تحديات جديدة تحيط بالاقتصاد العالمى.. تداعيات سلبية لقرار «أوبك+» خفض إنتاج النفط.. مأزق كبير لدول أوروبا والمستوردين للنفط خاصة مع قدوم الشتاء.. مزيد من الارتفاع لمعدلات التضخم وخبراء يتوقعون توقف بعض المصانع

السبت، 08 أكتوبر 2022 03:24 م
تحديات جديدة تحيط بالاقتصاد العالمى.. تداعيات سلبية لقرار «أوبك+» خفض إنتاج النفط.. مأزق كبير لدول أوروبا والمستوردين للنفط خاصة مع قدوم الشتاء.. مزيد من الارتفاع لمعدلات التضخم وخبراء يتوقعون توقف بعض المصانع حقل بترول
كتبت: مروة الغول

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

- القرار جاء استجابة لعدم اليقين والضبابية التى تسود العالم وتوقعات بتباطؤ الاقتصاد العالمى
 

أثار قرار منظمة أوبك+ بخفض إنتاج النفط بمقدار مليونى برميل يوميا تداعيات سياسية واقتصادية واسعة، وسط توقعات بارتفاع سعر النفط فى الفترة المقبلة على ضوء هذا القرار، حيث أعلن وزراء الطاقة فى تحالف «أوبك +»، الذى يضم دول منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك» ومنتجين من خارجها بينهم روسيا، أنهم قرروا فى اجتماعهم الشهرى الأربعاء الماضى خفض إنتاج المجموعة من النفط الخام مليونى برميل يوميا بداية من نوفمبر المقبل، وقال البيان الختامى للاجتماعات الحضورية الأولى لوزراء المجموعة منذ عامين إنه تم عُقد الاجتماع الخامس والأربعين للجنة المراقبة الوزارية المشتركة والاجتماع الوزارى الثالث والثلاثين لأوبك والدول غير الأعضاء فى منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» شخصيا فى الأمانة العامة لمنظمة أوبك فى فيينا، واعتبر البيت الأبيض أن قرار تحالف «أوبك+» يصُب فى مصلحتها الخاصة. وقال إن الإدارة الأمريكية ستطلب من الكونجرس سلطات إضافية لمواجهة تأثير أوبك+ على أسعار النفط، وعلى مدار أيام ظل البيت الأبيض يسعى لمنع خفض إنتاج النفط بمقدار مليونى برميل يوميا، وبالنسبة للرئيس بايدن، ومع اقتراب موعد الانتخابات النصفية التى ستجرى بعد شهر من الآن، فإن التوقيت لم يكن ليكون أسوأ من هذا.

تحديات اقتصادية جديدة 

من جانبها، قالت صحيفة نيويورك تايمز إن الخطوة التى اتخذها تحالف أوبك+ بخفض حاد فى إنتاج النفط يقوض جهود الرئيس الأمريكى جو بايدن بتجنب الارتفاع فى أسعار الوقود قبل الانتخابات النصفية المقررة فى نوفمبر المقبل، وأشارت الصحيفة إلى أن الخطوة التى اتخذتها أوبك+ ومنتجى النفط المتحالفين تسلط الضوء على التحديات التى تواجها الولايات المتحدة فى إدارة سياستها الخارجية والاقتصادية فى الوقت الذى يواجه فيه الاقتصاد العالمى خطر الركود، وأصبحت سياسات الطاقة مكونا أساسيا فى الصراع فى أوكرانيا، ومن الناحية الاقتصادية، توقع الخبراء ارتفاع فى أسعار النفط خلال الربع المقبل. وقال محللو مورجان ستانلى إن قرار منظمة أوبك+ بخفض إنتاج النفط بمقدار بمليونى برميل يوميًا سيؤدى إلى ارتفاع سعر خام برنت ليصل إلى 100 دولار للبرميل أسرع مما كانت تقدر من قبله.
 
وبحسب ما ذكرت وكالة بلومبرج الأمريكية، فقد قالت مورجان ستانلى إن خفض الإنتاج يخاطر بتضييق السوق بشكل كبير على الرغم من أن الكثير يعتمد على الكيفية التى يتم تحديد سعر إنتاج النفط الروسى بمجرد دخول الحظر الأوروبى حيز التنفيذ، ورفع البنك توقعاته لخام برنت 5 دولارات ليصل إلى 100 دولار فى الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2023 بينما أبقت توقعاتها دون تغيير للأرباع الثلاثة التالية، من ناحية أخرى، قالت داميان كورفالى، رئيس أبحاث الطاقة بجولدمان ساكس، لبلومبرج إن كل التطورات التى شهدناها من جانب الإمداد فى هذه المرحلة تمهد بشكل كبير الساحة لما يعتقدون أنه سيكون أسعار أعلى بكثير فى نهاية هذا العام، وزاد بنك جولدمان ساكس من تقديره لخام برنت فى الربع الرابع بمقدار 10 دولارات، ليصل إلى 110 دولارات. وقال محللون اقتصاديون إنه من المتوقع أن يشهد سوق النفط مزيًدا من التشديد وسيفوق سعر خام برنت حاجز الـ100 دولار خلال الأرباع المقبلة، هذا وسيؤدى خفض أوبك+ مع الحظر الأوروبى إلى ورادات الخام الروسى، وإتمام إنهاء إصدارات منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية من احتياطيات النفط الإستراتيجى إلى جانب زيادة الطلب إلى التحول من الغاز إلى النفط هذا الشتاء، ليزداد الضغط على السوق، فى هذا الإطار نستعرض فى السطور التالية تأثيرات القرار على الاقتصاديات والأسواق العالمية وكيف سيؤثر القرار على الدول النامية والمستورة للنفط.

مأزق أمام الصناعة

وقال الدكتور عطية عطية عميد هندسة الطاقة بالجامعة البريطانية لـ«اليوم السابع»، إن سوق النفط مبنى على العرض والطلب وقرار تحالف أوبك+ بخفض الإنتاج سيؤدى إلى ارتفاع أسعار النفط وسيكون له تأثيرات بالغة فى الأسواق، وأضاف أن هذا القرار سيضع الدول الأوروبية فى مأزق، كما أنه سيؤثر على الولايات المتحدة الأمريكية لأنها تستورد جزءا من الزيت الخام، وبالتالى سيؤدى إلى زيادة أسعار المشتقات نتيجة زيادة الأسعار، قائلًا: «سيكون هناك تأثير كبير على الولايات المتحدة خاصة فى ظل ارتفاع معدلات التضخم»، مضيفا أن «هذا القرار سيؤدى إلى زيادة الأسعار لأن ارتفاع أسعار النفط والغاز تؤثر على باقى الصناعات التى يدخل فيها النفط والغاز، وبالتالى مأزق كبير للدول المستوردة، وكذلك أمن الطاقة للدول التى تعتمد على مصدر واحد»، وتابع بأنه سيكون هناك مزيد من ارتفاع لمعدلات التضخم وستتفاوت من دولة لأخرى، كما أنه من الممكن أن يؤدى إلى وقف بعض المصانع وتأثر الصناعة نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة لافتًا إلى أن الدول الفقيرة والنامية ستتأثر بشكل كبير جدًا، وذكر عميد هندسة الطاقة بالجامعة البريطانية، أنه لا بد من الوصول إلى استقرار فى سوق النفط والذى يأتى عن طريق العرض والطلب وسعر مناسب للمنتج والمستهلك، وبالتالى تأمين للطاقة والوصول إلى صيغة توافقية تؤدى إلى استقرار أسواق النفط، كما توقع الدكتور عطية عطية، ارتفاع أسعار النفط خلال الفترة القليلة المقبلة لتصل لـ 100 دولار للبرميل، إن لم يتم الوصول إلى صيغة توافقية، كما توقع مزيدا من الارتفاع خلال فصل الشتاء، فقد تصل الأسعار إلى 120 دولارا للبرميل نتيجة ارتفاع الطلب خلال فصل الشتاء. 

موقف مُعقد

وقال المهندس مدحت يوسف نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، إن قرار تحالف أوبك+ بتخفيض إنتاج النفط بمليونى برميل يوميا جاء مفاجئا للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها من كبار مستهلكى النفط بالعالم، وذلك من ناحية ضخامة حجم التخفيض من إنتاج النفط، وكذلك عدم الرضوخ للتهديدات أو رجاء الغرب، وأضاف فى تصريحات خاصة لـ«اليوم السابع» أنه من ناحية تحالف أوبك+ فجاء خفض الإنتاج بعد دراسات مستفيضة من قبل اللجنة الفنية المنبثقة من تحالف أوبك+ لاستقراء موقف السوق العالمى للنفط وموقف المخزون لدى الدول أو الكبرى المستهلكة للنفط، مضيفا أنه لذلك نجد أن بداية تطبيق قرار تحالف أوبك+ بخفض الإنتاج تعتبر سريعة لتطبيق قرار الخفض بعد شهر واحد فقط من إقراره، وذكر أن الضغط الأمريكى والدول الكبرى المستهلكة للنفط جاء على قرار أوبك+ بالفشل، موضحا أن أسعار النفط بدأت بالفعل فى الصعود فور اجتماع اللجنة الفنية للتحالف ليصل إلى 91 دولارا للبرميل وبعد إعلان قرار المجموعة الوزارية لأوبك+ بالتخفيض ارتفع لمستوى 93 دولار، لافتًا إلى أنه يتوقع المزيد من الارتفاع، إلا إذا قامت الدول الكبرى المستهلكة بسحب كميات كبيرة من المخزون النفطى لديهم لعودة استقرار الأسعار بالأسواق العالمية حيث ستتراوح الأسعار ما بين 95 و100دولار للبرميل فى هذه الحالة، وتابع أن أسعار النفط سترتفع بشكل جنونى فى حال الحد من سحب تلك الدول من المخزونات الاستراتيجية لديها خاصة مع استمرار ارتفاع أسعار الغاز الطبيعى، موضحًا أن الموقف معقد والدول الأكثر تضررا هى الدول المستوردة للنفط الخام والغاز الطبيعى، وذكر أن الأيام القادمة ستشهد صراعا أمريكيا روسيا آخر متعلق بأسلوب تسعير النفط بالأسواق العالمية.

شتاء شديد البرودة

وقال الدكتور ثروت راغب، أستاذ هندسة البترول والطاقة بالجامعة المصرية الصينية، فى تصريحات خاصة لـ«اليوم السابع» إن الهدف من قرار تحالف أوبك+ خفض الإنتاج 2 مليون برميل هو الحفاظ على سعر النفط عالميا من خلال تقليل المعروض، وبالتالى زيادة أسعار النفط بالأسواق العالمية مرة أخرى وصولا لـ100دولار للبرميل، وأضاف أن قرار تحالف أوبك بلس خفض الإنتاج وبالتالى ارتفاع أسعار النفط سيمثل المزيد من الضغط على اقتصاديات الدول الأوروبية والتى تعانى بالأساس من أزمة فى الطاقة خاصة مع قدوم فصل الشتاء والذى يوصف بأنه سيكون شتاء شديد البرودة بسبب أزمة نقص الطاقة، وتابع بأن القرار سيكون له تأثيرات واضحة على الدول المستوردة للنفط من الخارج خاصة فى ظل ارتفاع معدلات التضخم والركود الأقتصادى لافتا أن القرار سيؤدى إلى المزيد من التضخم وارتفاع أسعار البنزين والمنتجات البترولية عالميا وبالتالى ارتفاع أسعار السلع، وذكر أن أى بلد مستوردة للنفط ستتكبد أموال طائلة فى عمليات شراء النفط من الخارج نتيجة ارتفاع أسعاره.

توقعات بزيادة فى الأسعار

الدكتورة وفاء على أستاذ الاقتصاد والطاقة تقول إن قرار مجموعة أوبك+ فى اجتماعها الأخير بفيينا بموافقة دول الأعضاء بواقع مليونى برميل يوميا اعتبارا من نوفمبر المقبل خطوة جاءت مفاجئة لتوقعات المراقبين دافع عنها أعضاء الأوبك بأنها استجابة لعدم اليقين والضبابية التى تسود العالم ويعد هذا التخفيض هو الأكبر منذ أوائل عام 2020 بالرغم من شح المعروض فى السوق العالمى عندما وضعت الأوبك+ خطة مفادها الزيادة التدريجية للمعروض، ورأت أنه أمر طبيعى من حقها، فالمجموعة لا ترغب فى وصول الأسعار إلى مستويات قياسية لزيادة التكاليف الإنتاجية، ومع تباطؤ الاقتصاد العالمى المتوقع سيتقلص الطلب، وبالتالى تفقد الأوبك+ مكتساباتها الحالية ومن ثم جاء قرارها غير المتوقع، وأضافت لـ«اليوم السابع» أن أسعار الطاقة أصبحت لا تسير وفق أساسيات العرض والطلب أو أساسيات السوق، وإنما وفق اقتصاديات الخوف من تباطؤ الاقتصاد والتوقعات بمشاكل جيوسياسية، وترى الأوبك+ أنها تحدث نوعا من التوازن فى الأسواق سواء بالنسبة للمستهلكين أو المنتجين، بينما يرى المحللون أن التداعيات الاقتصادية التى ستطال المجتمع الدولى كله بسبب ارتفاع أسعار النفط أو الطاقة، وتابعت، أنه سيؤدى إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات وكل مناحى الحياة بشكل غير مسبوق ودخول مرحلة من الضغوط التضخمية الشرسة كذلك السياسات النقدية العالمية التى تتخذها البنوك برفع أسعار الفائدة لمحاولة التصدى للتضخم ستؤدى إلى مزيد من تباطؤ النمو وانخفاض الطلب على النفط. وتوضح الدكتورة وفاء على، أنه كما أن ضغط الدولار الأمريكى أمام سلة العملات العالمية على أسعار النفط سيؤثر على الطلب، رأت الأوبك+ أن من واجبها أمام دول الاعضاء والسياسة التسويقية أن تتجاوز الأحداث الكارثية فى العالم بتبنى سياسة استباقية وتأخذ زمام المبادرة حتى لا تفقد مكتساباتها فى ظل حالة عدم اليقين، فالحرب مستمرة والتضخم يتصاعد كذلك الخوف والأزمات فى ظل العقوبات المفروضة واستمرار الضغوط التضخمية مع استمرار حالة عدم اليقين الذى يحيط بآفاق الاقتصاد العالمى وسوق النفط والحاجة إلى تعزيز التوجيه طويل المدى لسوق النفط واستمرار دعم هذه الصناعة.

 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة