مر 41 عاما على وفاة بهلوان الألحان ومبعوث السعادة الموسيقية وسفير بهجة الأنغام عبقرى الموسيقى منير مراد الذى رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم الموافق 17 أكتوبر من عام 1981 بعد حياة حافلة بالفن والأحداث كان فيها أحد عباقرة الموسيقى ومجدديها الذى أثرى الحياة الفنية بألاف الألحان التي نشرت البهجة عبر الأجيال.
ينتمى منير مراد لعائلة فنية وموسيقية عريقة فهو ابن الموسيقار زكى مراد وشقيقته القيثارة ليلى مراد وشقيقته الأخرى سميحة مراد التى عملت بالفن لفترة قصيرة، وعلى الرغم من أن العديد من المصادر تشير إلى أن تاريخ ميلاد منير مراد المولود باسم «موريس زكى موردخاى» هو 13 يناير عام 1922 ، إلا أن الناقد السينمائى أشرف غريب أشار إلى أن سنة ميلاد منير مراد تتأرجح بين أعوام 1920 و 1922 و1924 و 1928.
نشأ منير مراد فى بيت يتردد عليه كبار الموسيقيين الذين تتلمذوا على يد والده الموسيقار والمطرب الكبير زكى مراد أحد نجوم الطرب من رواد الفن، ودرس منير منذ الصغر فى مدارس فرنسية، ثم التحق بالكلية الفرنسية، لكنه لم يكمل دراسته.
وفى سن السادسة عشرة من عمره ظهرت الموهبة المتفردة للصبى منير مراد حيث بدأت محاولاته لتلحين الأغانى المشهورة ولكن بموسيقى الجاز، وبدأت موهبته فى تقليد المطربين والمطربات بشكل كاريكاتيرى فى جلساته مع أصدقائه.
وبدأ منير مراد حياته عاملا فى متجر لبيع الأدوات الكهربائية وبذل معه صاحب المحل مجهودا لتعليمه أصول المهنة والعمل بالمتجر ولكنه فشل في هذا العمل فطرده صاحب المحل ، ليتجه منير مراد إلى المجال الفنى، حيث بدأ كعامل «كلاكيت» فى الاستديوهات، يقف أمام الكاميرا قبل كل لقطة ويحمل لوحة الكلاكيت منتظرا أوامر المخرج توجو مزراحى لبدء التصوير، وفى هذا الجو نمت مواهب الفتى ولكنها لم تخرج للنور وكانت تتحين الفرصة لتعلن عن نفسها، وبعد ذلك عمل منير مراد مساعدا للمخرج كمال سليم فى 24 فيلما فترة الأربعينيات.
تعرف منير مراد فى مرحلة مبكرة من حياته على محمد عبدالوهاب منذ أن ظهرت شقيقته ليلى مراد فى فيلم يحيا الحب، وكان عبدالوهاب يصحبه فى رحلاته إلى أوروبا ليكون مترجما له عند الفرنسيين والانجليز ، فضلا عن سرعة منير مراد فى حفظ النغمات فكان عبدالوهاب يلحن أحيانا جملة أو جملتين ثم ينساهما فيجد منير مراد يتذكرها وكانت هذه الرحلات مفتاح التحول فى الحياة الفنية لمنير مراد وقرر أن يترك الإخراج ويجرب التلحين، ولكنه كان ينتظر فرصة كى تتفجر مواهبه.
وعندما تزوج أنور وجدى من ليلى مراد استعان بشقيقها منير مراد كمساعد مخرج ولكنه لم يكن يؤمن بمواهبه فى الموسيقى والتلحين والغناء والتمثيل، وكان منير يحاول أن يلفت انتباه وجدى حتى يستغل هذه المواهب بلا جدوى، و كان يلحن ويغنى أمام أنور وجدى كل ما يقع تحت يديه حتى أخبار الحوادث والوفيات والأرقام الحسابية.
وكان أنور وجدى لا يثق فى موهبة منير مراد ولكنه تحت ضغط إلحاحه قال له: سأعطيك لحنا لشادية من فيلم «ليلة الحنة» ونشوف هتعمل ايه،» وفى الوقت نفسه أعطى أنور وجدى الأغنية لملحن آخر مشهور كى يلحنها لأنه لم يكن ينوى أن يأخذ اللحن الذى سيضعه منير مراد حيث كان يتوقع فشله، أما منير فكان مثل اللاعب الذى ينتظر أن تأتيه الكرة حتى يسجل هدفا انتظره طوال حياته.
وبالفعل وضع منير مراد لحن أغنية «واحد اتنين»، وأعجب به أنور وجدى وكل من سمعه فأخذه وترك اللحن الذى وضعه الملحن الآخر، وحققت الأغنية نجاحا كبيرا، وبعدها لم يخل فيلم من أفلام شادية من لحن أو أكثر وضعه منير مراد، وتسابق كبار المطربين ومنتجو الأفلام ليسندوا تلحين العديد من الأغانى لهذا الشاب العبقرى الذى أطلقوا عليه لقب العفريت والبهلوان حتى وصل عدد الألحان التى وضعها إلى أكثر من 3 آلاف لحن، فضلا عن تقديمه عدداً من الأفلام التى قام فيها بالتمثيل وقدم فيها العديد من الاستعراضات، فلحن العديد من المونولوجات، وقدم دويتوهات مع أكثر من فنان شهير، ولحن لكبار المطربين، بداية من محمد عبدالمطلب وعبدالحليم حافظ، وصولا إلى صباح وشقيقته ليلى مراد ووردة وشريفة فاضل ومحمد رشدى ومحرم فؤاد وهانى شاكر وعفاف راضى، وكان مميزا فى فن التقليد، كما كان رائدا من رواد الموسيقى الراقصة والاستعراضية فى مصر حيث وضع أشهر موسيقى الرقصات والاستعراضات التى كانت تؤديها تحية كاريوكا وسامية جمال ونعيمة عاكف.
ورحل منير مراد عن عالمنا في 17 أكتوبر 1981 بهدوء قبل أن يكمل عامه الستين، حيث أصيب بأزمة قلبية ولم يحضر جنازته سوى عدد قليل لا يتجاوز أصابع اليد ومنهم أبناء شقيقته ليلى مراد ، وأرجع عدد من التقارير وقتها سبب ذلك بتزامن وفاته مع وفاة الرئيس أنور السادات، حتى إن جريدة «الأهرام» نشرت خبر رحيله بعد دفنه بيومين فى إحدى الصفحات الداخلية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة