تحرك الفريق سعد الدين الشاذلى، رئيس أركان الجيش المصرى إلى الجبهة صباح 8 أكتوبر، مثل هذا اليوم، 1973، كان تحركه هو الأول منذ اندلاع الحرب على الجبهتين المصرية والسورية ضد إسرائيل يوم 6 أكتوبر، يذكر «الشاذلى» فى مذكراته «حرب أكتوبر»، أنه بدأ رحلته بزيارة اللواء سعد مأمون قائد الجيش الثانى، ثم تحرك إلى الفرقة الثانية مشاة، ومنها إلى قيادة الجيش الثالث، ثم إلى الفرقة السابعة مشاة، ثم عاد فى نهاية النهار إلى مركز 10.
يؤكد أنه رأى الضباط والجنود فى قمة السعادة ويتمتعون بروح معنوية عالية، على الرغم من المجهودين الذهنى والجسمانى اللذين تحملوهما خلال الـ24 ساعة الماضية التى تخللتها ليلتان متتاليتان دون نوم، يضيف أنه التقى العميد حسن أبوسعدة - قائد الفرقة الثانية مشاة - فى مركز القيادة المتقدم للفرقة، وكان يستعد لملاقاة المنتظر من العدو، وكان يتمتع بروح معنوية عالية، وواثقا من أنه سينجح فى صد العدو.
يضيف: «توجهت لزيارة أحد مواقع خط بارليف المواجه لمدينة الإسماعيلية، كان الموقع حصنا منيعا، وسقط فى أيدينا فجر يوم 8 أكتوبر، أى قبل ساعات قليلة من زيارتى له، كان هذا الموقع نفسه الذى نظرت إليه قبل بدء العمليات بـ24 ساعة، للتعرف على ما إذا كان العدو أحس باستعداداتنا للهجوم، أم لا؟ ما أغرب هذا الشعور الذى أحس به، وأنا داخل الحصن، كان حصنا شامخا ومنيعا كغيره من حصون خط بارليف، وظن بنو إسرائيل أن حصونهم ستحميهم من أيدينا، وها نحن دمرنا حصونهم بفضل الله، وها نحن ندخل حصونهم مرفوعى الرأس والكرامة، ولا شعوريا وجدت نفسى أنطق وأنا داخل هذا الحصن «الحمد لله، والله أكبر».
يذكر المشير محمد عبدالغنى الجمسى، رئيس هيئة العمليات أثناء الحرب ووزير الدفاع فيما بعد، فى مذكراته «حرب أكتوبر 1973»، أن 8 أكتوبر كان يوم الفشل العام لإسرائيل فى مواجهتها العسكرية، وهذا الوصف قاله موشى ديان وزير الدفاع الإسرائيلى فى مذكراته، يشرح «الجمسى» لماذا كان هذ الفشل العام، قائلا: «تمكنت الفرقة 18 مشاة بقيادة العميد فؤاد عزيز غالى من تحرير مدينة القنطرة شرق، بعد أن حاصرتها داخليا وخارجيا ثم اقتحامها، ودار القتال فى شوارعها وداخل مبانيها حتى انهارت القوات المعادية، واستولت الفرقة على كمية من أسلحة ومعدات العدو بينها عدد من الدبابات، وتم أسر ثلاثين فردا للعدو وهم كل من بقى فى المدينة».
يضيف «الجمسى: «فى قطاع الجيش الثالث كانت القوات تقاتل على عمق من 8 إلى 11 كيلومترا شرق القناة، وكان أبرز قتال هذا اليوم هو نجاح الفرقة 19 مشاة بقيادة العميد يوسف عفيفى فى احتلال عين موسى، كما قامت الفرقة نفسها باحتلال مواقع العدو الإسرائيلى المحصنة على الضفة الشرقية».
كان من شواهد «الفشل العام» لإسرائيل أيضا، خيبتها فى الضربات المضادة ضد قوات الجيش الثانى من القنطرة شرق، إلى الإسماعيلية شرق، حيث وجد اللواء سعد مأمون قائد الجيش فى مواجهته فرقتين مدرعتين، إحداهما بمنطقة شرق القنطرة بقيادة الجنرال «آدان»، والأخرى على الطريق الأوسط بقيادة «شارون»، يضيف «الجمسى»: «بدأت فرقة «آدان» المكونة من ثلاثة لواءات مدرعة - قرابة 300 دبابة - ووحدات أخرى بالهجوم ضد الفرقة 18 بقيادة فؤاد عزيز غالى فى قطاع القنطرة بلواء مدرع، وضد الفرقة الثانية بقيادة حسن أبوسعدة فى قطاع الفردان بلواء مدرع آخر بغرض اختراق المواقع المصرية والوصول إلى خط القناة، وتمكنت قوات الجيش الثانى من صد هذا الهجوم فى القطاعين، وفشلت قوات العدو فى مهمتها وتكبدت الخسائر فى الأفراد والمعدات».
يذكر «الجمسى»، أن الجنرال آدان حاول مرة أخرى الهجوم بلواءين مدرعين ضد فرقة حسن أبوسعدة واللواء الثالث ضد الفرقة 16 بقيادة العميد عبد رب النبى فى قطاع شرق الإسماعيلية، ودارت معركة «الفردان» بين فرقة «آدان» وفرقة أبوسعدة حيث اندفعت الدبابات الإسرائيلية لكنها فوجئت بأن وجدت نفسها داخل «أرض قتل»، والنيران المصرية تفتح ضدها من ثلاث جهات فى وقت واحد تنفيذا لخطة أبوسعدة».
يضيف الجمسى: «كانت قوة الدبابات الإسرائيلية المتقدمة باندفاع شديد تتكون من 35 دبابة مدعمة بقيادة العقيد عساف ياجورى الذى أصابه الذعر عندما أصيبت ودمرت له ثلاثون دبابة خلال معركة مدتها نصف ساعة فقط، ولم يكن أمامه إلا القفز من دبابة القيادة ومعه طاقمها للاختفاء فى إحدى الحفر لعدة دقائق وقعوا بعدها فى الأسر، وظلت هذه الدبابة المدمرة فى أرض المعركة تسجيلا لها يشاهده الجميع بعد الحرب، واضطر آدان إلى إيقاف هجومه والانسحاب تحت ضغط قوات ونيران الجيش الثانى».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة