كثيرًا ما يمر الإنسان فى حياته بأشخاص لا ينساهم حتى وإن كان قد تعامل معهم من بعيد أو لفترة قصيرة أو لم تربطه بهم صلة قوية، فقد يرى الإنسان من هؤلاء الاشخاص مواقف بطولية لا ينساها فتبقى ذكراهم فى وجدانه إلى الأبد.
وفى حياة نجوم الفن أبطال وأشخاص لم ينالوا شهرة ولم تسلط عليهم الأضواء ولكن كان هؤلاء النجوم يعتبرونهم نجومًا وأبطالاً في الحياة وليس فى الفن من شدة ما رأوه من مواقف بطولية لهؤلاء الأشخاص فأثروا فيهم إلى الأبد.
وكان من بين هذه المواقف ما حدث مع الفنانة الكبيرة فاطمة رشدى فى شبابها عندما كانت تصور مشاهد أحد أفلامها فى الريف، وكان يعمل فى خدمة طاقم الفيلم رجل ريفي بسيط من أهل القرية، وكان يتميز بالنشاط والإخلاص فى عمله والابتسامة التى لا تفارقه.
وأثناء تصوير أحد المشاهد الخارجية فقدت فاطمة رشدى قرطها غالى الثمن، وظلت هى وفريق العمل يبحثون عنه فى كل مكان فلم يعثروا عليه، وحزنت الفنانة الكبيرة على هذا القرط حزنًا شديدًا، وانتهى تصوير الفيلم ومر على عرضه فترة طويلة، ولم تنس فاطمة رشدى قرطها الغالى الضائع ، وكانت تشعر بأسى كلما تذكرت فقده.
وذات يوم وبعد أن عادت فاطمة رشدى إلى بيتها فوجئت بالخادمة تخبرها بأن هناك ضيفًا يريد مقابلتها، فنظرت إلى الضيف فإذا به هذا الفلاح الطيب الذى كان يقوم على خدمتهم أثناء تصوير الفيلم فى الريف، ونظر الرجل بوداعة إلى الفنانة الكبيرة ومد يده ليعطيها القرط الضائع، مشيرًا إلى أنه عثر عليه عندما وهو يحرث الأرض فوجد شيئاً يلمع فى الطين، والتقطه وعرف أنه القرط الخاص بها والذى فقدته أثناء التصوير، فجاء إلى القاهرة وظل يبحث عن مسكن الفنانة الكبيرة حتى يمنحه لها.
وتأثرت فاطمة رشدى تأثرًا شديدًا بأمانة الرجل وأخلاقه، وأرادت أن تكافئه خاصة أنه تحمل مشقة وتكلفة السفر وعناء البحث عن مسكنها، ولكنه رفض بشدة، وكاد يبكى مؤكدًا أن هذا واجبه تجاه من عاشرهم ولو أيام وأكل معهم عيش وملح، وظلت فاطمة رشدي تذكر هذا الفلاح الأمين طوال حياتها وتعتبره من أخلص وأنقى الناس الذين قابلتهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة