الجار قبل الدار.. مقولة يعرفها الكبير والصغير، فقد قال سيد البرية فى حديث شريف: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره"، وقال أيضا "مازال جبريل يوصينى بالجار حتى ظننت أنه سيورثه"، وهذا إن دل فإنما يدل على عظم حق الجار ووجوب مراعاة ذلك بين الطرفين، والتأكيد على حقه بالوصية يقتضى ضرورة إكرامه والتودد والإحسان إليه، ودفع الضر عنه، وعيادته عند المرض، وتهنئته عند المسرة، وتعزيته عند المصيبة.
إلا أن ما شهدته مدينة العبور بمحافظة القليوبية كان عكس ذلك نهائيا، فقد كان الجار سببا فى إدخال ساعات الرعب والخوف على طفلة لم تتعد الـ 7 سنوات، بعد أن خطط ودبر لخطفها، برفقة متهمين آخرين، لتظل الأسرة طوال 72 ساعة فى حالى من الذعر على طفلتهم التى أتتهم عنها التهديدت بأنه سيتم قتلها والاستفادة بأعضائها إن لم يتم سداد فدية لها تصل إلى 3 ملايين جنيها.
"اليوم السابع" انتقل إلى مدينة العبور للتعرف على تفاصيل الواقعة، ومعايشة حالة الفرحة الكبيرة التى شهدتها الأسرة بعد نجاح رجال الأمن وخاصة إدارة البحث الجنائى بسرعة ضبط المتهمين وتحرير الفتاة وإعادتها لأسرتها وإدخال السرور والبهجة من جديد عليهم، دون أن تصاب الفتاة بأى أذى أو يتحمل والدها أية أعباء مالية.
فى البداية، قال حسين كمال، والد الطفلة "مديحة"، إن ابنته تبلغ من العمر 7 سنوات، وأنه يعمل بمحل خاص به بسوق العبور، ويوم الواقعة تلقى اتصالا هاتفيا من أحد الأشخاص يخبره بأن ابنته بحوزته، وأنها مختطفة ولابد من إحضار مبلغ 3 ملايين جنيه كفدية لها ليتسلم ابنته، وإلا فلا يسأل عنها لأنه سيتم التخلص منها وبيعها كأعضاء بشرية بنفس المبلغ المطلوب، وحددوا نفس اليوم لتسليم المبلغ، أى بعض 6 ساعات من المكالمة الهاتفية.
وتابع والد الطفلة لـ "اليوم السابع"، أنه بدأ في عرض المحل الخاص به في سوق العبور للبيع وكذلك سيارته الخاصة ومنزله الذي يقطن به بالمدينة لتوفير المبلغ المطلوب كفدية لنجلته، إلا أن أسرته طالبته بالتوجه لقسم شرطة العبور وتحرير محضر بالواقعة، وبالفعل توجه علي الفور للقسم وحرر المحضر، وبدأ رجال المباحث فى تولى مهمة البحث عن نجلته والتوصل للمتهمين دون ان تصاب الفتاة بأى أذى.
وأوضح "حسين"، أن رئيس مباحث قسم شرطة العبور أكد له أنه سيتم تكثيف الجهود لسرعة ضبط المتهمين وتحرير الطفلة دون أن تصاب بأي أذي، قائلا "رئيس مباحق قسم العبور قالي بنتك هجيبها لك وحافظ علي فلوسك مش هتدفع ولا مليم وبالفعل وفي بوعده ورجعلي بنتي خلال 72 ساعة وأدخل على أهل بيتي كلهم الفرحة والسرور".
وأشار "حسين"، إلى أن المتهمين يوم الواقعة حاولوا خطف نجلى الأكبر "شقيق مديحة الأكبر" فى صباح يوم اختطاف شقيقته، لكن نجله تمكن من الهرب والجرى للمنزل، موضحا أن نجلته كانت متوجه إلى سوبر ماركت بجوار المنزل هى وابنة عمها، وحين عودتهما توقفت سيارة ملاكى سوداء اللون وكممت نجلتى ودفعت ابنة أخى وهددوها إن تفوهت بشئ سيتم خطفها هى الأخرى وأدخلوا على الطفلة الأخرى الرعب والذعر "من يوم الواقعة كل أطفال المنطقة خايفة تنزل الشارع من اللى حصل".
واستطرد "حسين"، الصدمة الكبرى حينما تعرفنا على المتهمين خلال عرضهم بالمباحث، وأن الذى خطط ودبر للواقعة من البداية حتى النهاية هو جارنا بالمنزل، ويقطن بالدور الأرضى بالمنزل سواء فى مدينة العبور، أو بالقرية بمركز ملاوى بمحافظة المنيا بصعيد مصر، "بصراحة اتصدمت لما عرفت أن اللى خطط لخطف ابنى الصبح ولما فشل خطف بنتى الساعة 4 العصر هو جارى وابن بلدى، مع أن والده أخونا وحبيبنا وعمرنا ما شوفنا منه حاجة وحشة ليه ابنه يعمل كده، وربنا يهديه".
فيما عبرت أحد الجيران لأسرة الطفلة عن فرحتها بعودة الطفلة مديحة بعد اختطافها، مشيرة إلى انها عندما سمعت انطلاق الزغاريد بالمنزل هرولت على الفور لمشاركة الأسرة فرحتهم بعودة نجلتهم، موجهة الشكر لرجال الأمن والمباحث بالقليوبية على الجهود الكبية التى تم بذلها لإعادة الطفلة على الفور.
وبدورها أيضا عبرت جدة الطفلة عن فرحتها بعودة حفيدتها لأحضانها من جديد، قائلة "والله كنا بنموت حرفيا من الرعب على البنت، ومليون شكر لرجال الأمن والمباحث بالقليوبية، على دورهم العظيم والكبير وكل المجهودات اللى بذلوها فى إعادة البنت، إحنا فوجئنا برجال المباحث يطرقون باب المنزل وفى يدهم مديحة والله أنا أغمى عليا من الفرحة وعودة حفيدتى لحضنى من جديد والأمن أعاد ليا الروح بعد ما كان كل واحد بيموت حرفيا من الرعب على البنت".
تم تشكيل فريق بحث بمديرية أمن القليوبية وإدارة البحث الجنائى بالمديرية، وتوصلت التحريات إلى أن وراء ارتكاب الواقعة 3 أشخاص عقب تقنين الإجراءات تم إستهدافهم وأمكن ضبطهم وبرفقتهم الطفلة المُختطفة وضبط السيارة المُستخدمة فى إرتكاب الواقعة.
وبمواجهتهم اعترفوا بارتكابهم الواقعة بتخطيط وتدبير من أحد المتهمين لعلمه بثراء والد المختطفة نظراً لطبيعة عمله كتاجر، والذى عرض على المتهمين الأخرين مخططه الإجرامى نظير التحصل على مبلغ مالى يتم إقتسامه فيما بينهم، وتم بإرشاده ضبط الهاتف المحمول المستخدم فـى المساومة وتحرر محضر بالواقعة وتولت النيابة التحقيق فأمرت بحبس المتهمين وطلب تحريات المباحث.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة