الخبر السار الذى كشف عنه الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال افتتاح عدد من المشروعات في مدينة بدر يوم السبت كان له ردود فعل إيجابية في الداخل منذ افتتاح البورصة صباح الأحد وارتفاع مؤشراتها، وردود فعل إقليمية وعالمية، فالرئيس فاجئ الأوساط الاقتصادية وسوق المال المصرى وأسواق المال العالمية بعزم الحكومة المصرية وتخطيطها لطرح شركة العاصمة الإدارية الجديدة في البورصة المصرية خلال العامين المقبلين. وأن الطرح سيكون عبر صندوق شركة العاصمة الإدارية الجديدة، والذي يتوقع أن تكون الملاءة المالية لها بحدود 100 مليار جنيه أموال سائلة بالبنوك.
الرئيس توقع –وفقا لدراسات دقيقة- أن تتخطى أصول شركة العاصمة مع تنفيذ مخطط طرحها في البورصة مستوى 3 -4 تريليونات جنيه. ولن يتوقف الأمر عند العاصمة الإدارية فقط وانما سيطبق نفس الفكر والطريقة على مناطق جديدة مثل مدينة العلمين الجديدة وغيرها.
ماذا تعني تصريحات الرئيس وما تأثيراتها الإيجابية على أسواق المال المصرية ووضع البورصة المصرية ضمن البورصات الإقليمية والعالمية...؟
من بين المقولات الاقتصادية المعروفة وفي أدبيات الخبراء الاقتصاديين، "فالبورصة هي مرآة الاقتصاد" أي أن أسواق الأوراق المالية هي التي تعكس بالفعل الوضع الاقتصادي للدول
كما تعكس توقعات المستثمرين تجاه الوضع الاقتصادي، ومؤشرات السوق تعبر بالفعل عن الأداء الاقتصادي.
فتصريحات الرئيس بالفعل تؤكد نية الدولة في دعم وتقوية سوق المال المصرية من خلال الأطروحات الحكومية في البورصة. وهنا يبرز دور الدولة في دعم وإنعاش أسواق المال لتحقيق أهدافها والغرض منها وفتح منافذ جديدة لاستثمار راس المال للشركات والأفراد.. وهو ما ينتظره المستثمرون دائما لمنح مزيد من الثقة في سوق المال المصري.
الحكومة قد أعلنت من قبل عن برنامج طروحات ضخم يستهدف طرح حصص حوالي 23 شركة حكومية فى البورصة المصرية، من أبرزها طرح أولى لكل من بنك القاهرة وشركة «إى فاينانس» لتكنولوجيا تشغيل المنشآت المالية ضمن خطة الطروحات الأولية فى البورصة، بجانب طرح حصص إضافية من شركات الإسكندرية لتداول الحاويات والبضائع، وأبو قير للأسمدة، وسيدي كرير للبتروكيماويات.
الرسالة القوية لتصريحات الرئيس – كما وصفها الدكتور محمد فريد رئيس البورصة المصرية في تصريحات صحفية- تؤكد بأن الدولة حريصة على إدارة اقتصادها بشكل قائم على محورين مهمين، هما الشفافية وتوسيع قاعدة الملكية. وأن تخطيط الدولة لطرح كيانات كبيرة مثل «العاصمة» فى البورصة، سيكون بمثابة خطوة كبيرة ومهمة لزيادة معدلات الحوكمة والإفصاح والشفافية بالشركات التابعة للدولة، عبر قيدها فى سوق رأس المال، الأمر الذي سيعود بالنفع على الاقتصاد القومي.
خبراء اقتصاديون ومسئولون داخل مجلس إدارة البورصة يؤكدون أيضا أن الدولة من خلال ما قاله الرئيس السيسي تسعى نحو توسيع قاعدة الملكية، وما يتضمنه من زيادة عدد المستفيدين من المشروعات التنموية التى تقوم بها، والاستفادة من ثمار النمو الاقتصادي الذى يتم تحقيق جزء منه عبر الشركات المدرجة والمقيدة فى البورصة.
ومن المؤكد أن طرح شركة العاصمة الإدارية في سوق المال سيحقق عدة فوائد منها تنويع الشركة لمصادر تمويل توسعاتها والالتزام بمعايير الشفافية والإفصاح والحوكمة، بالإضافة إلى مزايا مباشرة للسوق مثل تنشيط معدلات التداول والأوراق المالية المتداولة فى السوق وجذب شرائح جديدة من المستثمرين.
الجانب الأهم أيضا على المدى الطويل في تصريحات الرئيس هو دعم موقف البورصة المصرية كسوق ثانوية ناشئة الى واحدة من أكبر البورصات العربية في الشرق الأوسط ثم وفى المستقبل ومع المزيد من الطرح العملاق قد تدخل ضمن قائمة البورصات الكبيرة بما يجعل مصر وجهه مثلى للاستثمار الأجنبي والعربي.
فالبورصة المصرية تحتل حاليا حسب القيمة السوقية لها، المرتبة الخامسة بين البورصات العربية، بعد البورصة السعودية التي تقدر قيمتها السوقية بحوالي 2.4 تريليون دولار، وبورصة أبو ظبي -220 مليار دولار- وبورصة الكويت 109.2 مليار دولار- وبورصة دبي -48.73 مليار دولار- ثم بورصة مصر بقيمة سوقية 44.4 مليار دولار
والبورصة هي السوق الذي يتم من خلالها بيع وشراء (عملية التداول) الأصل مثل أسهم الشركات أو عقود النفط. وتتمثل الوظيفة الأساسية للبورصة في ضمان تداول عادل ومنظم ونشر فعال لمعلومات الأسعار. وبالتالي فإن البورصات توفر للشركات والحكومات والمجموعات الأخرى والأفراد منصة لبيع وشراء الأوراق المالية مع جمهور المستثمرين،
ومن الناحية القانونية، تعد البورصة شخصية اعتبارية عامة، ولا توجد لها أسهم مصدرة أو مملوكة لجهات أخرى، حيث أنها ملك للدولة. ورغم أن البورصة المصرية ملك للدولة فإنها تدار كأية شركة خاصة، تعمل البورصة المصرية على قيد وتداول الأوراق المالية مثل الأسهم (العادية والممتازة)، السندات (الحكومية وسندات الشركات) وصناديق الاستثمار المغلقة، تقوم شركة الوساطة أو الشركة العضو بتداول الأوراق المالية آليا لحساب العميل أو المستثمر.
وبما أن مؤشرات البورصة تعطي نبذة عامة عن التوقعات والأداء الخاص بقطاعات اقتصادية واسعة في بلد ما، فبالتالي يعبر سوق الأسهم ككل عن آفاق الاقتصاد وتوقعات المستثمرين.
على سبيل المثال، يرتفع سوق الأسهم وينخفض بناء على قرارات الحكومة بشأن الإنفاق والضرائب، وكذلك قرارات البنوك المركزية بشأن أسعار الفائدة وتوفير السيولة، لأن المستثمرين يأخذون في الحسبان تأثيرات هذه الإجراءات على الأنشطة التجارية.
أيضا، يقيم المستثمرون بشكل استباقي آفاق الاقتصاد والقرارات المتوقعة لصانعي السياسات، ويحددون اتجاهاتهم الاستثمارية وفقا لهذا التقييم، ولعل ذلك ما جعل البورصات تشتهر باسم "مرآة الاقتصاد" حيث تعكس ما يحدث به والمتوقع له في أسعار الأسهم وقيم المؤشرات.
وبالنسبة للفرد، تمثل البورصة فرصة جيدة للاستثمار بحرية وشفافية، حيث تخضع الشركات التي تطرح أسهمها في البورصة لقواعد مالية إضافية تلزمها بالانضباط والكشف عن البيانات المالية والتغيرات الجوهرية، وتمنح المساهمين حق التصويت على القرارات المصيرية.
فيما تشكل فرصة للشركات من أجل زيادة رأس المال، ما يسمح لها بتنمية أعمالها وتوسيع عملياتها وخلق فرص عمل في الاقتصاد. هذا الاستثمار هو المحرك الرئيسي للتجارة الاقتصادية والنمو والازدهار.
وتعد البورصة المصرية من البورصات القديمة في العالم وتضم بورصتي القاهرة والإسكندرية وتأسست بورصة الإسكندرية في عام 1883، في حين تأسست بورصة القاهرة في عام 1903. وفي عام 1907 احتلت بورصتي القاهرة والإسكندرية المرتبة الخامسة عالمياً من حيث المعاملات وقيمة التداول، حيث بلغ عدد الشركات المتداولة في بورصة القاهرة 228 شركة، بإجمالي رأس مال قيمته 91 مليون جنيه مصري في ذلك الوقت. وفي الأربعينيات احتفظت البورصتان مجتمعتان بالمركز الرابع عالميا لكن التوجه الاشتراكي للاقتصاد المصري في الخمسينات والستينات أدى بالبورصة المصرية لأن تكون في حالة من الجمود ما بين عامي 1961 و1992.
وفي مرحلة التسعينيات بدأت الحكومة المصرية برنامجاً لإصلاح الاقتصاد المصري وخصخصة الشركات الخاسرة التابعة للدولة. ما استلزم عودة البورصة المصرية إلى النشاط مجدداً.
ومنذ تولى الرئيس السيسي فهناك حالة من التفاؤل بعودة البورصة المصرية الى مكانتها الطبيعية في ظل التوجه الجديد للحكومة بدعم وتطوير وتقوية سوق المال حتى أن كثير من خبراء السوق والخبراء الاقتصاديين يتوقعون أن ترتفع القيمة السوقية للبورصة المصرية عقب طرح شركة العاصمة الإدارية حوالى 5 مرات أي نحو
حوالي 225 مليار دولار الإضافة الى جذب مستثمرين أجانب جدد في السوق لم نرهم خلال الـ 3 سنوات الماضية. وخلق حالة انتعاشة كبيرة في البورصة المصرية، مما ينعكس بالإيجاب على الاقتصاد، كما أن ذلك سيلفت انتباه عدد من شركات التطوير العقاري العاملة في السوق خلال الفترة الراهنة للتخطيط للطرح في البورصة.
ويرى خبراء في القطاع العقاري ان طرح شركة العاصمة الإدارية في البورصة المصرية سيسهم في إنعاش السوق المالي، حيث أن القطاع العقاري قطاع واعد ويعد أحد أهم القطاعات الجاذبة للاستثمارات في مصر وأن الطرح يعد نقلة نوعية كبيرة للقطاع العقاري بوجه عام. وأكدوا ان تصريحات الرئيس والطرح المتوقع سيلفت انتباه عدد من شركات التطوير العقاري العاملة في السوق خلال الفترة الراهنة للتخطيط للطرح في البورصة، ويجذب شركات قابلة للنمو.
ويتوقع خبراء البورصة أن تختار الحكومة الوقت المناسب لطرح شركة العاصمة الإدارية في البورصة، والتي ستأتي مع ارتفاع نسبة مبيعات شركات العقارات وعمل تطورات ناجحة في السوق المصرية. مع زيادة اهتمام المستثمرين الأجانب بأسهم قطاع العقارات المدرجة في البورصة حاليا.
ويطالب مستثمرون بضرورة عمل خطة تسويقية كبيرة في السوق المصرية، وعمل جولات خارجية لاستقطاب مستثمرين أجانب جدد داخل السوق، فمصر لديها طلب قوي في العقارات أكبر من المعروض بكثير.وهو ما سوف يشجع عددا كبيرا من الشركات العاملة في السوق للانضمام إلى البورصة، وسوف يساهم طرح شركة العاصمة الإدارية في رفع كفاءة الشركات الأخرى، عن طريق ضخ سيولة تصل إلى نحو 100 مليار جنيه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة