سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 15 يناير 1918 ..الفرنسيون يصفقون لطه حسين فى جامعة السوربون بعد إعلان منحه «دكتوراه الدولة فى التاريخ» عن «فلسفة ابن خلدون الاجتماعية»

السبت، 15 يناير 2022 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 15 يناير 1918 ..الفرنسيون يصفقون لطه حسين فى جامعة السوربون بعد إعلان منحه «دكتوراه الدولة فى التاريخ» عن «فلسفة ابن خلدون الاجتماعية» طه حسين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
خلت اللجنة العلمية فى جامعة السوربون فى فرنسا إلى المداولة بعد أن ناقشت الطالب طه حسين، ثم عاد رئيسها وهو أستاذ تاريخ لتعلن منحه درجة الدكتوراه مع مرتبة الشرف الممتازة، ومع تهنئة اللجنة، حسبما «يذكر عميد الأدب العربى» فى سيرته «الأيام».
 
كان ذلك فى 15 يناير، مثل هذا اليوم، 1918، وتتذكر زوجته «سوزان» التى حضرت المناقشة «أنه دافع عن رسالته بألمعية، ونال تهنئة اللجنة العلمية».. كان زواجهما لم يمر عليه سوى شهور قليلة «9 أغسطس 1917»، وفقًا لما تذكره فى سيرتها «معك» ترجمة «بدر الدين عردوكى» ومراجعة «محمود أمين العالم».
 
يصف نفسه أثناء مناقشته، بأنه لولا فضل من شجاعته واستحياء من الرفاق وزوجته التى كانت تشهد الامتحان لاصطكت أسنانه ذعرًا، ويذكر أن أساتذته رأوا أن فرائضه كانت ترتعد، وكان شديد الاضطراب، لكن ثباته عاد إليه حين سكت عنه أستاذ التاريخ، وأخذ أستاذ الفلسفة فى مناقشته.. يضيف أنه لأول مرة سمع تصفيق الفرنسيين لشخصه «المتضائل الضعيف فعاد إلى أهله جذلان فرحان».
 
كانت رسالته للدكتوراه عن «فلسفة ابن خلدون الاجتماعية»، وكان إنجازها استمرارا لمسيرة التحدى والنجاح لهذا الفتى الأعمى منذ طفولته المبكرة، ورغم هذا العجز كان يمضى بإصرار على الطريق الذى سيجعل منه أكبر مفكر مصرى وعربى فى القرن العشرين..يذكر فى سيرته أنه أثناء بعثته من الجامعة المصرية إلى فرنسا «لم تكن الجامعة قد فرضت عليه هذه الرسالة، بل لم يكن بين هذه الرسالة وبرنامجه الدراسى سبب، فهو أرسل ليدرس التاريخ، وكلف الحصول على درجة الليسانس، وتطوع هو بهذه الرسالة، لأنه سمع دروس الاجتماع التى كان يلقيها الأستاذ «دروكيم»، فشغف بهذا العلم، وأراد أن تكون له مشاركة فيه، وأن يشرف الأستاذ على هذه المشاركة فاتفق معه على موضوع الرسالة، وعلى أن يكون هو مشرف من الناحية الفلسفية، وأن يشاركه فى الإشراف مستشرق يحسن العلم بالشؤون العربية والإسلامية، فكان كل فصل من هذه الرسالة يقرأه أستاذان، الأستاذ المستشرق أولا، ثم يقرأه الأستاذ «دروكيم» بعد ذلك.
 
يكشف أنه بعد أن استقام أمر هذه الرسالة أمامه، كتب إلى الجامعة المصرية ينبئها بما صمم عليه، وهو أنه بعد نجاحه فى الليسانس، سيلتحق بالإجازة التى تليه وهى «دبلوم الدراسات العليا، واستأذن الجامعة فى أن يتهيأ لنيل دكتوراه الدولة فى التاريخ، على أن ذلك يستلزم أن تمتد إقامته فى أوروبا أربعة أعوام بعد حصوله على الليسانس والدبلوم، وردت الجامعة عليه بالإذن له بنيل الدبلوم إن استطاع بعد الليسانس، وتعفيه من دكتوراه الدولة فى التاريخ، لأنها تطيل إقامته فى أوروبا وتكلف الجامعة نفقات أكثر مما تطيق.
 
يذكر أنه بعد ذلك أذنت له بتقديم رسالته عن «ابن خلدون» لنيل الدكتوراه، لكنه ذكرته بعهد قطعه على نفسه قبل أن يسافر، وهو ألا يقدم رسالة إلى جامعة أجنبية مهما يكن موضوعها إلا بعد أن تقرأها الجامعة المصرية، ثم تأذن له بتقديمها، ويذكر سبب لجوء الجامعة إلى هذا الإجراء قائلا: «كان الصديق الكريم الدكتور منصور فهمى هو الذى اضطر الجامعة إلى أن تأخذ طلابها فى أوروبا بأن يعطوا على أنفسهم هذا العهد».
 
كان منصور فهمى ممن سافروا إلى باريس فى بعثة علمية سنة 1908، وأنجز رسالته للدكتوراه بالفرنسية، وكان موضوعها «أحوال المرأة فى الإسلام» تحت إشراف المستشرق الفرنسى «ليفى برول» وفقًا للأعمال الكاملة لمنصور فهمى، تحقيق وتقديم «حسن خضر»، وأثارت هذه الرسالة ضجة هائلة، يتذكرها طه حسين قائلا: «الناس لم ينسوا ما أثارت رسالة الدكتور منصور فهمى من ضجيج وعجيج أثار سخط الهيئات الرسمية أولًا، وسخط الرأى العام بعد ذلك، واضطر الصديق الكريم أن ينأى عن مصر قريبًا من عام، ولا يعود إليها إلا حين اضطرته الحرب إلى أن يعود وحيل بينه وبين التعليم فى الجامعة أعوامًا، حتى إذا كانت الحركة الوطنية سنة 1919، وما نشأ عنها من الأحداث ومن تحرر العقول، أذن له بما كان ينبغى أن يؤذن له فيه منذ أتم دراسته فى فرنسا، وكان «ثروت باشا» هو الذى أذن له فى ذلك».
 
يضيف: «منذ أثار الدكتور منصور ذلك الضجيج أقامت الجامعة نفسها رقيبًا على رسائل طلابها، وأخذت عليهم العهد ألا يقدموا رسائلهم إلى الجامعات الأجنبية حتى تأذن لهم هى فى ذلك، بعد أن تقرأ الرسائل وتقرها».. يؤكد أنه لما أستأذنها فى تقديم رسالة عن ابن خلدون، أرسل نسخة منها، وأحالها مجلس الإدارة إلى الأستاذ أحمد لطفى السيد فقرأها، ورضى عنها، وأذنت الجامعة فى تقديمها إلى السوربون. 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة