بخطوات يسكنها الحذر، يحاول السياسي الجمهوري المخضرم مايك بنس ، نائب الرئيس الأمريكي السابق رسم طريقه لخوض سباق انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024 ، أمام صديق الأمس، الرئيس السابق دونالد ترامب، وذلك علي صعيد الانتخابات الداخلية للحزب الجمهوري لاختيار مرشح في تلك المعركة الانتخابية المرتقبة.
وفي الوقت الذي يكتنف فيه الغموض موقف الرئيس الحالي جو بايدن، وما إذا كان سيخوض الانتخابات المقبلة أملاً في الفوز بولاية ثانية ، أم سيتخذ خطوة للوراء لصالح اسماً آخر من رموز الحزب الديمقراطي، بدا واضحاً أن مايك بنس يستعد بقوة في المعسكر المنافس ، ليصطدم مبكراً بطموحات ترامب الذي غادر البيت الأبيض بعد انتخابات مثيرة للجدل.
وغازل بنس الرأي العام الأمريكي بشكل واضح منذ اندلاع الحرب الأوكرانية في 24 فبراير الماضي، فبخلاف ترامب الذي لم يخجل من الإشادة بالرئيس الروسي فلادمير بوتين في بداية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، شن بنس هجوماً حاداً علي بوتين ، كما حرص علي اجراء زيارة للحدود الأوكرانية ـ البولندية لإظهار الدعم وعبر الحدود داخل أوكرانيا وساعد في توصيل المساعدات لتدفق اللاجئين الذين كانوا يفرون من الحرب.
وذكر تقرير نشرته وكالة الاسوشيتدبرس إن بنس يحاول أن ينأي بنفسه عن رئيسه السابق دونالد ترامب مع تفكيره فى الترشح لخوض سباق البيت الأبيض 2024، مشيرة إلى أن بنس التزم الصمت من قبل عندما تفاخر ترامب باعتدائه جنسيا علي النساء، وأشاد بأداء إدارته في التعامل مع وباء كورونا ، لكنه وبعد احداث ليلة 6 يناير، حينما اقتحم أنصار ترامب الكونجرس الأمريكي لعرقلة التصديق علي فوز الرئيس الحالي جو بايدن في الانتخابات الأخيرة ، تخلي بنس عن صمته.
وفى الشهر الماضى، هاجم بنس ترامب بالاسم، وقال إن الرئيس السابق كان مخطئا فى إصراره على أنه لديه السلطة بشكل أحادى الجانب لإلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية 2020، وهى السلطة التي لا يملكها نائب الرئيس.
وفى خطاب منفصل أمام المانحين الجمهوريين، حث بنس الحزب على تجاوز مظالم ترامب فى 2020 وأعلن أنه لا مكان فى هذا الحزب للمدافعين عن فلاديمير بوتين بعدما أشاد ترامب بمناورة الرئيس الروسى باعتبارها عبقرية قبل أن يقوم بغزو أوكرانيا.
وترى الوكالة أن التحركات تظهر كيف أن بنس، عضو الكونجرس وحاكم إنديانا السابق، يعمل لصياغة هوية سياسية مستقلة عن ترامب، وتحمل هذه الاستراتيجية مخاطر كبيرة فى حزب لا يزال يهيمن عليه ترامب وأكاذيبه بشأن سرقة انتخابات 2020. لكن لو تجاوز بنس هذه اللحظة، فإنه يمكن أن يقدم نموذجا للجمهوريين للاستفادة من عملهم مع ترامب دون أن يكون مرتبطين بسلوكه "السام" الذى أضر الحزب فى الناخبين بمناطق الضواحى الذين عادة ما يحسمون نتيجة الانتخابات.
وقال مارك شورت، الذى عمل رئيسا لموظفى بنس فى البيت لأبيض عن تحركاته الأخيرة: عندما تكون فى دور نائب الرئيس، فإن هناك فرص محددة يوفرها المنصب، وهناك قيود محددة، وعليك أن تتبنى هوية مختلفة لهذه السنوات الأربع لأن عملك هو دعم الرئيس وما يفعله.
ويشدد المساعدون على أن بنس، الذى أمضى سبع عقود فى السياسات المحافظة قبل أن ينضم لترامب فى عام 2016 كان لديه مجموعة من الآراء والمبادئ التي تمسك بها، والتي اختلفت عن تلك الخاصة بترامب. ويتوقعون أن يستحضرها، منها معارضته القوية لحقوق الإجهاض، مع مساندته للجمهوريين الذين يخوضون الانتخابات النصفية هذا العام.
ونقلت الوكالة عن مقربون من بنس أن الأخير طالما كان منتقدا لبوتين، حيث قال القس فرانكلين جراهام، الإنجيلى ورئيس منظمة الإغاثة المسيحية التي نظمت رحلة بنس إلى الحدود الأوكرانية، إن التطور الذى يحدث لنائب الرئيس السابق طبيعى. وتابع: الناس الآن يرون مايك بنس الحقيقي، فعندما كان نائباً لترامب التزم بخط الأخير والمنصب حتم عليه ذلك. لكن الآن، فإن الناس ترى بنس الحقيقى ومواقفه الحقيقية وما يقوله حقا، فهو لا يكرر ما يقوله الرؤساء، ولكنه يقول ما يؤمن به، ويتحدث باسم نفسه وليس باسم الرئيس ترامب.
وحرص بنس خلال الشهر الأخير على إجراء زيارات متتالية لولايات مختلفة ، كما ألقي العديد من الخطابات لدعم المرشحين الجمهوريين في انتخابات التجديد النصفية خاصة في ولايات التصويت المبكر، وفى الأشهر المقبلة يخطط ـ بحسب مصادر تحدثت لاسوشيتدبرس ـ لزيارة عودة إلى ولاية أيوا، التي تنطلق منها أول سباقات الترشيح في الانتخابات الرئاسية، وأيضا زيارتى لثاوث كارولينا، وهى من ولايات التصويت المبكر أيضا.
وبخلاف زيارة أوكرانيا وجولات الداخل الأمريكي، تظل الزيارة الأبرز التي قام بها بنس في الآونة الأخيرة للأراضي المحتلة ، والتي كشفت تفاصيلها منتصف مارس الجاري وكالة الاسوشيتدبرس، حيث تفقد ضريح النبي إبراهيم في موقع مقدس يسمى كهف البطاركة ومجاور لمستوطنة يهودية يعيش فيها مئات المستوطنين المتشددين تحت حماية الجيش في قلب مدينة يسكنها أكثر من مئتي ألف فلسطيني.
ورافق السفير الإسرائيلى السابق لدى الولايات المتحدة رون ديرمر بنس خلال زيارته وقال عنه إنه :يحب إسرائيل بقلبه وعقله وروحه". وبعد أن زار بنس الحائط الغربى، صرح بأن "نجاح إسرائيل وازدهارها وأمنها سيظل دائما الأولوية للأغلبية الساحقة من الشعب الأمريكي".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة