خيمت حالة من الحزن على الأوساط الثقافية والفنية الأمريكية برحيل أيقونة هوليود الممثل سيدنى بواتييه، أول أمريكى من أصول أفريقية يترشح لجائزة الأوسكار ويحصل عليها فى ستينيات القرن الماضى، فى الوقت الذى كانت فيه العنصرية سائدة والمعركة ضدها مستمرة.
وأعلن كلينت واتسون، المتحدث الصحفى باسم رئيس وزراء الباهاما وفاة بواتييه مساء أمس الجمعة، عن عمر يناهز 94 عاما. وقال رئيس الوزراء على صفحته على فيس بوك: علمت بعميق الحزن صباح اليوم بوفاة السير سيدنى بواتيه... لكن حتى ونحن ننعيه نحتفل بحياة ابن عظيم للباهاما، أيقونة ثقافية، وممثل ومخرج سينمائى، ورائد، ونشط فى مجال الحقوق المدنية والإنسانية، وأخيرا دبلوماسي.
بواتييه يتسلم جائزة
وقالت شبكة "سى إن إن" الأمريكية، إن بواتييه تغلب على حياة فقر فى الباهاما وقام بتخفيف لكنته الصارمة حتى يستطيع التمثيل.
أدى أدوارا بارزة فى الوقت الذى كان فيه هذا الأمر نادرا للمثلين السود. وحصل بواتييه على الأوسكار عن فيلمه "أوف ذا فيلد" عام 1963 الذى لعب فيه دور عامل بناء يساعد مجموعة من الراهبات البيضاوات فى بناء كنيسة.
وقالت سى أن إن أن الكثير من أفلامه الشهيرة استكشفت التوترات العنصرية فى الوقت الذى كان فيه الأمريكيون يخوضون غمار التغييرات الاجتماعية التى سببتها حركة الحقوق المدنية. وفى عام 1967 وحده، شارك فى ثلاثة من الأفلام البارزة، منها "إن ذا هيت أوف نايت" والذى أدى فيه دور محقق يحارب التعصب، وفيلمس "خمن من جاء إلى العشاء"، الذى لعب فيه دور طبيب يفوز بموافقة والدى خطيبته البيضاء.
وقالت سى إن إن إن أفلام بواتيه عانت من أجل توزيعها فى الجنوب، وكانت اختياراته للأدوار قاصرة على ما تريد الاستوديوهات التى يدير البيض إنتاجها. فقد منعته التابوهات العنصرية من معظم الأدوار الرومانسية. لكن أدواره الأخرى ساعدت الجمهور فى الخمسينيات والستينات على رؤية السود ليس فقط كخدم، ولكن أيضا أطباء ومعلمين ومحققين.
وفى نفس الوقت الذى كان فيه الممثل الأسود الوحيد الذى يقوم بأدوار بارزة فى هوليود فى الستينيات، تعرض بواتييه لتدقيق هائل. حيث تم الإشادة به كرمز فريد للسود، بينما تعرض لانتقادات من بعض السود أنفسهم الذين قالوا أنهم خانهم لقيامه بأدوار تطهر البيض.
وولد سيدنى بواتييه كأصغر أشقائه السبعة، قبل موعد ولادته المحدد بعدة أشهر، ولم يكن يتوقع أن يعيش. وعندما بلغ 15 عاما أرسله والداه من الباهاما ليعيش مع شقيقه الأكبر فى ميامى، وأعطاه والده 3 دولارات فى يديه وطلب منه أن يرعى نفسه. ولم يرتاح سيدنى لميامى وتوجه إلى نيويورك وحاول أن يبدأ التمثيل لكنه كان يواجه صعوبة فى قرابة النصوص مما أعاقه عن العمل. حتى حصل على وظيفة غاسل صحون فى مطعم، عندما حدث أمرا غير حياته. حيث قام نادلا أكبر سنا يعمل معه فى نفس المكان بالبقاء لأسابيع بعد موعد العمل يعلمه قراءة الصحف ويحسن نطقه وفهمه.
سيدنى بواتيه فى دور توسير وذ لف
كان أول أفلام بواتييه فى الخمسينيات No way out، ولعب فيه دور طبيب شاب عليه أن يعالج مريض عنصرى. وهو ما أدى إلى أدوار أخرى بارزة فى نفس السياق. وقال بواتييه فى مقابلة مع أوبرا وينفرى عام 2009 أن السود كانوا جدد فى هوليود، ولم يكن هناك مجال أمامهم سوى الشخصيات النمطية ذات البعد الواحد.
فى السبعينيات، تراجع عمل بواتييه فى التمثيل واتجه إلى الإخراج، الذى قال إنه منحه سيطرة أكبر على مشروعاته السينمائية.
وبحلول عام 2000، تقاعد بواتيه عن التمثيل واختار لعب الجولف وكتابة مذكراته التى وصف فيها محاولته المستمرة طوال حياته للعيش وفقا للمبادئ التى رسخها فيه والده والأخرين الذين أعجب بهم. وفى عام 2001، حصل على تكرين عن مجمل مساهمه فى السينما الأمريكية. وفى العام التالى، وعندما تلقى دنزل واشنطن جائزة أوسكار أفضل ممثل عن فيلم تراننج داى، قال: كنت اطارد سيدنى طوال 40 عاما، وساطل الاحقك دائما. وسأسير دوما على خطاك. وفى عام 2009، منح الرئيس الأمريكى فى هذا الوقت باراك أوباما بواتييه ميدالية الحربة، أرفع وسام مدنى أمريكى، وقتها قال أوباما إن بواتييه لا يصنع أفلاما ولكنه يصنع معالم للامتياز الفتى وللتقدم الأمريكى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة