فشلت دعوة رئيس مجلس النواب اللبنانى نبيه برى للحوار بين الكتل النيابية والنواب المستقلين للوصول إلى توافق حول انتخاب رئيس جديد للبلاد والتى أطلقها يوم الخميس الماضى فى نهاية الجلسة التاسعة لانتخاب الرئيس، وهو ما دعا برى للدعوة إلى عقد جلسة غدا لمجلس النواب لتكون العاشرة والأخيرة خلال هذا العام لانتخاب الرئيس في ظل استمرار الانقسام الذي يعرقل حصول مرشح على الأغلبية اللازمة للوصول إلى قصر الرئاسة ببعبدا، إذ يتطلب ذلك حصد 86 صوتا من بين أصوات 128 نائبا في المجلس النيابي، وهي الحصة التي لا يمتلكها فريق سياسي واحد أو أى تحالف داخل البرلمان.
وتباينت ردود أفعال القوى السياسية اللبنانية حيال دعوة برى الثانية للحوار، حيث جاء رفض الحوار من قبل أكبر كتلتين مسيحيتين في المجلس النيابى واللاتين تنتميان لنفس المرجعية الدينية وهى المسيحية المارونية التي يتعين أن يتم انتخاب رئيس للجمهورية من بين أحد أبنائها.
وأيد الدعوة من الفريق المحسوب على قوى 8 آذار (المكون من كتلتي الثنائي الشيعي وكتلتي التيار الوطني الحر وتيار المردة) الفريق السياسي لرئيس مجلس النواب في كتلة التنمية والتحرير (15 نائبا) وحليفها الشيعي كتلة الوفاء للمقاومة (15 نائبا) وحليفهما المسيحي الماروني كتلة تيار المردة (3 نواب) فيما عارضها الحليف المسيحي الأكبر داخل التيار وهو الكتلة النيابية للتيار الوطني الحر (الفريق السياسي لرئيس الجمهورية السابق ميشال عون ولها 19 نائبا تقريبا).
فيما أيد دعوة بري للحوار من الفريق المحسوب على قوى 14 آذار (المكونة من الكتل النيابية لحزب القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي وحزب الكتائب وكتل سنية) كل من كتلة الحزب التقدمي الاشتراكي (8 نواب) وكتلة حزب الكتائب (4 نواب) وتكتل الاعتدال الوطني (6 نواب) وعدد من النواب السنة المستقلين، فيما عارض الدعوة للحوار حزب القوات اللبنانية (20 نائبا تقريبا) وهي الكتلة النيابية المسيحية الأكبر داخل مجلس النواب. كما تباينت مواقف المستقلين من الدعوة للحوار حيث أيدها القسم الأكبر منهم.
وحدد الدستور اللبناني إجراءات انتخاب الرئيس الجديد من قبل مجلس النواب بأعضائه البالغ عددهم 128 عضوا، حيث نصت المادة 49 على أن انتخاب رئيس الجمهورية يتم بالاقتراع السري بأغلبية الثلثين من مجلس النواب في الدورة الأولى (86 صوتا من بين 128 نائبا)، فيما يكتفى بالغالبية المطلقة (65 نائبا) في الجولة الثانية للانتخاب في ذات الجلسة بشرط حضور 86 نائبا على الأقل في الجولة.
وتقتضي الأعراف السياسية بلبنان أن يتولى منصب رئيس الجمهورية أحد أبناء الطائفة المسيحية المارونية والتي تعد الطائفة المسيحية الأكبر في لبنان. ويضم البرلمان اللبناني 34 نائبا من الطائفة المارونية موزعين على 4 كتل نيابية إلى جانب عدد من المستقلين، حيث تأتي كتلة حزب القوات اللبنانية الذي يترأسه سمير جعجع كأكبر كتلة مسيحية وتضم الكتلة 20 نائبا (مارونيون وآخرون)، فيما تأتي تاليا الكتلة النيابية للتيار الوطني الحر والتي تضم 19 نائبا (مارونيون وغيرهم)، وهو الفريق السياسي لرئيس الجمهورية الحالي ميشال عون ويرأسه النائب جبران باسيل صهر رئيس الجمهورية، كما تتواجد كتل صغيرة من بينها كتلة حزب الكتائب اللبنانية برئاسة النائب سامي الجميل (4 نواب) وكتلة تيار المردة (3 نواب) والذي يترأسه المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية سليمان فرنجية. ورغم المرجعية الدينية الواحدة لهذه الكتل، إلا أنها لا تتفق على مرشح واحد تدعمه لرئاسة الجمهورية، بل تنتمي كتلتا القوات اللبنانية والكتائب إلى قوى 14 آذار المؤيد لحصر السلاح بيد الدولة حفاظا على سيادتها، بينما تنتمي كتلتا التيار الوطني الحر وتيار المردة لتيار 8 آذار .
وتبنت كتلتا حزب القوات وحزب الكتائب ترشيح النائب ميشال معوض منذ الجلسة الأولى وذلك ضمن تحالف بلغ عدد أعضائه حتى الآن 45 نائبا، فيما ظل التيار الوطني الحر (الفريق السياسي لرئيس الجمهورية اللبنانية الحالي ميشال عون) وكتلة المردة بالتحالف مع الثنائي الشيعي على موقفهم بالتصويت بورقة بيضاء (أقصى عدد وصلت له 63 صوتا) على مدار 8 جلسات أجريت فيها الانتخابات – بخلاف جلسة لم يجر فيها الانتخابات بسبب فقدان النصاب القانوني.
وما بين الفريقين، تبنى عدد من نواب قوى التغيير أسماء أخرى من بينهم عصام خليفة (أقصى عدد وصل له 10 أصوات) وزير الداخلية الأسبق زياد بارود (أقصى عدد: 3 أصوات) والنائب السابق صلاح حنين (أقصى عدد: صوتان) الذي أعلن قبل أيام ترشحه رسميا قبل أيام.
جدير بالذكر أن الرئيس السابق ميشال عون تولى رئاسة الجمهورية اللبنانية في الحادي والثلاثين من شهر أكتوبر عام 2016 بعد فراغ رئاسي دام قرابة 29 شهرا عقد خلالها مجلس النواب اللبناني 46 جلسة لانتخاب الرئيس الجديد خلفا للرئيس السابق ميشال سليمان الذي انتهت ولايته في مايو عام 2014.
ويستمر رئيس الجمهورية في منصبه لست سنوات ولا تجوز إعادة انتخابه إلا بعد ست سنوات لانتهاء ولايته ولا يجوز انتخاب أحد لرئاسة الجمهورية ما لم يكن حائزا على الشروط التي تؤهله للنيابة وغير المانعة لأهلية الترشيح، كما لا يجوز انتخاب القضاة وموظفي الفئة الأولى، وما يعادلها في جميع الإدارات العامة والمؤسسات العامة وسائر الأشخاص الاعتبارية في القانون العام، مدة قيامهم بوظيفتهم وخلال السنتين التاليتين لتاريخ استقالتهم وانقطاعهم فعلیًا عن وظيفتهم أو تاريخ إحالتهم إلى التقاعد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة