تأسرك كحورية ساحرة ناعمة تزهر بروحها وبريقها، كطير يشع جمالا بألوان الحياة يحلق ويسمو بين النجوم، كفراشة عاشقة تتراقص وتتدلل برشاقة وخفة لتنثر أحلامها وآمالها الحرة، تعزف موسيقى الحياة والأمل بأناملها الساحرة وحسها المرهف، تاركة نغماتها ترتب وقع خطواتها.
نهى جمال.. فتاة عشرينية أصرت وعزمت على المواصلة نحو تحقيق حلمها الذى راودها منذ الطفولة دون يأس أو استسلام، أثبتت أن لا شيء مستحيل طالما نحيا بالعزيمة والإرادة، فتحدت صاحبة الأمل فقدانها للبصر منذ طفولتها، وقررت البحث عن هواية تتيح لها الفرصة للتميز والإبداع، فقهرت الظروف وكسرت الحواجز وصنعت لنفسها مستقبلا باهرا فى عالم الفن، باحترافها العزف على آلة الأورج، وإجادتها لرقص الزومبا، لتصبح أول مدربة زومبا من المكفوفين فى مصر، متخذة من الموسيقى والفن اللذان عشقتهما منذ طفولتها سبيلا ومتنفس لها تعبر بهما عن أحلامها وآمالها.
وقالت نهى جمال، الطالبة بكلية الآداب جامعة القاهرة لـ"اليوم السابع"، إنها عاشت رحلة طويلة من العلاج، عانت خلالها من التعب والألم وعمرها لا يتجاوز الـ11 عاما، حيث شعرت فجأة بألم حاد فى الرأس، اكتشفت حينها بعد مراجعة الأطباء، إصابتها بالتهابات حادة فى القزحية، مضيفة أنها استمرت لخمس أعوام فى رحلة علاج وعمليات جراحية دون جدوى، فظلت حالتها الصحية تتدهور عاما بعد عام حتى وصل الالتهاب للعصب البصرى، مما أفقدها حاسة البصر تماما فى الخامسة عشر من عمرها.
وأوضحت أن تلك الانتكاسة لم تكن سهلة عليها، فبعد فقدانها لبصرها حزنت وتألمت بشدة، وفى لحظة ما قررت أن تتجاوز أحزانها وتكمل حياتها ودراستها، باحثة عن السبيل الذى يميزها ويجعلها مختلفة عن الآخرين، مشيرة إلى أن فقدانها للبصر لم يكن عائقا أمام تحقيق أحلامها فى التفوق والنجاح، فدفعتها رغبتها فى التميز، لاستكمال تعليمها فى كلية الآداب جامعة القاهرة عن طريق التعليم المدمج، أبرزت خلالها تفوقها وتميزها العلمى، كما دفعها حبها الشديد للموسيقى والفن، وامتلاكها لأذن موسيقية وإحساس مرهف، أن تداوم على حضور حفلات قصر الثقافة فى مدينة المنصورة، التى كانت تحسن من مزاجها وتهدئها وتسعدها، وتأخذها لعالم بعيد يشعرها بوجودها وكيانها.
وقالت إنها فى الـ19 من عمرها قررت أن تتعلم العزف على آلة الأورج، وفى غضون 6 أشهر احترفت العزف عليه بمساعدة أساتذتها فى قصر الثقافة، وأصبحت عازفة كورال قصر ثقافة الطفل، وشاركت فى العديد من الحفلات والمسابقات، التى حصدت خلالها على المراكز الأولى، كما اتجهت لتعليم الأطفال فن العزف على الأورج، موضحة أن عشقها للموسيقى هو ما ساعدها على تعلم العزف بشكل سريع جدا، والإبداع فى عزف مقطوعات موسيقية مختلفة ومتنوعة.
وأشارت إلى أن احترافها لرقص الزومبا جاء بمحض الصدفة، حيث لاحظت خلال فترة علاجها فى الـ12 من عمرها، تعرضها لزيادة طفيفة فى الوزن بسبب احتواء أحد أدويتها على مادة الكورتيزون، والذى تسبب بدوره فى دخولها فى نوبة اكتئاب، فقررت أن تخفض وزنها بممارسة العديد من الرياضات كالأيروبكس والكاراتيه والسويدى، مضيفة أن فترة ممارستها للرياضة جعلتها تحب الرياضة وتبحث فيها عن كل ما هو صعب ومميز، ويفيدها صحيا ونفسيا لتمارسه وتتعلمه، ففى سن الـ15 عاما اتجهت لتعلم رقص الزومبا، الذى يتمثل فى حركات رياضية صعبة تمارس مع الإيقاع والموسيقى، ومع الوقت احترفته وأصبحت تدربه فى إحدى الصالات الرياضية بمدينة المنصورة.
وأوضحت أنها استطاعت بمفردها أن تتعلم رقص الزومبا، معتمدة على أذنها الموسيقية وإحساسها وتوجيه والدتها لها فى بعض الحركات البسيطة والسهلة، حيث كانت توجهها لأن تحرك يداها اليمنى مع ساقها الأيسر، أو أن تتحرك خطوتين للأمام أو إلى الخلف أو إلى اليمين وهكذا وفقا للحركات التى تشاهدها بمقاطع الفيديو، بينما الحركات الصعبة المتداخلة لم تكن والدتها قادرة على إيصالها لها، فكانت تسمع الموسيقى بمفردها وبإحساسها تنجح فى ترجمة ما تسمعه إلى حركات رقصة الزومبا، مستعينة بسجادة صغيرة ترسم لها حدود حركتها فى المكان، مشيرة إلى أنها مع الوقت تمكنت من تصميم حركات جديدة لرقصة الزومبا، وهنا كان الفن والتميز الذى نجحت فى تحقيقه كونها استطاعت أن تبتكر حركات رياضية صحيحة للزومبا، فضلا عن نجاحها فى تدريبها وتعليمها للناس.
وأكدت على أنها فخورة بما حققته بعزيمتها وإرادتها، وما وصلت إليه من نجاح وعمرها لا يتجاوز الـ25 عاما، فكانت تبحث دوما عن التحدى والتميز، وما يتيح لها الفرصة لإثبات ذاتها، مشيرة إلى أنها ستسعى لأن تحقق حلمها فى افتتاح صالة رياضية كبيرة تتيح لها الفرصة لتصميم رقصات جديدة، تعلم من خلالها الناس فنون الرقص المختلفة.
نهى جمال تحدت فقد البصر وأصبحت أول مدربة زومبا من المكفوفين (12)
نهى جمال تحدت فقد البصر وأصبحت أول مدربة زومبا من المكفوفين (13)
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة