حرصت كثير من الفنانات المغربيات المشاركات في الدورة الـ19 لـ مهرجان مراكش الدولي للفيلم على ارتداء الزي التقليدي المغربي (القفطان) خلال الحضور والمشاركة في فعاليات المهرجان بدءا من حفل الافتتاح الذي انطلق يوم الجمعة الماضية مرورا بعروض الأفلام وحضور الندوات التي تعقد ضمن أعمال المهرجان .
وحضر القفطان المغربي بقوة طوال أيام المهرجان حتى الآن، ولم يقتصر ارتداء القفطان على الفنانات الحاضرات فعاليات المهرجان فحسب، بل حرصت كثير من السيدات والفتيات صغيرات السن على الحضور إلى المهرجان بهذا الزي التراثي، بل أن الفتاة الصغيرة التي شاركت بفيلم "ملكات" للمخرجة ياسمين بن كيران حرصت على ارتداء القفطان أثناء حضورها عرض الفيلم، وأثناء تواجدها بأروقة المهرجان .
والقفطان المغربي هو زي محلي تقليدي ترتديه النساء المغربيات في معظم المناسبات الدينية والوطنية وحفلات الزفاف، وحتى في حفلات الختان للأطفال تحرص السيدات والفتيات ارتداء هذا الزي التقليدي تعبيرا عن الفرحة ورمزا للأناقة وإبراز جمال المرأة، وحرصا منهن على الارتباط بالتراث التقليدي وتعبيرا عن الهوية والانتماء .
وتطورت صناعة القفطان المغربي النسائي، ففي القرن 16 كان مصنوعا من الصوف الأزرق أو القماش الحريري ويتم تزيينه بخيوط ذهبية، وكان بلا أكمام ومغلقا بأزرار ذهبية، وكان يتم ربطه بحزام أو "مضمة" وهي عبارة عن وشاح حريري محلى باللآلئ، ومكملا بغطاء ذهبي طويل، يصل إلى الأرض.
وتعود جذور القفطان المغربي إلى القرن الـ 12 ميلادي في عهد دولة الموحدين، حيث تم صنع هذا الزي المغربي انطلاقا من زي القبائل المغربية وتم مزجه مع منسوجات تراثية قديمة كانت موجودة بمدينة فاس القديمة، حيث كانت مدينة فاس موقعا صناعيا تضم الكثير من مصانع النسيج وصناعة الملابس .
والقفطان المغربي هو القطعة الأساسية للمرأة المغربية في جميع المناسبات، ولم يزعزعه عن عرشه أرقى علامات الموضة العالمية لفساتين السهرة، وظل متربعا حتى الآن على عرش أناقة المرأة المغربية، وهو عبارة عن ثوب طويل بأكمام طويلة يعتمد في صنعه على أقمشة فاخرة كثوب البروكار، الموبرا أو المخمل، الحرير، جوهرة والثليجة المغربية ويتم تزيينها بالتطريز اليدوي المغربي، ويتنوع وفقا للمنطقة التي يتواجد بها، فهناك القفطان الرباطي (نسبة إلى مدينة الرباط) أو الفاسي (نسبة إلى مدينة فاس) أو التطواني (نسبة إلى مدينة تطوان) أو الشاوني (نسبة إلى مدينتي شفشاون أو الشاون)، ويعتمد معظمه في تطريزه على خيوط الذهب، والحرير أو الفضة إضافة إلى تزيينه بالأحجار الكريمة والعقيق .
وظلت المرأة المغربية حريصة على اقتناء هذا الزي رغم ارتفاع سعره وتكلفته إلى جانب الحرص على ارتدائه في جميع المناسبات الاجتماعية والوطنية والدينية جيلا بعد جيل، إلى أن تطورت صناعته وأشكاله وتفنن المصممون في إضفاء لمسات جمالية عليه ليتناسب مع العصر، ويقبل أن يتحول من المحلية إلى العالمية خلال حقبة الثمانينيات والتسعينيات حيث بدأت دور الأزياء العالمية تستوحي بعض تصميماتها العصرية اعتمادا على هذا الزي التقليدي التراثي .
وأكدت الفنانة فاطمة الجوهري أنه يجب الاهتمام بهذا الزي الوطني وله مكانة خاصة لدى الجميع باعتباره رمزا وطنيا تراثيا، فيما تعتبر الفنانة ابتسام العروسي أن القفطان المغربي هو رمز وطني ويمثل الهوية المغربية ومن هنا يأتي الحرص على اقتنائه وارتدائه في كافة المناسبات تعبيرا عن التمسك بهذه القيم الوطنية والتراثية التي نشأنا عليها .
وقالت المخرجة المغربية ياسمين بن كيران إن القفطان يعبر عن التراث المغربي، وعراقته وأنها حريصة على ارتدائه في كل المناسبات تعبيرا عن التمسك بهذا التراث إلى جانب أنه يضفي لمسة جمالية نظرا لتميزه .
واعتبرت الفنانة منى فتو أن الزي الوطني يمثل الفخامة، ويعتبر رمزا مغربيا ويضفي أناقة ولمسة جمالية للمرأة المغربية وهو يمثل الهوية الوطنية، وقالت "إنني مثلما أحب الظهور بهذا الزي ومثلما أحب إطلالاتي به فإن الجمهور يحب ذلك أيضا" .
من جهتها، قالت الممثلة فرح الفاسي إن القفطان المغربي حاضر في جميع المناسبات ونحن جميعا نحرص عليه كقيمة وطنية تراثية نحافظ على استمرارها .
واستطاع القفطان المغربي "الزي التقليدي" الحفاظ على مكانته داخل المجتمع المغربي رغم التطور الذي شهده عالم الأزياء عالميا ومواكبة المواطنين لهذه التطورات على مر العصور والأزمنة حيث يحرصون على ارتدائه في المناسبات الوطنية والأعياد وفي المناسبات التقليدية.
ويرى المتخصصون أن القفطان المغربي يعبر عن ثقافة وجمالية رفيعة المستوى، تبرز مكانته، فهو رمز للعادات والتقاليد الخاصة بكل إنسان مغربي، وموضة متميزة تبرز في كل قفطان، وتصميم القفطان المغربي يتطلب معرفة عميقة بالتاريخ والتراث وله صناعه ومصمموه الذين أصبحوا ينافسون على المستوى العالمي ويشاركون في مهرجانات خاصة بالأزياء في عواصم الموضة العالمية .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة