توقعات بزيادة صادرات مصر من الغاز الطبيعى إلى مليار دولار شهريا بداية من العام المقبل بعد الوصول إلى الاكتفاء الذاتى.. ومؤشرات بزيادة الإنتاج المصرى بعد مزايدة عالمية فى 12 منطقة بالبحر المتوسط ودلتا النيل
الخطط الاستثمارية الحالية والمستقبلية للبحث والاستكشاف فى مياه البحر فى شرق وغرب المتوسط حتى عام 2025 تنبئ بالجديد فى زيادة مخزون واحتياطيات مصر من الغاز، كما جاء فى اجتماع الخميس الماضى للرئيس عبدالفتاح السيسى مع الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء، والمهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية، لمتابعة جهود الدولة للبحث والاستكشاف فى مجال الغاز الطبيعى والبترول.
وجه الرئيس بتكثيف جهود البحث وتوسيع رقعة مناطق الاستكشافات الجديدة، سعيًا لتحقيق الاستغلال الاقتصادى والتنموى الأمثل لموارد مصر وتعظيم الاحتياطيات المضافة من الغاز الطبيعى، بهدف تلبية احتياجات السوق المحلى، وزيادة التصدير لدعم الناتج القومى.
هناك توقعات متفائلة، وفقًا للنتائج الأولية، بأن يسفر البحث عن اكتشافات واعدة من شأنها دعم الاقتصاد الوطنى، علاوة على ترسيخ مكانة مصر كمركز إقليمى لإنتاج وتداول الطاقة، وباشتراك كبرى شركات الطاقة العالمية وبإجمالى استثمارات حوالى 2.1 مليار دولار، أنشطة البحث والاستكشاف التى تقوم بها مصر فى البحر المتوسط- كما أكدت القيادة السياسية المصرية- تتم وفقًا لمبادئ وأعراف القانون الدولى واتفاقيات الأمم المتحدة الحاكمة لأنشطة إدارة الدول لمواردها الطبيعية أعالى البحار.
ومنذ أيام، أعلنت مصر عن طرح مزايدة عالمية للتنقيب عن النفط والغاز فى 12 منطقة بالبحر المتوسط ودلتا النيل بواقع 6 مناطق بحرية ومثلها برية بعد أيام من ترسيم حدودها البحرية الغربية.
تمثل منطقة البحر المتوسط النصيب الأكبر من إنتاج الغاز الطبيعى بمصر بنسبة 62% تليها دلتا النيل بنسبة 19% ثم الصحراء الغربية بنسبة 18%، وذلك من خلال 20 شركة وطنية، وشركات أجنبية كبرى أهمها إينى الإيطالية، أباتشى الأمريكية، بى بى الإنجليزية وشل الهولندية.
وقد تم مؤخرًا تحقيق العديد من اكتشافات الغاز الطبيعى العملاقة، لتلبية احتياجات السوق المحلى المتزايدة ومنها نورس بدلتا النيل، وكشف شمال الإسكندرية وغرب دلتا النيل بالبحر المتوسط، وكشف ظهر الذى يعتبر أكبر كشف غاز طبيعى بالبحر المتوسط ومن أكبر اكتشافات الغاز الطبيعى بالعالم.
نجح قطاع البترول فى الـ5 سنوات الماضية فى تحقيق زيادة غير مسبوقة فى الإنتاج، حيث ارتفع المتوسط اليومى للإنتاج من حوالى 4 مليارات قدم مكعب يوميا خلال عام 2015 حتى وصل إلى حوالى 7.1 مليار قدم مكعب يوميا، وتم تحقيق الاكتفاء الذاتى فى سبتمبر 2018
تاريخيًا، فقد تم اكتشاف أول حقل برى للغاز فى منطقة أبوماضى فى دلتا النيل عام 1967 من قبل شركة بلاعيم للبترول، الذى كان بداية الاستكشافات الكبرى للغاز الطبيعى فى مصر، وتبعه اكتشاف حقل أبوقير البحرى فى البحر المتوسط فى عام 1969، وهو أول حقل بحرى للغاز الطبيعى فى مصر، ثم حقل أبوالغراديق فى الصحراء الغربية فى عام 1971.
وفى السنوات الخمس الأخيرة، حققت مصر طفرة غير مسبوقة فى مؤشرات الغاز الطبيعى- وفقا لمجلس الوزراء- حيث سجل معدل نمو قطاع الغاز 4 % بشكل مبدئى خلال العام المالى 2021-2022، وزاد إنتاج الغاز الطبيعى فى مصر بنسبة 66.3% ليسجل 69.2 مليار متر مكعب فى عام 2021-2022، مقابل 41.6 مليار متر مكعب عام 2015-2016.
توضح الأرقام ارتفاع معدلات التصدير من الغاز الطبيعى والمسال، حيث زادت قيمة صادرات مصر منهما أكثر من 13 ضعفا، لتبلغ 8 مليارات دولار عام 2021-2022، مقابل 0.6 مليار دولار عام 2013-2014، موضحة أن الزيادة فى كمية صادرات الغاز الطبيعى والمسال بلغت نحو 4 أضعاف، حيث سجلت 7.2 مليون طن عام 2021-2022، مقابل 1.9 ملايين طن عام 2013-2014.
كانت الحكومة قد بدأت فى الصيف الماضى- تحديدا فى شهر يوليو- تطبيق خطة لترشيد استهلاك الكهرباء بهدف زيادة صادرات مصر من الغاز، وهو ما أدى- وفقا لرئاسة الوزراء- إلى ارتفاع الصادرات، حيث تم تصدير شحنتين إضافيتين من الغاز الطبيعى بجانب الكميات المعتادة، بهدف الاستفادة من العملة الصعبة.
وحتى الأشهر الـ5 الأولى من العام الجارى، صدرت مصر 4.7 مليار متر مكعب، وكانت قد صدرت 8.9 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعى المسال العام الماضى.
العائد المادى من زيادة قيمة الصادرات من الغاز الطبيعى والمسال وصل إلى 8 مليارات دولار خلال العام المالى 2021/2022، بزيادة أكثر من 13 ضعفا منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال العام 2013/2014، كما تضاعف إنتاج الغاز ليسجل 69.2 مليار متر مكعب خلال العام المالى الماضى.
وتستهدف مصر- وفقا لوزير المالية الدكتور محمد معيط- زيادة صادرات الغاز إلى مليار دولار شهريا، بداية من العام المقبل 2023، وتقدر الصادرات فى الوقت الحالى بحوالى 600 مليون دولار، وكما صرح وزير المالية، فإن مصر تستهدف المزيد من الاستثمارات التنموية خاصة فى المشروعات الخضراء، بما فيها الهيدروجين الأخضر، من خلال العمل الجاد على تمكين القطاع الخاص المحلى والأجنبى من قيادة قاطرة النمو الاقتصادى المستدام والغنى بالوظائف، من أجل توفير مليون فرصة عمل سنويًا، مشيرا إلى أن قطاع النفط سجل فوائض بنحو 5 مليارات دولار، بينما تبلغ صادرات مصر من الغاز الطبيعى شهريًا 600 مليون دولار، وتستهدف الحكومة زيادتها إلى مليار دولار فى يناير المقبل، علاوة على ارتفاع الصادرات غير البترولية بنسبة 30% سنويًا.
يرجع خبراء ومتخصصون فى قطاع الغاز والبترول زيادة عائدات مصر من الغاز إلى استغلالها الارتفاع العالمى لأسعار الغاز لمستويات قياسية، وتشغيل محطتى الإسالة بدمياط وإدكو لتوجيه الغاز المسال إلى الدول الأوروبية لتعويض الغاز الروسى، وكما قال المهندس طارق الملا وزير البترول، فإن مصر استفادت من الزيادة العالمية فى أسعار صادرات الغاز الطبيعى المسال لتعوض جزئيا الارتفاع الكبير فى أسعار البترول العالمية، وتتبنى مصر استراتيجية تهدف إلى التحول لمركز إقليمى لتجارة وتداول الغاز، وتقوم هذه الاستراتيجية على تنمية الحقول القائمة، وبحث واكتشاف حقول جديدة من خلال إبرام تعاقدات مع كبرى الشركات فى هذا المجال، إضافة إلى تطوير شبكة البنية التحتية من موانئ ونقل ومحطات الإسالة لتصدير الفائض من إنتاجها ومن إنتاج الدول المجاورة.
يشير الخبراء إلى أن صادرات مصر من الغاز الطبيعى المسال بدأت فى التحسن منذ عام 2014، حيث نجحت فى زيادة إنتاجها من الغاز الطبيعى، ونجحت أيضا فى فبراير من العام الماضى فى حل النزاع مع الشريك الأجنبى بمحطة إسالة الغاز بدمياط، وتصدير أول شحنة غاز بعد توقف دام سنوات، مستغلة ارتفاع أسعاره عالميًا لمستويات قياسية لتصدر بمتوسط 75 دولارا للمليون وحدة حرارية، ومع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وجهت مصر الجزء الأكبر من صادراتها إلى الدول الأوروبية من بينها فرنسا وإيطاليا لتعويض نقص الغاز الروسى.
تشير الإحصاءات العالمية إلى أن موقع مصر فى إنتاج الغاز الطبيعى ارتفع من المركز الـ19 عالميًا عام 2015، إلى المركز الـ13 عالميا والثانى أفريقيا عام 2021، وفقا لبيانات شركة بريتيش بتروليم، وتحولت من دول مستوردة للغاز بين أعوام 2015 حتى 2017 إلى الاكتفاء الذاتى واستئناف التصدير فى سبتمبر عام 201، إضافة إلى كل ذلك، الاتفاقية الموقعة بين مصر والاتحاد الأوروبى لزيادة حجم صادراتها لدول القارة الأوروبية، وبالتالى زيادة موارد الدولة من النقد الأجنبى.
وبحسب بيانات حكومية، فقد ارتفع سعر الغاز من 3.8 مليون دولار لكل مليون وحدة حرارية فى عام 2020 إلى 17.2 دولار فى عام 2021، وإلى ما يقرب من 40 دولارا خلال الربع الثالث من عام 2022.
كانت مصر قد وقعت اتفاقية مع شركة إينى الإيطالية، لزيادة معدلات إنتاج الغاز محليًا على المدى القصير، وتوفير شحنات من الغاز المسال للتصدير من مصنع إسالة الغاز بدمياط إلى إيطاليا أو أوروبا، لتعويض جزء كبير من الغاز الروسى لأوروبا- كما يؤكد الخبراء- من خلال تصدير الغاز المكتشف فى المياه العميقة بحقول ساحل البحر المتوسط عبر مصنعى الإسالة فى مصر.
عادل السنهورى
p
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة