منذ أن تم عزل حركة النهضة الاخوانية من سدة السلطة في تونس واتساع التأييد الشعبي لقرارات الرئيس والتي بلغت وفق استطلاع للرأي ما نسبته %87 من التونسيين؛ يزيد من قتامة المستقبل السياسي للإخوان في العالم، خاصة في ظل حالة الغضب الشعبي ضد الجماعة وأذرعها في كل مكان، وفقدانهم للحلفاء، فالأحداث الأخيرة في تونس لقيت ردة فعل عربية ودولية هادئة ومستوعبة، وهذا يعيد الى الاذهان فشل تجربة الاخوان المسلمين في مصر، واخفاقهم من محاولات الصعود الى السلطة في سوريا.
دراسة للمركز الفرنسي للأبحاث والدراسة السياسية لقد فشل الإسلام السياسي أن يقدم نفسه كبديل مقنع للشعوب العربية، ولم يستطع أن يُنشئ مشروعاً سياسياً أو أن تكون له قيادات فاعلة ومحبوبة من قبل الشعب، بل دخلت في خلافات مع الأطراف الأخرى ومؤسسات الدولة من أجل البقاء في السلطة.
وتابعت الدراسة أن جماعات الإسلام السياسي تؤمن بالوطن كحيز معنوي وليس كحيز وطني، فيكفي ان تبايع هذه الجماعات أحد قادتها كخليفة ليصبح لديهم خلافة دون فرض السيادة على الجغرافيا من خلال تحسين ظروف المجتمع والتفكير في تنميته، فهي لا ترى نفسها الا امتداداً للتنظيم في كل مكان، فهي تحاول أن تستنزف مقدرات الوطن من أجل الانتماء والبيعة للتنظيم الدولي، حتى وأن أظهرت غير هذا. ولذلك عندما أسقطت الحركة في بعض الدول وجدت نفسها معزولة ولم يقف معها.
لكن هذا لا يعني أن هذه الجماعات الإسلامية تفقد الامل بالعودة مرة ثانية الى المشهد السياسي، فهي تحاول بشكل مستميت التشبث بالسلطة بكل الوسائل، ففي مصر حاول من خلال نهج العنف، وفي تونس ما زالت تراوغ وتسعى الى تغير تكتيكات مختلفة لتحافظ على بقاءها طرفا في المشهد السياسي سواء من خلال الخطابات التصالحية أو الدعوة لإجراء حوار سياسي مع الرئيس، في محاولة منها للخروج من أزمتها الحالية، بعد فشلها في حشد الاحتجاجات ضد قرارات الرئيس، وفشلها أيضا في الضغط على واشنطن، وتهديد الدول الأوروبية بورقة اللاجئين، من أجل أن يعتبروا قرارات الرئيس التونسي انقلاباً يتطلب تدخل المجتمع الدولي ضده.
وأوضحت الدراسة أن الإسلاميين في تونس كما في جميع البلدان فشلوا في بناء تحالفات قوية على الصعيد الإقليمي والدولي، لقد عادوا كثير من دول العالم العربي والغربي، من خلال مشاريع التدخل في أوربا واستغلال مساحات الحرية، وهو ما جعل الأطراف الدولية تتخوف منهم، بالإضافة الى فشلهم في بناء ثقة قوية مع الجماهير، لقد خيبوا آمال الناس وأنصارهم في كل العالم؛ لذلك قد لا تجد أصوات للجاليات الإسلامية في أي دولة غربية ومنها فرنسا التي يقطنها عدد كبير من المسلمين، أصبحوا لا يكترثون لما آلت له حركة النهضة، كما لن يكون مستغربا في المستقبل القريب النزوح التدريجي للتأييد الإسلاميين في أي انتخابات قادمة في أي دولة يكون الإسلام السياسي فيها حزباً ينافس على السلطة.
ولفتت الدراسة أن التراجع المطرد سيكون له الآثار الاكيدة على حجم التأييد الشعبي للإسلاميين في الدول الأوربية أيضا لا سيما فرنسا. وهو ما يمكن أن يؤسس لحقبة جديدة بعنوان "عزلة حتمية للإسلاميين"، وقد يساعد على ذلك حالة الإنكار والتعالي الخطيرة على الواقع، وذلك مظهر آخر من مظاهر فشل الاخوان، ولعله أيضا سيكون عامل محدد من عوامل ارتفاع الهتافات الشعبية ضد الإسلامين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة