الإنسان بطبيعته يبحث دائمًا عن شماعة يُعلق عليها أخطاءه، وتقصيره، وإخفاقه، بهدف التنصل من تصرفاته التي لا يرضى عنها، وبالمُناسبة هذا التنصل يكون أمام نفسه أولاً قبل أن يكون أمام المُجتمع، فهو يأبى أن يعترف بتقصيره أمام نفسه، ربما لأنه لا يجد الدفاع والدفوع المُستساغة لتبرير سُلوكياته.
والغريب في الأمر أنه لا يجد سوى مصدر الأشياء لكي يُرجع إليها فشله، فهل نذكر أغنية "سيرة الحُب" لكوكب الشرق "أم كُلثوم" والتي تقول فيها: "يا للي ظلمتوا الحُب وقُلتوا وعِدتوا عليه... قُلتوا عليه مش عارف إيه.. العيب فيكم يا في حبايبكم... أما الحُب يا رُوحي عليه"، فهذه الكلمات لابد أن يُقاس عليها في كل المواقف التي نتعرض لها في حياتنا، فأي صدمة عاطفية يتعرض لها المُحب تجعله يكْفر بالحُب، وأي خير يُقْدم عليه الإنسان، ويجد أن المُتلقي لا يستحق، يبدأ التشكيك في الإنسانية، وأي حالة نصب يتعرض لها أي شخص يُرجع ذلك إلى الطيبة التي انعدمت، وأي خيانة يتعرض لها الإنسان تجعله يعيب على الدنيا، وهكذا كل موقف سلبي وسيء يحدث لنا في الحياة، نترك أسبابه وأطرافه وظُروفه، ونضع كل تركيزنا في الإساءة إلى مصدر الأشياء، رغم أن أساس الأشياء سليم ونقي ولا تشوبه أي شائبة.
فما ذنب الحُب في ظُلم وقسوة، وخيانة المُحبين، فقواعد الحُب ثابتة وراسخة، أساسها التفاني والصدق، والإخلاص، والتضحية، وما ذنب الحياة في خُبث وظُلم واستهتار البشر، فالحياة هي أساس الفطرة السليمة، ونبع الإنسانية، فكل مصادر الأشياء ليس لها علاقة أو ذنب في سُلوكيات الأشخاص، فنحن الذين نضع القواعد الحياتية التي نسلكها في مواقفنا، ونحن الذين نُؤول المعاني الجميلة والنبيلة والصادقة وفقًا لمصالحنا الشخصية.
فلا تعيبوا على أصل الأشياء، ولا تسبوا دُنياكم، ولا تُسيئوا للمصدر، فالعيب ليس في كل ذلك، ولكن فينا نحن، فعلينا أن نُعدل أنفسنا، ونعود إلى الفطرة السليمة، ونستعمل فطنتا لحماية أنفسكم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة