعية أو صناعية وتكنولوجية، تتأثر بأى خلل يحدث فى دولة واحدة من الدول الكبرى، وصندوق النقد الدولى أكد أن 143 دولة ستتأثر اقتصاديا جراء الأزمات، مؤكدا أن معدلات النمو الاقتصادى فى مصر كانت إيجابية حتى فى ظل أزمة كورونا.
الدولة تعالج جميع القضايا من منظور شامل
وأكد الرئيس أن الدولة تعالج جميع القضايا، من منظور شامل، عكس ما كان فى السابق عندما كانت يتم التركيز على قضايا دون غيرها، مشيرا إلى أن سلاسل التوريد والتخزين كانت غير كافية وقاصرة، لافتا إلى أن الصوامع التى شيدت استوعبت 3.5 مليون طن قمح، ويجب الحفاظ على معدلات الإنتاج وسلاسل التوريد والتخزين، بما يتناسب مع معدلات النمو، والبنية الأساسية للدولة كانت «شديدة التواضع»، لم يكن المواطن يستطيع أن يتحمل نقص الطاقة والكهرباء أو أسطوانة الغاز وغيرها.
ومن بين النقاط اللافتة فى حديث الرئيس مع الإعلاميين كان تأكيده أن الدولة لن تتوقف عن العمل فى مبادرة «حياة كريمة»، وهو تأكيد يمنح الكثير من الأمل، فى أن الدولة لا تتعامل كرد فعل، ولكن كفعل، وأن مبادرة مثل حياة كريمة هى مبادرة دولة لا تتأثر بأزمات عابرة، ولهذا حرص الرئيس السيسى على تأكيد أن الدولة مستمرة فى حياة كريمة، التى تستهدف تحسين الأوضاع المعيشية لـ60 مليون مواطن فى الريف، والتمسك بها هو تمسك بخطط الدولة، مشددا على أن ميزانية حياة كريمة موجودة، وأن الانتهاء منها فى موعدها أمر حتمى لا تراجع عنه، مشددًا على تمسكه بتلك المبادرة وتوفير جميع الموارد المالية اللازمة لتنفيذها، لأن التخلى عنها يبدو نقصا فى التخطيط، والواقع أن حديث الرئيس الحاسم فى التمسك بمبادرة حياة كريمة، هو تأكيد على التمسك بقيم المواطنة وتكافؤ الفرص التى ترسيها الدولة فى الجمهورية الجديدة، وأنه لا يمكن وقف أو تأجيل مشروعات الصرف أو المياه للقرى المحرومة فى الريف، لأن مبادرة «حياة كريمة» لها منظور وطنى وأخلاقى ودينى، وأن المبادرة تعالج غياب التخطيط على مدى 40-50 سنة فى الريف، ما شكل صعوبة أمام المبادرة.
حديث الرئيس السيسى وتأكيده بالاستمرار فى مبادرة حياة كريمة يعنى التزام الدولة بوعدها فى إتمام المبادرة بكفاءة وجودة، وأن الرئيس حريص على استكمال المراحل الثلاث، خلال ثلاث سنوات، لافتا إلى أهمية عنصر الوقت الذى يشكل تحديا فى إنجاح المبادرة، وأكد أن كل مرحلة تبدأ فى موعدها، وأن إتمام هذه المبادرة أمر لا جدال فيه، ولا يمكن ترك أهلنا فى الريف بدون صرف أو مياه، وأن الأمر ليس فقط الإتاحة بمعنى توفر خدمة المياه والصرف والكهرباء والصحة، لكن التوفر مربوط بالجودة، وأن يتم إنجاز كل هذا بجودة عالية.
وكان تأكيد الرئيس، من جهة يؤكد أن الدولة تتحرك بخطط مستمرة، وليس كرد فعل، وأن مبادرة فى أهمية «حياة كريمة» لا يمكن أن يتم وقفها بسبب أزمات عابرة، وأن الدولة تتمسك بخططها وتحركاتها باعتبارها فعلا مستمرا ودور الدولة، وأن التعامل مع أزمة مثل كورونا أو الحرب، تعامل بشكل مخطط واستباقى، لكن هذا لا يعنى وقف مشروعات تغير وجه مصر ليتم توظيف موازناتها فى مصارف أخرى عاجلة. وأكد الرئيس أن مشروع تبطين الترع يتكلف 90 مليار جنيه، وهو ضرورى وأساسى لأنه يوفر ريًا لمئات الآلاف من الأفدنة كانت محرومة، ويساهم فى زيادة الإنتاج وبالتالى فالعائد المادى والمعنوى منه كبير.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة