لا تزال تداعيات أزمة الشراكة الأمنية الجديدة بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا تتردد بقوة، حيث واصلت فرنسا تعبيرها عن غضبها إزاء الاتفاق الذى تقدم بموجبه واشنطن ولندن تكنولوجيا الغواصات النووية شديدة الحساسية لكانبرا، والذى كان سببا فى تراجع الحكومة الاسترالية عن صفقة غواصات تقليدية مع فرنسا بلغت قيمتها أكثر من 36 مليار دولار.
وألغت فرنسا اجتماعا كان مقررا بين وزيرة الجيوش الفرنسية ووزى الدفاع البريطانى فى لندن هذا الأسبوع. ويأتى هذا على الرغم من سعى بريطانيا إلى تأكيد أهمية علاقتها مع فرنسا، حيث قال رئيس الحكومة البريطانية بوريس جونسون للصحفيين أثناء توجه على نيويورك للمشاركة فى أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة أن لندن وباريس تبرطهما علاقة ودية جدا وبالغة الأهمية. وقال أن حب بريطانيا لفرنسا راسخ جدا.
لكن الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون أوضح أن الغضب إزاء إلغاء استراليا لصفقة الغواصات لن يهدأ. فقد استدعت باريس سفيرى الولايات المتحدة وأستراليا وألغت فعاليات فى إشارة رمزية نادرة بين الحلفاء المقربين. وقال المسئولون الفرنسيون أن ماكرون يبحث الرد المناسب وجددوا دعوته لأوروبا لتعزيز قدراتها الدفاعية الخاصة.
وتقول وكالة بلومبرج الأمريكية أن رد فعل ماكرون العام موجه جزئيا إلى الجمهور المحلى. فقبل سبعة أشهر على موعد الانتخابات الرئاسية، تقترب منافسته الرئيسية القومية مارين لوبا نفى بعض استطلاعات الرأى. ويريد أن يظهر للناخبين أنه صارم، لكن من المرجح أن يدعى الحلفاء وقتا للغضب.
وقال المتحدث باسم الحكومة الفرنسية غابرييل أتال، أن الرئيس الفرنسى إمانويل ماكرون ونظيره الأمريكى جو بايدن سيتهاتفان فى الأيام المقبلة لبحث ملف صفقة الغواصات.
وخلال حديث تلفزيونى، بيّن أتال أن هذا الاتصال يهدف إلى الحصول على تفسيرات حول هذا الموضوع، الذى تعتبره فرنسا بمثابة خيانة كبيرة للثقة بين البلدين.
وتقول بلومبرج أنه بمجرد أن يهدأ الغبار، يمكن أن يسعى ماكرون للحصول على تنازلات مثل تخفيف قيود سفر كورنا إلى الولايات المتحدة أو تعزيز المساعدات الأمريكية من منطقة الساحل الافريقية حيث يحارب الجنود الفرنسيون المتطرفين. وقال أنطوان بوندار، الباحث فى باريس على تويتر أن الولايات المتحدة قد تلقت الرسالة وقد قدمت أول بادرة، وينغى أن ندافع عن مصالحنا، مشير إلى أن فرنسا قد تسعى إلى طرق أخرى للتعاون مع الحلفاء فى المنطقة.
لكن الحقيقة، وكما تقول الوكالة الأمريكية هى أنه بمجرد أن يهدأ الغضب ويتحول إلى قبول، سيكون لدى ماكرون دعم محدود لأى استجابة ذات مغزى من جانب باقى أوروبا.
فأفكاره بشأن تقليل اعتماد أوروبا على الولايات المتحدة والناتو ليست جديدة، فقد سبق أن وصف الحلف بأنه ميت إكلينيكيا، كما أن شرق أوروبا تتشكك فى أى خطوة من شأنها أن تقلل من الوجود الأمريكى فى المنطقة حيث تشعر بالتهديد من روسيا. ومع إجراء انتخابات فى المانيا، فإن مفاوضات الحلف ربما تستمر حتى العام المقبل.
ووفقا للمسئولين، فإن ما أغضب الفرنسيين هو انهم لم يعلموا بأمر صفقة الغواصات، كما أن فرنسا غاضبة من أنها لم يطلب منها أن يكون جزءا من الشراكة الأمريكية البريطانية الأسترالية.
فباريس لديها مصالح هامة فى منطقة المحيطين الهادى والهندى، ولديها 2 مليون مواطن وآلاف الجنود المنتشرين فى الجزر لفرنسية المختلفة. ومثل الولايات المتحدة وأستراليا، تشعر بالقلق إزاء قوة الصين ورانت نفسها دوما كطرف رئيسى فى المنطقة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة