قلق خلف أسوار السجون بأوروبا، فبرغم النجاحات التي تحسب لدوائر الأمن والاستخبارات داخل الدول الأوروبية في إسقاط العناصر الإرهابية بشكل دوري عبر عمليات استباقية تارة، وعبر الملاحقة في أعقاب الهجمات التي تشنها الذئاب المنفردة تارة أخري، إلا أن نشاط تلك العناصر داخل السجون ونجاحها في نشر أفكارها الإرهابية في أوساط المسجونين الجنائيين؛ تثير المخاوف مما بات يعرف بـ"خلايا السجون".
وتثير سجون أوروبا قلق السلطات بعد أن تحولت إلى مراكز لتجنيد الإرهابيين، حيث ينشط الفكر المتطرف فى السجون الأوروبية، فالحالة النفسية للسجين بحسب خبراء تجعله فريسة سهلة للجماعات المتطرفة.
وقبل قرابة شهرين، أصدر المركز الدولى لدراسة التطرف التابع لجامعة كينج فى لندن، دراسة قال فيها إن عدد السجناء فى غالبية الدول الأوروبية مدانين على خلفية مرتبطة بالإرهاب، ما يجعل السجون بؤرة انتشار التطرف، حسبما قالت صحيفة "لاراثون" الإسبانية.
وأكد الباحثون فى المركز الدولى بعد تحليل 790 متطرفا أوروبيا بأن لهم ماضى إجرامى خاصة من بلجيكا وبريطانيا والدنمارك وفرنسا وألمانيا وهولندا، و57% ممن شملتهم الدراسة كانوا في السجون قبل أن يجنحوا إلى التطرف، فيما 27% على الأقل ممن امضوا عقوبة في السجن، جنحوا نحو التطرف وهم خلف القضبان.
وقال رافايلون بانتوتشى، مدير دراسات الأمن الدولية للخدمات المتحدة، أن وجود سجين متطرف وسط السجناء الآخرين، يمثل قنبلة موقوتة، حيث إنه سينقل لهم أفكاره المتطرفة ومعتقداته، مستغلا الظروف التى يعانى منها باقى السجناء، فى محاولة لاقناعهم بالتطرف.
وتأتي فرنسا على رأس هذه الدول بثلثي المساجين (549 من إجمالي 1405)، تليها إسبانيا (329) ثم بريطانيا (238) وبلجيكا (136)، أما بقية الدول ففيها أعداد من رقمين فقط (السويد وهولندا والنرويج والدنمارك) أو لا توجد فيها إحصائيات مكتملة (مثل ألمانيا واليونان).
وفى السياق نفسه ، قال معهد إلكانو للدراسات الأمنية فى تقرير صادر فى ديسمبر الماضى، إن السجون تعد أحد واحات انتشار الفكر المتطرف فى الآونة الأخيرة، مشيراً إلى السجناء المدانين بالإرهاب خطرهم لا ينتهى فى مراكز الاحتجاز، وإنما يشكلون تهديداً آخر ألا وهو نشر أفكارهم بين المدانين بجرائم جنائية أو جرائم غير إرهابية بشكل عام.
وقال المعهد فى الدراسة التى نشرتها عدة وسائل إعلام إسبانية إن 10.5% من الذين أدينوا بنوع من النشاط الإرهابى فى أسبانيا كانوا ينقلون تطرفهم إلى السجناء بجرائم عادية.
ووفقا للتقرير، أصبحت السجون أرض خصبة لنشر الإرهاب وهى حقيقة معروفة للمسئولين عن الأمن والاستخبارات فى الدول الغربية، ولكن الآن وبعد عدة سنوات من الدراسة، خرج 20 إرهابيًا من السجون الاسبانية فى الفترة بين 2015-2018، وسيخرج 52 حتى 2022، وأكثر من 70 حتى عام 2026، ولكن كل إرهابى قضى فترة العقوبة فى السجن يمثل خطورة على المسجونين الآخرين الذين يتم تحويلهم إلى إرهابيين يحملون أفكار متطرفة.
ووفقا لفيرناندو ريناريس، مدير برنامج التطرف العنيف والإرهاب العالمى فى معهد إلكانو، فإن السجون فى إسبانيا هى نقطة انطلاق للنشاط الإرهابى، مضيفا أن "نسبة التطرف فى السجون الإسبانية كبيرة لكنها أقل بكثير من ذلك المسجل فى بلدان آخرى، إلا أن الأمر يحتاج إعادة نظر، وفصل ذوو الفكر المتطرف عما دونهم من السجناء".
وشددت الباحثة الرئيسية للبرنامج، كارولا جارثيا كالفو، على أن غالبية الحالات من الرجال، ومتوسط العمر 28 عاما، وجميعهم لديهم رؤية أصولية للإسلام.
ولم تكن إسبانيا فقط من تشعر بالقلق ، فبحسب صحيفة "لابانجورديا" الإسبانية فإن السلطات البريطانية تلقت تحذيرات من هجوم إرهابى لسجين تم إطلاق سراحه فى الوقت الذى ازداد فيه القلق حول الشبكات الارهابية داخل السجون، وقال أحد الضباط إنه "يخشى وقوع المزيد من الهجمات من قبل السجناء المفرج عنهم، مشيرا إلى أن "السجين الجديد الذي يأتي برؤية متطرفة يغادر السجن برؤية أقوى".
وقالت الحكومة إنها أجرت تغييرات مهمة على الطريقة التي يتم بها التعامل مع السجناء الإرهابيين، بما في ذلك إنهاء الإفراج التلقائي وتحسين تبادل المعلومات الاستخباراتية.
لكن الضابط أكد أنه "لا توجد سيطرة" على السجناء المتطرفين، مضيفا: "بصرف النظر عما يقوله الوزراء، الوضع ليس جيدا في سجون المملكة المتحدة، هذا أمر مروع".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة