قال الدكتور أحمد عبدالبر، مدير مركز الأزهر العالمي للفلك الشرعي، إنه وفي ظل اهتمام الدولة المصرية بتنفيذ ميثاق الأمم المتحدة وتنفيذ استراتيجية 2030، والتي تهدف إلى استدامة الدول وتقدمها فكان لعلم الفلك وتكنولوجيا الفضاء الرصيد الأكبر من تنفيذ رؤية مصر 2030، وذلك كان واضحا بقرار رئيس الجمهورية لعام 2018 بتدشين وكالة الفضاء المصرية، ونظرا لسعة رؤيا فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، واستشرافه للمستقبل من أهمية علوم الفلك والفضاء، وسعيه بكل جهد من العمل على التواصل مع كل ما هو جديد في عالم التكنولوجيا، مضيفا أنه وفي إطار عناية الأزهر بهذا المجال العلمي أنشأ "مركز الأزهر العالمي للفلك الشرعي وعلوم الفضاء" وذلك بتعاون ثلاثي بين مجمع البحوث الإسلامية وجامعة الأزهر ووكالة الفضاء المصرية، حيث يمثل هذا المركز محورا مهما من محاور استراتيجية الأزهر الشريف في التعامل مع القضايا المستحدثة والتي تحتاج إلى الدمج بين العلوم الشرعية والتخصصات العلمية المختلفة وذلك بالتكامل مع مؤسسات الدولة بما يحقق الشراكة المجتمعية.
وأكد الدكتور أحمد عبدالبر، أن المركز يهدف إلى نشر الثقافة الفلكية ورفع الوعي المجتمعي تجاه قضايا الفلك ومهنة أو صناعية التنجيم، ومن تتبع المركز من أول بداية هذا العام الميلادي ورصده لتوثيق نسب اعتقاد المصريين لمضامين الأبراج والتنجيم والإشباعات المحققه منها، مضيفا أن ذلك كان واضحا في عدة دراسات منشورة، فهناك دراسة تحت إشراف الدكتور جمال عبدالحي، أستاذ الإعلام بجامعة الأزهر، حيث جاءت نسبة من يتابعون مضامين الأبراج والتنجيم حوالي 64.6 %، ويعتبر التنجيم ومضامين الأبراج في الترتيب الرابع التي يفضل متابعتها المراهقون وخاصة النساء وذلك بنسبة 44.6% إلى 32.7% في الذكور وأيضا متابعة مواقع التواصل الاجتماعي التي يتابعها المراهقون لمعرفة مضامين الأبراج ومتابعة العرافين بنسبة 83.3% وكذلك البرامج التليفزيونية بنسبة 24.7%، يليها حظك اليوم في الصحف والمجلات بنسبة 22.7%، وجاءت متابعة كتب الابراج والدجل بنسبة 0.5%.
ولفت عبد البر، إلى أن المركز قد رصد مدي اقتناع المراهقين بمضمون الأبراج والتنجيم في وسائل الإعلام من توقعات مستقبلية فجاءت فئة "لا أصدقها" بنسبة 53.9% وفئة "اقتنع بها" بنسبة 40.4%، ومن هذه النسب تبين لنا أن هناك دوافع للمراهقين تجعلهم يتابعون مضامين الأبراج والتنجيم، مشيرا إلى أن ذلك قد دفع مركز الأزهر للفلك لتوضيح الفرق بين الفلك والتنجيم والأبراج علميا وشرعيا؛ وخاصة في ظل تجديد الفكر والخطاب الديني حيث إنها ضرورة تفرضها تحديات العصر في ظل المعتقدات الفلكية الخاطئة، وتأثيرها على الثقافات المختلفة مما يعطى تجديد الفكر الديني مسئولية كبرى لتخليص الشريعة الإسلامية بما علق بها من شوائب الجهل، وأدران الأباطيل والضلالات.
وأشار مدير مركز الأزهر العالمي للفلك إلى أنه من واجب العلماء الاجتهاد في تقديم الخطاب الأمثل الذي يحقق مقاصد الشريعة ومصالح البشرية ويمدهم بقيم النهضة والرقي والازدهار، وفي خضم المعركة التي أدارتها الشريعة الإسلامية لتحرير العقول من ضلالات الوهم والخرافة، والدجل والشعوذة، والتي قامت بإبطال جميع مسالك الجاهلية ووقفت منها موقفاً حازما؛ بيانا وتحذيرا، ونصحا وتنبيها، ليبقي وجه الإسلام على صورته الفطرية الأولى بيضاء نقية من غوائل الشرك ومظاهر الوثنية، ويأتي في طليعة ذلك موقفها من علم النجوم أو ما يعرف بالتنجيم، والذي يؤمن به الكثير من المهووسين لمعرفة ما أخفاه الله عن خلقه من الغيب المستور، والمستقبل المحجوب، بمتابعة حركة النجوم في أفلاكها ومراقبة مشارقها ومغاربها، ثم تدرج الأمر بهم حتى بلغوا في الضلال غايته عندما ادعوا تأثير تلك الأجرام السماوية على الأحداث الأرضية، موضحا أننا حين نعود إلى نصوص الكتاب والسنة ونستقرنها نجد أن الأدلة التي تبحث هذه المسألة جاءت متنوعة بالقدر الذي تنوعت به متعلقات علم النجوم، مقدمة في البدء التصور الصحيح لأسباب خلق النجوم والحكمة من ذلك، ثم الرد على الذين ادعوا قدرة النجوم على التأثير والتغيير، وبيان مجالات علم الغيب واختصاص الله به، فضلا عن النصوص الخاصة بالتنجيم تحديدا، وحيث إن التنجيم بالأساس قائم على إدعاء معرفة الغيب، وقد جاءت الكثير من الآيات لتؤكد على أن الغيب بيد الله استأثر به وتفرد بعلمه، وحجب أسراره عن الخلائق.
واختتم الدكتور عبد البر كلمته بالتأكيد على أهمية تكامل منظومة العلوم الكونية والشرعية في الخطاب الديني، والعناية بالتوفيق بين الكونيات والشرعيات حيث علق الشرع الشريف بهذه الظواهر أحكاما شرعية لها تعلق من جهة ما بالظواهر الفلكية، ومن منطلق ذلك تم عقد الملتقى الثقافي العلمي الأول للمركز تجاه قضيه التنجيم والتطرف الفكري وما يطرأ عند بداية كل عام من توقعات مثيرة للعام الجديد، يعتمد فيها على صياغة الخبر بطريقة رمادية ومطاطة ولعل الاستشراف المستقبلي يتطلب احتراما للعلوم وتجديداً للفكر وتبجيلا للقادم.
يناقش المؤتمر عددا من المحاور المهمة كالتالي أولا: تصحيح الانحرافات العقدية والفكرية والبدع العلمية والسلوكية والتطرف الفكري، ثانيا: التواصل مع التراث والانفتاح على العصر وآلياته، حيث المقصود من تجديد الفكر والخطاب الديني هو إحياء وبعث معالم الدين العلمية والعملية بحفظ النصوص الصحيحة نقية، ثالثا: نشأة الأبراج وظاهرة التنجيم وكثرة البرامج التلفزيونية على شاشات التفزيون وتأثيرها على المجتمع والفارق بين المنجم والفلكي، رابعا: حقيقة التنجيم وأحكامه وموقف الشرع من الأبراج، رابعا: التاصيل العلمي لقضايا التنجيم والاعتقاد، خامسا: المعتقدات الفلكية وتأثيرها على الثقافات المختلفة.
يذكر أن مركز الأزهر العالمي للفلك الشرعي بمجمع البحوث الإسلامية قد تم إنشاؤه بموجب بروتكول تعاون بين مجمع البحوث الإسلامية وجامعة الأزهر مع وكالة الفضاء المصرية، بهدف استحداث ونقل علوم تكنولوجيا الفضاء وتوطينها وتطويرها وامتلاك القدرات الذاتية لبناء الأقمار الصناعية وإطلاقها من الأراضى المصرية وذلك فى إطار التعاون المشترك بين قطاعات الأزهر الشريف مع غيرها من مؤسسات الدولة المختلفة، خاصة ما يتعلق منها بجوانب علمية وتخصصية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة