أكد المتحدث باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية القمص موسى إبراهيم أن تاريخ الكنيسة يشهد بوطنيتها، وأن وطنية الكنيسة نابعة من أن بدايتها كانت فى مصر وأنها لم تدخل إلى بلادنا في لحظة تاريخية بل أنها بدأت هنا، ولذلك قداسة البابا تواضروس الثاني يحب في تسميته للكنيسة أن يقول "الكنيسة المصرية".
وقال المتحدث- فى حوار لوكالة أنباء الشرق الأوسط إن وجود قداسة البابا تواضروس الثاني في المشهد يوم 3 يوليو 2013 وما حمله موقف الكنيسة كان يحمل رؤية بعيدة المدى لما تشهده مصر الآن من إنجازات، وأن ما حدث يومها هو ما أثمرته الآن من سعى واضح لقيادة مصر في اتجاه التنمية الحقيقية، فضلا عن دورها الهام على المستوى الإقليمي والدولي.
وأضاف أن الدور الوطني للكنيسة واضح خلال السنوات الأخيرة، فهناك أحداث تستوجب أن تتخذ الكنيسة مواقف وطنية، وهو أمر يحدث عبر التاريخ، وأن الأحداث التي شهدتها مصر خلال السنوات العشر الماضية كانت تستوجب أن تكون الكنيسة حاضرة بقوة في المشهد فقط لتساند الوطن، معتبرا أن الكنيسة هي أحد مكونات المجتمع وجزء منه، وأن أبناء الكنيسة مصريون خالصون فمن الطبيعي أن تكون الكنيسة وطنية.
وأشار إلى أن الكنيسة تساند تماما موقف مصر في قضية سد النهضة، وأن الكنيسة دعت من خلال قداسة البابا تواضرس الثاني في قداس عيد القيامة المجيد إلى الحوار والتفاوض لكي تحل الأمور، بما يؤدي إلى تحقيق مصالح كافة الأطراف وبشكل سلمي، لأنه من الطبيعي أن تدعو الكنيسة إلى الحوار والسلام .
وأوضح أن الدولة بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي تضع في الاعتبار كل كيانات الدولة ومنشغلة بحقوقها ومعالجة كافة المشكلات والقضايا مع كافة الكيانات وليس الكنيسة فقط، لافتا إلى أن شريحة مثل محدودي الدخل هم الشغل الشاغل للدولة، وهو ما يؤكد أن تعامل الدولة مع كل كيانتها أصبح مختلفا تماما، ومن ضمن هذه الكيانات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، منوها بأن الكنيسة عاشت عصور صعبة للمطالبة فقط بأبسط الحقوق وليس تنفيذها، وأن آلية الدولة تغيرت في التعامل مع الجميع وليس مع الكنيسة فقط.
ونوه المتحدث باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بأن قداسة البابا عقد اجتماعا بشأن الأزمة الخاصة بدير السلطان بالقدس، وأن هذا الاجتماع أكد على نقاط شديدة الأهمية، وهي تمسك الكنيسة بحقها وملكيتها لدير السلطان، حيث يؤكد التاريخ والوثائق التي تملكها الكنيسة هذه الملكية، وأن هناك حكما صادرا عن المحكمة الإسرائيلية في 1971 تضمن أمر للسلطات بتسليم الدير للكنيسة القبطية، وأن الاجتماع أكد أن الكنيسة سوف تظل تسعى لبسط سلطتها الكاملة على الدير باتباع الطرق القانونية والسلمية وهذا ليس معناه أن هناك تراخي أو تراجع من الكنيسة التي رفضت كل محاولات فرض الأمر الواقع.
وذكر القمص موسى إبراهيم أن قانون الأحوال الشخصية قارب على الصدور، وأن قداسة البابا تواضروس الثاني عندما جلس على كرسي مارمرقس وجد أن مجلسا إكليريكيا واحدا يهتم بمشكلات الأحوال الشخصية لجميع الأقباط أمر يسبب ثقل في اتخاذ ما يلزم من قرارات، ولذلك أصدر قرارا بتقسيم الإيبراشيات إلى 5 مجالس إكليريكية في مصر، وهو ما ساهم في حل مشكلات كثيرة حتى من قبل صدور القانون، وهو ما سوف يساهم في معالجة التركة الكبيرة الموجودة في هذا الموضوع، لافتا إلى أن المجلس الإكليريكي دوره الرسمي هو بحث علاقات الزواج التي حكمت فيها المحكمة حكما نهائيا بالانفصال بأي شكل من أشكال الانفصال، ولكن لأن أعضاء المجلس في النهاية هم رعاة وخدام فمن الطبيعي أن يتجهوا إلى فكرة إيجاد حلول بديلة من خلال محاولات التوفيق والصلح.
وقال إن قداسة البابا تواضروس الثاني شغله الشاغل هو أبناء الكنيسة فهو يتابع بكل اهتمام ما يقدمه المركز الإعلامي للكنيسة أو قناة (coc)، للتواصل مع أبنائه، وأنه يهتم بمعرفة مدى تأثير ووصول الرسائل إلى أبناء الكنيسة، حيث يدرك قداسة البابا تواضروس الثاني أننا في عصر أصبحت فيه (الميديا) من أهم وسائل الخدمة والتعليم والتواصل بين الكنيسة وأبنائها في ظل المتغيرات الأخيرة التي يشهدها المجتمع.
وأضاف إن قداسة البابا تواضروس حريص على المتابعة والتدقيق في كل ما يقدمه المركز الإعلامي من رسائل تعليمية وتشجيعية خاصة مع الظروف الاستثنائية الخاصة بفيروس كورونا، وأنه حريص على فكرة التواجد وسط أبنائه وشعبه، ولذلك طلب بتكثيف رسائله التعليمية لأبنائه خاصة مع ظروف غلق الكنائس بسبب فيروس كورونا، فهو يستثمر كل وقت للقيام بعمل رعوي يتواصل فيه مع أبنائه، وأنه بعد إطلاق الموقع الرسمي للكنيسة القبطية تم تصميم استمارة لتحديد موعد لمقابلة قداسة البابا لمن يرغب من أبنائه بشكل مباشر.
وتابع إن الكنيسة تعاملت مع أزمة فيروس كورونا من منطلق الحرص على سلامة أبنائها، وأنها استخدمت ظروف كورونا لتقدم خدمة مختلفة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي خصوصا الخدمات التعليمية الخاصة بالتربية الكنسية، إلى جانب تقديم الخدمات الصحية من استشارات طبية وتقديم أدوية واسطوانات أكسجين وأي من المستلزمات الطبية الأخرى، لافتا إلى أن قداسة البابا كان من أول الناس الذين أعلنوا تلقيهم للقاح فيروس كورونا وكذلك فعل عدد كبير من الأباء الأساقفة والكهنة، وأن الكنيسة تشجع على أخذ المصل الخاص بفيروس كورونا، وأنها تتطلع إلى أن توفر أماكن تابعة لها لتلقي كل المواطنين للقاح.
ولفت إلى أن قداسة البابا تواضروس الثاني أكد خلال فترة أسبوع الآلام في مايو الماضي حرصه على توعية أبنائه باتخاذ الإجراءات الاحترازية باعتبارها خط الدفاع الأول، مطالبا بأن نتحمل تلك الإجراءات البسيطة التي يمكن احتمالها مقارنة بالمخاطر التي يسببها الفيروس على الحياة، لذلك من الضروري أن نلتزم بارتداء الكمامة بشكل صحيح وغسل الأيادي واتخاذ مسافات التباعد المناسبة بين الأفراد وبعضهم.
وأشار إلى أن العلاقات بين الكنائس المصرية طيبة ويوجد أيضا علاقات تعاون واضحة ومعلنة للجميع، وأنه يوجد مجلس كنائس مصر، ويوجد تنسيق قائم ومستمر في مختلف القضايا للتأكيد على هذه المواقف، وأن قداسة البابا لديه الحرص على التعامل بأبوة مع الجميع.
وأوضح المتحدث باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية أن الاختلاف في الآراء أمر يصب في صالح أي كيان، طالما جميع المختلفين لهم هدف واحد وهو مصلحة هذا الكيان، ولكن ما يطرح على صفحات التواصل الاجتماعي من آراء فيها إضافات تمثل نورا يصل إلينا وهو مكسب للكنيسة، ولكن لا نغفل أن هناك صفحات دائمة الهجوم على الكنيسة وآباء الكنيسة ولا أستطيع أن أتبين أهدافها، ولا ينطبق عليها أي قواعد، وما يقال ليس فيه نور ولا يصُب في مصلحة الكنيسة، وما يفعلونه أمر مؤذي ومعثر، وأن قداسة البابا يرى أن الجميع أبناؤه حتى من يسيئون، وهو يحتمل هؤلاء بصبر غير نافذ.
وتابع إن قداسة البابا تواضروس الثاني هو راعي كيان عظيم اسمه الكنيسة القبطية الأرثوذكسية أكبر كنيسة في الشرق الأوسط وتحمل تاريخا يقدر بعشرين قرنا من الزمان، وأن قداسة البابا يعلم قدر الكنيسة ويعلم قدر المسئولية الملقاة على عاتقه.
ونوه بأن هناك تنسيقا تنظيميا مع كافة القنوات التابعة للكنيسة فيما يخص العمل الكنسي ونشاط قداسة البابا تواضروس الثاني سواء في المقر البابوي أو خارجه، مع احتفاظ كل قناة بسياستها الإعلامية وإدارتها ورؤيتها الخاصة، موضحا أن كل النوافذ الإعلامية الكنسية أهدافها تخدم تقديم رسالة مسيحية لأبناء الكنيسة إلى جانب تقديم صورة الكنيسة للمجتمع، وأن الدور الإعلامي الذي يقوم به المركز الخاص بالكنيسة هو توصيل صورة الكنيسة للمجتمع بشكل احترافي، باعتبار أن الكنيسة أحد المكونات الرئيسية للمجتمع.
واختتم حديثه قائلا، إن الطلبة القلبية التي أرددها باستمرار هي "سلاما وبنيا لكنيسة الله"، وأن ما يشغلني على المستوى الشخصي وموضوع طلبتي هو سلام وبنيان الكنيسة، لذلك يؤلمني جدا ويجعلني أُكثر الصلاة حينما أجد من يحاولون التمزيق في الكنيسة، مؤكدا أن قداسة البابا تواضروس الثاني أمين على الكنيسة وإيمانها وهناك من يحاولون التشكيك في ذلك وهذا يؤدي إلى التأثير على وحدة الكنيسة، وهو موضوع صلاتي.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة