أعربت فرنسا "عن أسفها"، الأربعاء، لتعليق التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، مقدّرة أن اللّبنانيين لديهم "حق معرفة" ما جرى وأن القضاء اللبنانى يجب ان يكون قادراً "على العمل بشفافية تامة بعيداً عن أى تدخل سياسي".
وقالت الناطقة باسم الخارجية الفرنسية "الأمر يعود إلى السلطات اللبنانية للسماح باستمرار التحقيق بالموارد المالية والبشرية اللازمة، من أجل الإضاءة على ما حدث في 4 أغسطس 2020، بما يتوافق مع التوقعات المشروعة للشعب اللبناني".
يذكرأن، توقفت اليوم التحقيقات الجارية فى انفجار ميناء بيروت البحرى بعد تبليغ قاضى التحقيق طارق البيطار بطلب الرد الذى تقدم به محامى أحد المدعى عليهم فى القضية، وزير الداخلية اللبنانى الأسبق، وعضو مجلس النواب نهاد المشنوق يوم الجمعة الماضى.
ويعد توقف التحقيقات هو الثاني، حيث سبق وأن تقدم اثنين من المدعى عليهم في القضية بطلب رد فى ديسمبر الماضى لقاضى التحقيق السابق فادى صوان، وتوقفت التحقيقات حتى تم الفصل في طلب الرد وقبوله، مما استدعى تغيير القاضى وإسناد التحقيقات للقاضي طارق البيطار.
وحضر قاضى التحقيق في قضية انفجار ميناء بيروت البحرى إلى مكتبه بقصر العدل صباح اليوم وعقد أول جلسة تحقيق مع عدد من المطلوبين في القضية واستمع إلى شهادتهم. وفور انتهاء الجلسة تم إبلاغه رسميا بأن أحد المتهمين تقدم بطلب لرده، وهو ما يستدعي قانونا أن يكف القاضي يده عن التحقيق لحين الانتهاء من نظر طلب الرد.
وبناء على ذلك لم يدخل قاضي التحقيق طارق البيطار جلسة التحقيق الثانية في القضية، والتي كانت محددة سلفا لاستكمال الاستماع لشهادة العميد كميل ضاهر مدير المخابرات السابق بالجيش اللبنانى، والذي غادر مقر قصر العدل برفقة محاميه دون الاستماع إليه والإدلاء بإفادته.
ومن المقرر وقف التحقيقات إلى أجل غير مسمى لحين فصل محكمة الاستئناف، برئاسة القاضي نسيب إيليا، في طلب الرد الذي تقدم به محامي المشنوق، دون تحديد مدى زمني محدد لنظر طلب الرد، الذى فى حال قبوله يتم إسناد التحقيقات لقاضى آخر، وفي حال رفضه يستمر القاضي طارق البيطار.
وكان وزير الداخلية اللبناني الأسبق وعضو مجلس النواب نهاد المشنوق قد تقدما بطلب لرد القاضى طارق البيطار قاضي التحقيق في انفجار ميناء بيروت البحري، لتنحيته عن نظر القضية وتعيين محقق آخر بدلا عنه.
جاء ذلك ردا على تحديد قاضي التحقيق طارق البيطار الأول من أكتوبر المقبل موعدا لاستجواب النائب نهاد المشنوق كوزير سابق للداخلية بصفة مدعى عليه (متهم) في قضية انفجار ميناء بيروت.. وأكد المشنوق أن استدعاء البيطار له كمتهم يعد تجاوزا للدستور ومخالفة لأحكامه ولأصول محاكمة الرؤساء والوزراء، موضحا أن وكيله المحامي نعوم فرح تقدم بطلب أمام محكمة الإستئناف في بيروت لرد القاضي البيطار وتعيين محقق عدلي آخر بدلا عنه.
وأوضح أن طلب نتيجة القاضي البيطار جاء لما وصفه المشنوق بأنه "اعتداء" على اختصاصه بملاحقة الوزراء من دون وجه حق، رغم وضوح المادة 70 من الدستور التي حصرت صلاحية اتهام الوزراء بالمجلس النيابي وحده، والمادة 71 من الدستور التي أولت محاكمتهم للمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، في ظل إقراره بالمقابل بعدم صلاحيته لملاحقة القضاة المعنيين في القضية وإحالتهم على التحقيق أمام المرجع المختص.
وقال المشنوق "رغم وضوح النص وتمسك المجلس النيابي بصلاحيته، ورغم مطالعة النيابة العامة بهذا المعنى، أبى القاضي البيطار إلا المضي قدما بتجاوزاته للدستور، رغم أن المجلس النيابي مازال ينظر بطلب الإتهام المقدم أمامه ضد المشنوق ووزراء آخرين من عدد من النواب، ولم يصدر قراره بعد بهذا الشأن لغاية تاريخه".
وكان قاضي التحقيق في قضية انفجار ميناء بيروت طارق بيطار قد قرر في الثاني من شهر يوليو الماضي توجيه الاتهام في القضية لعدد من كبار المسئولين، من بينهم رئيس الحكومة السابق حسان دياب، ووزير المالية السابق النائب علي حسن خليل، ووزير الأشغال الأسبق النائب غازي زعيتر، ووزير الداخلية الأسبق النائب نهاد المشنوق، وعدد من المسئوليين الأمنيين والعسكريين والقضاة.
ويعد بيطار هو ثاتي قاضي تحقيق يتولى القضية، حيث تولى التحقيقات بعد تغيير قاضي التحقيق السابق فادي صوان في ضوء طلب الرد "التنحية"، الذي تقدم به الوزيران السابقان علي حسن خليل وغازي زعيتر ضد القاضي فادي صوان، متهمين إياه باتخاذ إجراءات تثير الريبة والشكوك والخشية من عدم تحقيق العدالة المنصفة بحقهما، وعدم مراعاة الإجراءات القانونية في ضوء الحصانة النيابية التي يتمتعان بها كعضوين في البرلمان.
وكان انفجار مدمر قد وقع بداخل ميناء بيروت البحري في 4 أغسطس 2020 جراء اشتعال النيران في 2750 طنا من مادة نترات الأمونيوم شديدة الانفجار، والتي كانت مخزنة في مستودعات الميناء طيلة 6 سنوات، الأمر الذي أدى إلى تدمير قسم كبير من الميناء، فضلا عن مقتل نحو 200 شخص وإصابة أكثر من 6 آلاف آخرين، وتعرض مباني ومنشآت العاصمة لأضرار بالغة جراء قوة الانفجار على نحو استوجب إعلان بيروت "مدينة منكوبة".
وكان رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، قال إن الحكومة تؤكد حرصها على استكمال كل التحقيقات لتحديد أسباب انفجار ميناء بيروت البحري، مؤكدا السعي لكشف الحقيقة كاملة ومعاقبة جميع المرتكبين.
وأضاف ميقاتى فى عرضه للبيان الوزاري لحكومته بجلسة مجلس النواب، أن الحكومة تعتزم العمل مع البرلمان لإجراء كل ما يلزم بشأن الحصانات والامتيازات وصولا إلى تذليل كل العقبات التي تحول دون إحقاق الحق وإرساء العدالة، وذلك في إشارة لمطالب أهالي ضحايا الانفجار بإسقاط جميع الحصانات عن المطلوبين للقضاء من الوزراء والنواب والمسئولين، في حين تطالب قوى سياسية بإقرار تشريع يعطل جميع الحصانات والاستثناءات القانونية والدستورية في المحاكمات بدءا من رئيس الجمهورية وحتى جميع الموظفين والمسئولين بالدولة.
وأوضح أن الحكومة تلتزم أيضا بالإسراع في استكمال مساعدة المتضررين من الانفجار وتأمين التعويضات اللازمة لهم ووضع خطة لإعادة إعمار الميناء والمناطق المختلفة بالعاصمة بيروت التي تضررت بفعل الانفجار.
واعتبر ميقاتي أن حكومته تشكّلت باسم "حكومة معاً للإنقاذ"، داعيا إلى التعاون الدائم والبناء مع مجلس النواب لترجمة الأهداف المشتركة في إنقاذ لبنان وحماية اللبنانيين وحفظ كرامتهم وإنهاء معاناتهم اليومية ووقف نزيف الهجرة الذي يدمي قلوب جميع اللبنانيين – على حد وصفه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة