فى ظل الصعود المدوى للعملات الرقمية حول العالم، واتجاه بعض الدول إلى الاعتراف بها، مقابل تشديد الإجراءات ضدها فى دول أخرى، أصبحت البيتكوين وغيرها محل اهتمام كبير. ومن بين ما تم الكشف عنه مدى تمكينها لأنصار اليمين المتطرف، لاسيما داخل الولايات المتحدة، من جمع ملايين الدولارات.
وكشفت وكالة أسوشيتدبرس الأمريكية عن مدى استفادة دعاة اليمين المتطرف فى الولايات المتحدة من العملات الرقمية، وقالت إنهم جمعوا قدرا هائلا من الأموال من مختلف أنحاء العالم من خلال العملات الرقمية. وفى ظل منعهم من قبل المؤسسات المالية التقليدية، استفادوا من العليمات الرقمية التى يستخدمونها بطرق أكثر سرية من أجل تجنب رقابة البنوك والهيئات التنظيمية والمحاكم، بحسب ما كشف تحليل أجرته أسوشيتدبرس لوثائق قانونية وقنوات التليجرام وبيانات من شركات لتحليل العملات الرقمية.
اندرو انجلين
وتحدثت الوكالة عن أندرو أنجلين، مؤسس موقع دايلى ستورمر اليمينى كأحد النماذج، وقالت إن موقع أنجلين يدعو إلى نقاء الجنس الأبيض، وينشر مقالات تآمرية مليئة بالكراهية ضد النساء واليهود والسود وكان ملهما فى ثلاثة جرائم قتل على الأقل ذات دوافع عنصرية. وأصبح انجلين مليونيرا بعدما حصل من شبكة عالمية من الأنصار على 112 بيتكوين على الأقل منذ يناير 2017، بما يعادل 4.8 مليون دولار بمعدل تداولات اليوم، وفقا لبيانات أطلعت عليها الوكالة. وربما جمع أكثر.
ويدين أنجلين بأكثر من 18 مليون دولار من تعويضات قانونية فى الولايات المتحدة مستحقة لأشخاص قام هو وأتباعه بمضايقتهم وتهديديهم. ورغم أن نشاطه على الإنترنت يظل مرئيا، حيث تهمل العشرات من القصص على الصفحة الرئيسة لموقع دايلى ستورمر اسمه فى أغلب الأيام، ومع ذلك فإنه شبح فى العالم الحقيقى.
فقد حاول ضحايا الوصول إليه دون أن ينجحوا، وبحثوا فى أحد العناوين بأوهايو واحدا دون آخر. ووجدته سجلات التصويت فى روسيا فى عام 2016، وأظهر جواز سفره أنه كان فى كمبوديا فى عام 2017، لا يمثل حساب بنكى واضح أو ممتلكات عقارية فى الولايات المتحدة، ولا تزال ثروته من البيتكوين بعيدة المنال.
وتوضح الوكالة انه فى أغسطس 2017ـ وبعد مسيرة توحيد اليمين فى تشارولتسفيل بولاية فرجينيا، تلقى أنجلين 14.88 بيتكوين، وهو مبلغ تم اختياره لإشارته إلى شعار تفوق البيض. وبلغت قيمة هذا المبلغ حوالى 60 ألف دولار فى ذلك الوقت، وكان أكبر تبرع له بالبيتكوين على الإطلاق، ويقدر قيمته بأكثر من 641 ألف دولار بسعر الصرف اليوم. ولا يزال مصدر هذه الأموال لغزا. ويواجه أنجلين الآن اتهامات فى محكمة أمريكية بالتآمر للتخطيط للمسيرة التى شهدت أحداثا دموية والترويج لها.
وكانت عملة البيتكوين الرقمية قد نشأت فى أعقاب الأزمة المالية العالمية عام 2008 عندما كان هناك تعطيلا كبيرا للنظام المالى العالمى. وقدمت العملة بديلا لا يعتمد على البنك. وبدلا من ذلك، كان يتم التحقق من المعاملات المالية وتسجليها على دفتر رقمى غير مركزى أطلق عليه اسم بلوك شاين، والذى يستمد سلطته من الاحتشاد الجماعى وليس من طبقة من المصرفيين النخبة.
ولا تعد هذه المرة الأولى التى يتم فيها رصد تحويلات البيتكوين لليمين المتطرف. ففى يناير الماضى، وبعد أيام قليلة من أحداث اقتحام الكونجرس الامريكى، أفاد تقرير لمؤسسة خاصة بمحاربة تبييض الأموال والاحتيال فى المجال الرقمى بأن نشطاء يمينيين متطرفين تلقوا تحويلات مالية بالعملة الرقمية بيتكوين قبل تعرض الكابيتول للاقتحام.
وأشارت مؤسسة Chainalysis إلى أنه تم تحويل البيتكوين بقيمة أكثر من 500 ألف دولار إلى 22 محفظة إلكترونية، معظمها تابعة لنشطاء يمينيين متطرفين. وأضافت أن التحويلات بواقع 28.15 بيتكوين قام بها شخص مقيم في فرنسا فى 8 ديسمبر الماضى، مشيرة إلى أنه خبير برمجيات وتوفى فى وقت لاحق.
وقال التقرير إن الشخص الذي تلقى المبلغ الأكبر، هو الناشط نيك فوينتيس الذي تم حجب صفحته على "يوتيوب" العام الماضى بسبب "خطاب الكراهية" وأنه تلقى 13.5 بيتكون أو أكثر من 250 ألف دولار.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة