أثارت الشراكة الأمنية التى أعلنها الرئيس الأمريكى جو بايدن مع كلا من بريطانيا واستراليا، حالة من الغضب فى المجتمع الدولى، ووصفتها الصين بأنها تشبه تفكير عهد الحرب الباردة واعتبرتها فرنسا طعنة فى الظهر من استراليا.
وقالت صحيفة واشنطن بوست إن الشراكة الأمنية التى أعلن عنها بايدن، والتى ستقدم بموجبها واشنطن ولندن تكنولوجيا شديدة الحساسية خاصة بالغواصات النووية لاستراليا، تمثل تغييرا كبيرا عن السياسة السابقة وتحدٍ مباشر للصين فى منطقة جوارها فى المحيط الهادى.
وجاء إعلان بايدن خلال قمة افتراضية مع رئيس الوزراء البريطانى بوريس جونسون ورئيس الوزراء الإسترالى سكوت موريسون، وكشفا عن تحالف ثلاثى سيعرف باسم AUKUS، وكانت بريطانيا هى الدولة الوحيدة التى تشارك الولايات المتحدة تكنولوجيا الغواصات النووية، فى اتفاق يعود إلى عقود سابقة وكان هدفه إلى حد كبير مواجهة الاتحاد السوفيتى السابق.
باين وجونسون وموريسون
وقال بايدن في كلمة له: "نتخذ اليوم خطوة تاريخية أخرى لتعزيز التعاون بين دولنا الثلاث لأننا ندرك جميعًا ضرورة ضمان السلام والاستقرار في منطقة المحيطين الهندي والهادئ على المدى الطويل".. مضيفا: "تهدف هذه المبادرة إلى التأكد من أن كلا منا لديه أحدث القدرات التي نحتاجها للمناورة والدفاع ضد التهديدات سريعة التطور".
وتقول واشنطن بوست إنه على الرغم من أن القادة الثلاثة لم يذكروا الصين فى تصريحاتهم، إلا أن هدف التحالف الجديد كان واضحا، وهو تحدى النفوذ العسكرى والاقتصادى المتزايد للصين. ويأتى هذا الأمر فى ظل التوترات المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين حول سلسلة من القضايا منها ما يتعلق بطموحات بكين العسكرية، وقد أوضح بايدن أنه يعتبر الصين المنافس العالمى الأكبر للولايات المتحدة.
وتوضح واشنطن بوست أن الغواصات التى تعمل بالطاقة النووية أسرع وأكثر قدرة ورصدها أصعب كما أنها على الأرجح أشد فتكا من الغواصات التقليدية. وأضافت أنه يُعتقد أن البحرية الصينية تمتلك ست غواصات نووية هجومية، والعديد من الغواصات التقليدية، وتخطط لتوسيع أسطولها الذى يعمل بالطاقة النووية خلال العقد المقبل.
من ناحية أخرى، أعربت فرنسا عن غضبها إزاء هذه الشراكة الجديدة، والتى تسبب فى تراجع أستراليا عن صفقة قيمتها 40 مليار دولار أبرمتها عام 2016 مع مجموعة نافال جروب الفرنسية للصناعات الدفاعية لشراء غواصات تقليدية، مقابل هذه الشراكة.
واتهمت فرنسا الرئيس الأمريكى بطعنها من الخلف والتصرف مثل سلفه الرئيس دونالد ترامب، بحسب ما ذكرت وكالة رويترز.
وقال وزير الخارجية الفرنسى جان ايف لودريان فى تصريحاا إن هذا القرار الوحشى أحادى الجانب وغير المتوقع يذكرنا كثيرا بما اعتاد أن يفعله ترامب، وأعرب لودريان عن شعوره بالغضب والمرارة، وقال إن هذا لا يحدث بين الحلفاء.
ووصف الوزير الفرنسى الأمر بأنها طعنة من الظهر، وقال: لقد أنشأنا علاقة ثقة مع استراليا وهذه الثقة تم كسرها.
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان لها إن القرار مخالف لنص وروح التعاون الذي ساد بين فرنسا وأستراليا، وأضافت أن الخيار الأمريكى الذي يؤدّى إلى إقصاء حليف وشريك أوروبى مثل فرنسا من شراكة مزمنة مع أستراليا، فى وقت نواجه فيه تحديات غير مسبوقة فى منطقة المحيطين الهندي والهادى يشير إلى عدم ثبات لا يمكن لفرنسا إلا أن ترصده وتأسف له.
بدورها، أعلنت نيوزيلندا أن الحظر السارى منذ عقود على دخول أى قطعة بحرية تعمل بالوقود النووى المياه الإقليمية، سيسرى على الغواصات التى تعتزم أستراليا الحصول عليها.
وقالت رئيسة وزراء نيوزيلندا، جاسيندا أرديرن إن موقف بلادها المتعلق بمنع القطع البحرية التي تسير بالدفع النووى من دخول مياهها لم يتغير.
وأضافت أن نظيرها الأسترالى، سكوت موريسون، أبلغها بعزم بلاده على بناء غواصات تعمل بالوقود النووى بمساعدة من الولايات المتحدة وبريطانيا. ورغم تأكيدها أن "هذا الترتيب لا يغير بأي حال من الأحوال العلاقات الأمنية والاستخباراتية مع هذه الدول الثلاث، ولا مع كندا، إلا أنها شددت على أن بلادها لن تستثني الغواصات التي تعتزم أستراليا الحصول عليها من الحظر السارى منذ 1985 على دخول السفن العاملة بالطاقة النووية المياه النيوزيلندية.
وعلقت الصين على الشراكة الأمنية الثلاثية، وطالبت الولايات المتحدة وبريطانيا واستراليا بالتخلى عن تفكير الحرب الباردة وإلا سيخاطرون بالإضرار بمصالحهم الخاصة. وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية إن قرار بريطانيا والولايات المتحدة تصدير تكنولوجيا غواصات نووية بالغة الحساسية لاستراليا كنموذج ازدواجية معايير غير مسئول بشكل هائل. وأضاف أن المجتمع الدولى بما فى ذلك الدول المجاورة قد تشككوا فى التزام استراليا بحظر الاتشار النووى، مشيرا إلى أن الصين ستراقب الوضع عن كثب.
وقال المتحدث إن على الدول الثلاث أن تتخلى عن عقلية الحرب الباردة التى عفا عليها الزمن والمفاهيم الجيوسياسية ضيقة الأفق، وأن يحترموا تطلعات شعوب المنطقة ويفعلوا المزيد من اجل السلام والاستقرار والتنمية فى المنطقة، وإلا فسوف ينتهى بهم الأمر إلى الإضرار بمصالحهم الخاصة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة