خلال أسبوع، عقدت الأمم المتحدة عدة جلسات شارك فيها رؤساء وقادة العالم بكلمات، منها جلسة عن التنمية المستدامة، وأخرى عن المناخ، وثالثة عن الغذاء، كان المشترك فيها هو الحديث عن الفقر والتغيرات المناخية، وجائحة كورونا التى أثرت سلبا على دول كثيرة، واقتصادات كبرى ونامية.
الأمم المتحدة، والمنظمات الدولية، كلها تخضع بشكل معروف لسيطرة الدول الكبرى، المنشغلة بمنافساتها وصراعاتها التجارية والسياسية، بشكل لا يجعل لديها الوقت ولا الاستعداد لأن تنظر فى أمور العالم، والواقع أن الدول الصناعية الكبرى هى الفاعل الأول فى تغيرات المناخ، لأنها أكثر الدول إنتاجا لانبعاثات الكربون وتلويث البيئة العالمية، وهو تلوث انعكس فى صورة ارتفاعات فى درجات الحرارة، ظهرت فى صيف مشتعل فى السنوات الأخيرة، وتجسدت فى حرائق ضاعفت من حجم الخسائر والتلوث فى العالم.
ولم ينته العالم من مواجهة فيروس كورونا، حتى ظهرت موجة حرائق غابات غير مسبوقة شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، ومع شهر يوليو الماضى اندلعت مئات الحرائق واستمرت لأسابيع، وتسببت فى مصرع وإصابة وتشريد المئات حول العالم، بسبب موجة الحر غير المسبوقة، وطالت ألسنة اللهب المدمرة كلا من الولايات المتحدة وكندا وتركيا واليونان وإيطاليا وروسيا ولبنان وقبرص والعراق وإيران، وامتدت إلى الجزائر وأغلب قارات العالم، وبجانب الحرائق هناك أنواع من الكوارث الطبيعية الأخرى، مثل موجات الجفاف، والأعاصير، والذوبان الجليدى، والفيضانات الناتجة عن ارتفاع منسوب سطح البحار والمحيطات.
ويرى خبراء البيئة، أن تغير المناخ يرجع لأكثر من 200 عام، مع الثورة الصناعية التى بدأت فى أوروبا والولايات المتحدة، وانتقلت للقارات الأخرى، لكن العالم لم ينتبه لهذا الخطر إلا خلال النصف الأخير من القرن العشرين.
وفى يونيو الماضى، تسربت لصحف فرنسية مسودة تقرير أممى يرى أن التغير المناخى سيدمر حتمًا الحياة كما نعرفها حاليًا على كوكبنا، خلال 30 عامًا على الأكثر، وأطلقت الأمم المتحدة حملة «اعملوا الآن»، الرامية للحد من ظاهرة الاحتباس الحرارى والعناية بكوكب الأرض، بعد تزايد الكوارث الطبيعية مثل فيضانات ألمانيا وحرائق الغابات فى كندا والولايات المتحدة وإيطاليا واليونان، تزامنًا مع تقارير متشائمة.
كل هذه التغيرات المناخية تعنى مسؤولية العالم كله، والمفارقة أن الدول الكبرى تتحدث كثيرًا عن تقليل الانبعاث الحرارى، لكنها لا تفعل شيئًا، بل تواصل صناعاتها وأنشطتها الملوثة، فضلًا عن التجارب النووية والحروب والسلاح.
المفارقة أن الدول الفقيرة والنامية هى التى تدفع ثمن الانبعاث الحرارى، الدول الأفقر هى التى تواجه المجاعات والجفاف والتصحر، وتعجز عن مواجهة التأثيرات الصحية للتلوث.
الرئيس عبدالفتاح السيسى، قال فى كلمته، أمام قمة نظم الغذاء 2021: «إن تأسيس نظم غذائية مستدامة تحقق الأمن الغذائى لمجتمعاتنا، هى مسألة تأتى على رأس أولوياتنا جميعًا، خاصة أنه فى ظل تفاقم ظاهرة تغير المناخ، وما تتسبب فيه من ارتفاع فى معدلات درجات الحرارة وندرة فى المياه، وتدهور لجودة التربة وتصحر لمساحات هائلة من الأراضى الزراعية، والتبعات الاقتصادية والاجتماعيـة لذلك، وكذلك على الأمـن الغذائى، فضلًا عن الأوضاع السياسية المعقدة فى بعض الأنحاء، فإن خطر المجاعة بات يهدد الكثير من مناطق العالم، خاصة فى أفريقيا، ويتطلب إيجاد حلول سريعة وفعالة لإنقاذ الملايين من البشر، غالبيتهم من النساء والأطفال، من هذا التهديد الوجودى الذى يحد من قدرة الدول والحكومات على تنفيذ أهداف التنمية المستدامة بكل مشتملاتها».
مصر تتحدث بلسان أفريقيا، وبصوت الدول التى تواجه تأثيرات المناخ، وترى أن العالم كله مسؤول عما يجرى، وأن عليه مسؤولية، وتطرح مصر عملًا إقليميًا مشتركًا وصياغة موقف أفريقى موحد لمواجهة التحديات، وهو حل بديل وفاعل يمكن أن يساعد دول القارة على تنمية إقليمية يمكنها تقديم حلول لمشكلات الغذاء والتنمية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة