تناولت دراسة حديثة صادرة عم المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية فرص تصاعد وانكماش التنظيمات الإرهابية فى سوريا والعراق فى ضوء الانسحاب المحتمل للقوات الأمريكية من العراق، حيث أشارت الدراسة إلى 4 تداعيات محتملة قد يتسبب فيها انسحاب القوات الأمريكية من العراق ورصدتها على النحو التالى:
1. تعزيز النشاط الإرهابى: من المحتمل أن ينتج عن الانسحاب الأمريكى فراغ أمنى يتم استغلاله من قبل التنظيمات الإرهابية، ولا سيما تنظيم “داعش” الذى لا يزال يمتلك مساحات للمناورة والحركة خاصة فى العراق، مما ينعكس على تعزيز نشاطه وإتاحة حرية الحركة له لتوسيع نفوذه مره أخرى. وفى هذا السياق، تجدُرُ الإشارة إلى أنه فى أعقاب الانسحاب الأمريكى من أفغانستان بلغت عمليات تنظيم “داعش” هناك حوالى (333) عملية خلال الفترة من 1 يناير 2021 إلى 30 نوفمبر 2021 مقارنة بـ(71) فى الفترة ذاتها لعام 2020، مما يمثل زيادة بحوالى (4) أضعاف عملياته خلال عام واحد.
2. رفع الروح المعنوية للمتطرفين: يمثّل الانسحاب الأمريكى محفزاً لرفع الروح المعنوية للمتطرفين، على اعتبار أن هذا المشهد يُعد انتصاراً لهم، لا سيما أنه يتزامن مع الانسحاب الأمريكى من أفغانستان، ونجاح حركة “طالبان” فى الصعود إلى الحكم. كما يتزامن مع عدم الاستقرار الفرنسى على استراتيجية واضحة فى منطقة الساحل. وفى ضوء تلك المعطيات يُساهم ارتباك الاستراتيجيات الدولية المتعلقة بمكافحة الإرهاب فى تخفيف الضغط الأمنى والعسكرى على التنظيمات الإرهابية، ورفح الروح المعنوية لعناصرها المتطرفة. ويمكن القول أن رفع المعنوية للمتطرفين لا تنعكس آثاره على العراق وسوريا وأفغانستان فقط، بل يمكن أن تتمدد إلى مختلف مناطق الصراع.
3. إعادة تكرار سيناريو 2011: جادلت بعض التحليلات بأن قرار الانسحاب الأمريكى من العراق عام 2021 ما هو إلا تكرار لسيناريو الانسحاب الأمريكى من العراق عام 2011، وما ترتب عليه من خلق فراغ استراتيجى أسفر عن صعود تنظيم “داعش” وتدشينه خلافته المزعومة، وتهديده الأمن والسلم الدولى والإقليمى، وبالتالى هناك احتمالية لإتاحة الفرصة للتنظيمات الإرهابية مرة أخرى من أجل تعزيز نفوذها ومد نطاقها الجغرافى خارج حدود العراق، لا سيما وأن تنظيم “داعش” لا يزال يحتفظ بعددٍ من الخلايا النائمة داخل الأراضى السورية.
4. التعويل على الجيوش الوطنية: ربما ينعكس المشهد سالف الذكر على التوسع فى الاعتماد على الجيوش الوطنية فى مكافحة الإرهاب، وذلك فى ضوء عاملين يتعلق أولهما بالتحولات التى تشهدها استراتيجيات الدول الغربية والمتعلقة بتقليص تواجدها العسكرى فى منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا. وينصرف ثانيهما إلى عجز التدخلات الخارجية عن تحقيق نجاحات فعلية ضد التنظيمات الإرهابية. ومن ثم تمثل تلك المعطيات مؤشرات هامة نحو احتمالية تعزيز المقاربات الداخلية من أجل تقويض نفوذ التنظيمات الإرهابية. ومن ثم هناك حاجة ماسة إلى رفع كفاءة الجيوش الوطنية من خلال توفير الدعم والتدريب لها، وتأهيلها للعمل مع تكتيكات “حروب العصابات” التى دائمًا ما تلجأ لها التنظيمات الإرهابية.
وذكرت الدراسة، أن الانسحاب الأمريكى يمثل فرصةً لتصاعد التنظيمات الإرهابية فى العراق وسوريا، ولا سيما فى ضوء محاولات الأولى لتأكيد نفوذها فى معاقلها التقليدية؛ إلا أن هذا الطرح لا يعنى العودة إلى واقع التنظيمات فى مرحلة عام 2014، حيث التحول لتهديد استراتيجى فى منطقة الشرق الأوسط. ويمكن القول إن تصاعد النشاط الإرهابى المحتمل فى العراق وسوريا فى أعقاب الانسحاب الأمريكى مرتبط بجملة من العوامل؛ يتعلق أولها بمدى قوة التنظيمات الإرهابية وتماسكها داخلى داخل الأراضى العراقية والسورية، وينصرف ثانيها إلى توافر السياقات والبيئات الحاضنة لنشاط التنظيمات الإرهابية، ويتصل ثالثها بقدرة الدولة على تقويض نفوذ التنظيمات الإرهابية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة