كانت الفكرة الرئيسية التي قدمها الإعلام الغربى لجولة الرئيس الأمريكي جو بايدن الأوروبية هذا الشهر هي "الديمقراطية فى مواجهة الاستبداد"، ووصفت وسائل الإعلام البريطانية والأمريكية اجتماع قادة مجموعة السبع بنادى الديمقراطية، لكن الحقيقة التي تعترف فيها تلك الصحف نفسها الآن أن الديمقراطية التي حاول بايدن الترويج لها الخارج، تواجه معضلة كبيرة فى الداخل.
حيث قالت صحيفة واشنطن بوست إن الرئيس بايدن الذى كان يروج للديمقراطية فى أول رحلة خارجية له منذ توليه الحكم، يواجه تحديات فى القضية نفسها داخل الولايات المتحدة.
فبعد عودته فى جولته الأوروبية يوم الأربعاء الماضى، قال بايدن "لم أتوقع أبدا، مهما كانت الرئيس ترامب مقنعا، أن يكون لدينا أشخاص يهاجمون ويقتحمون أبواب كابيتول الولايات المتحدة"، فى إشارة إلى أحداث اقتحام الكونجرس فى 6 يناير باسم الرئيس الأسبق. وتابع بايدن قائلا: لم أتوقف أن يحدث هذا، ولم أتوقع أن أراه فى حياتى.
لكنه عاد ليقول إن الهجوم قد أكد ببساطة ما كان يتعلمه دائما من قبل الجميع بدءا من أساتذته فى العلوم السياسية وحتى زملائه السابقين فى مجلس الشيوخ، وهو أن كل جيل عليه أن يعيد تأسيس قاعدة قتاله من أجل الديمقراطية.
وقالت واشنطن بوست إن أبرز رسالة لبايدن خلال جولته التي استمرت أكثر من أسبوع كانت الحاجة لأن تسود الديمقراطية على الاستبداد فيما وصفه باعتباره التهديد الوجودى للقرن الحادى والعشرين.
إلا أن المعركة من أجل الديمقراطية، أو نسخة منها بحسب الصحيفة، لا تدور فقط فى أوروبا ولكن أيضا فى الولايات المتحدة، وتتعقد رسالة بايدن بالاضطراب فى البلد الذى يقوده الذى تمثل فى أحداث اقتحام الكونجرس ومزاعم ترامب التي لا أساس لها بسرقة انتخابات 2020، والمساعى لفرض قيود على التصويت وعمليات إعادة فزر الأصوات لانتخابات تم إعلان نتائجها منذ فترة طويلة.
ورأت الصحيفة أن بايدن فى معركته للترويج لقيم الديمقراطية فى الخارج يخاطر بأن يبدو وكأنه يتغاضى عن التهديدات التي تشهدها بلاده.
ويقول مايكل كازين، المؤرخ بجامعة جورج تاون الأمريكية إنه فى أي وقت يكون فيه البلد منقسم حقا، فإن هذا سيجعل الرئيس يبدو أضعف. وأضاف أن اللافت حقا الآن هو عدد الأمريكيين الذين يشككون فى انتصار بايدن ويقولون إنهم منفتحون للعنف السياسى. ويشير إلى أن مسألة الانتخابات المتنازع عليها تختلف عن وجود عدد أكبر من الأشخاص فى الحزب الخاسر يقولون إنهم لا يقبلون النتائج.
وصارع بايدن بشكل واضح هذا التحدى خلال أوقات فى جولته التي شملت كورنوال بببريطانيا وبروكسل وجنيف. ففي مقر الناتو ببروكسل، توقف لبرهة قبل أن يجيب عن سؤال يتعلق بأحداث الكابيتول والسياسات المثيرة للانقسام بشكل عام ومدى تأثيرها على مصداقيتها مع حلفائه الذين يعرفون أن ترامب أو أن شخصية مثل ترامب ربما تعود إلى السلطة فى واشنطن فى غضون سنوات.
وجادل بايدن بشكل أساسى بأن ترامب كان حالة شاذة، وقال إنه لا يقدم وعودا لأى شخص لا يعتقد أنه من المرجح أن يفى بها، وأضاف أن القادة الأوروبيين يعرفون تاريخ أمريكا الحديث ويعرفون شخصية الشعب الأمريكي، ويعتقدون مثله أن الشعب الأمريكي م يبقى هذا النوع من السلوك.
وتؤكد الصحيفة أن هذه المعضلة لن تختفى فى أى وقت قريب، فرحلة بايدن الخارجية القادمة يمكن أن تكون فى الخريف القادم عند انعقاد قمة العشرين فى روما وقمة المناخ فى جلاسكو. وخلال هذا الوقت، أشار ترامب إلى أنه سيكثف نشاطاته، ويعقد فعاليا ويؤيد مرشحين فى الوقت الذى لا يزال يروج فيه لأكاذيب سرقة الانتخابات ويتفق معه العديد من الجمهوريين.
كما أن بايدن يواجه شكوكا من الليبراليين. فقالت النائبة بارميلا جايابال، رئيس تكتل التقدميين فى الكونجرس، إن الديمقراطية فى خطر حقيقى فى الولايات المتحدة. ومع ذلك، لا ينبغي أن يوقف بايدن هذا من الترويج للديمقراطية على الاستبداد على الصعيد العالمى.
وقال جايابال: إنه لا شك أن هناك الكثير من العمل الذى يجب أن يتم لحماية الديمقراطية الأمريكية، وقالت أنها تعتقد أن ما حدث فى 6 يناير أظهر مدى اقتراب خسارتها. لكنها لا تعتقد أن هذا يقوض قدرة أمريكا على الترويج لها فى الخارج.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة