زيارة تاريخية مرتقبة يتم الإعداد لها وسيتم الإعلان عن تفاصيلها قريبا، لفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، لجمهورية العراق، تلك الزيارة التى منذ أن تولى فضيلته مقاليد الأمور بمشيخة الأزهر من عام 2010، وهو ما يؤكد فى مناسبات عدة عن تطلعه لزيارة العراق وبخاصة النجف الأشرف ولقاء المراجع الشيعية والصلاة معهم.
إنشاء بيت العائلة العراقية
مؤخرا التقت نخبة من قادة الأديان الدوليين والمسئولين؛ لمناقشة الخطوات العملية الرامية لتعزيز الأخوة الإنسانية فى العراق، وذلك فى ندوة افتراضية نظمتها اللجنة العليا للأخوة الإنسانية بعد مرور قرابة 3 أشهر من زيارة قداسة البابا فرنسيس التاريخية للعراق، وسط توقعات بتلبية شيخ الأزهر فى وقت قريب للدعوة الرسمية من المكونات العراقية المختلفة لزيارة البلاد.
وخلال تلك الندوة، أكد الدكتور عبدالوهاب السامرائى، إمام وخطيب جامع الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان فى بغداد، أن الشعب العراقى يتطلع إلى زيارة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، التى سيكون لها ثقل وتأثير كبير، وستدعم تماسك العراقيين ووحدتهم، مشيرة إلى أن هذه الزيارة سيكون له ثقل وأثر كبير، كما دعا الشيخ السامرائى، إلى تأسيس بيت عائلة عراقى على غرار بيت العائلة المصرى، الذى أسسه فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر فى عام 2011؛ لتعزيز العلاقات بين المسلمين والمسيحيين .
دعوة رسمية لشيخ الأزهر لزيارة العراق
وفى مارس الماضى، استقبل فضيلة الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وفدا عراقيا رسميا برئاسة الدكتور سعد كمبش، رئيس ديوان الوقف السنى بالعراق، حيث سلَّم رئيس الوقف السنى 3 دعوات لشيخ الأزهر لتجديد الدعوات السابقة للإمام الأكبر لزيارة العراق، دعوة من رئيس الوزراء العراقى مصطفى الكاظمى، والثانية من رئيس مجلس النواب نيابة عن الشعب العراقى، والثالثة من الوقف السنى، وأن تجديد هذه الدعوة يعبر عن حب العراق قيادة وشعبًا للأزهر وإمامه الأكبر وانتظارهم لزيارة فضيلته منذ سنوات، مؤكدا أن زيارة شيخ الأزهر للعراق ستمثل دعما كبيرا للعراق ولوحدة الشعب العراقى بكل أطيافه .
علاقة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، قديمة وتصريحاته المؤيدة لتماسك ووحدة العراقيين، لم تكن وليدة اللحظة، بل كانت أحد أهم خطط فضيلته منذ توليه مقاليد الأمور بمشيخة الأزهر فى عام 2010.
شيخ الأزهر: أرفض تكفير الشيعة وسأزور العراق وأنا أبٌ للسنة والشيعة
ففى أكتوبر من عام 2010، رفض شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، تكفيرَ بعض القنوات الفضائية الشيعةَ، مشيرًا إلى أنه لا يوجد مبرِّر واحد لتكفيرهم لا من القرآن ولا من السنة، مضيفا حينها لصحيفة "النهار" اللبنانية: لا يوجد خلاف بين السنى والشيعى يُخْرِجُه من الإسلام، إنّما هى عملية استغلال السياسة لهذه الخلافات، كما حدث بين المذاهب الفقهية الأربعة، وكل الفروق بيننا وبينهم هى مسألة الإمامة.
وأضاف: نحن نصلّى وراء الشيعة فلا يوجد عند الشيعة قرآن آخَر كما تطلق الشائعات، وإلا ما ترك المستشرقون هذا الأمر فهذا بالنسبة لهم صيد ثمين، ولِى بحث فى هذا المجال وجميع مفسرى أهل السنة من الطبرى وحتى الآن لم يقل منهم أحد إن الشيعة لديهم قرآن آخر، مؤكدًا أن واجب الأزهر فى المقام الأول وحدة الأمة الإسلامية، وكذلك تجميع المسلمين على رؤية واحدة مع اختلاف الاجتهاد.
لا يوجد خلاف بين السنى والشيعى يخرجه من الإسلام إنّما هى عملية استغلال السياسة لهذه الخلافات، كما حدث بين المذاهب الفقهية (الأربعة)، كل الفروق بيننا وبينهم هى مسألة الإمامة.
وحول سؤال إذا ما كان سيقوم بزيارة للنجف لو ذهب للعراق أجاب الطيب: إذا ذهبت للعراق سأزور النجف، الأزهر واجبه الأول وحدة الأمة الإسلامية وكذلك تجميع المسلمين على رؤية واحدة مع اختلاف الاجتهاد ومستعد لزيارة أى مكان أجْمَعُ فيه المسلمين مع بعضهم والنجف بصفة خاصة.
وقال: سآتيكم وأنا أبٌ للسنة والشيعة بشرط ألا تُفَسّر زيارتِى لصالح طرف على آخر.
الإمام الأكبر يؤكد: أوافق على التقريب وأرفض نشر التشيع
تلك التصريحات الهامة التى أطلقها شيخ الأزهر حينها كان لها مردودا إيجابيا على المراجع الشيعية والسنية بالعراق، ولكن لظروف سياسية وإقليمية تأجلت زيارة شيخ الأزهر رغم المحاولات العديدة لإتمامها، إلا أن خشية فضيلته أن تفسر زيارته بشكل خاطئ أو يستغله البعض، كانت سببا لتأجيلها حتى تتوفر الظروف الملائمة والتى تساعد فى إنجاح الزيارة وتحقيق أهدافها.
وتأكيدا على ما سبق دائما ما يحرص شيخ الأزهر على التفرقة بين حكم تكفير الشيعة، وهو ما يرفضه وبين رفضه لنشر المذهب الشيعى فى المجتمعات السنية، حيث أعلن شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، من نفس عام توليه المشيخة فى 2010، فى حوار مع بى بى سى عن معارضته لنشر المذهب الشيعى فى المجتمعات السنية وقال إن هناك فرقا بين التقريب بين المذاهب الإسلامية وبين نشر مذهب على حساب مذهب آخر.
مراجع عراقية: سنصلى خلف شيخ الأزهر
فى أغسطس من عام 2015، انطلقت ردود أفعال من قبل كبار المرجعيات الشيعية حول تصريحات الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، برفضه تكفير الشيعة، وتناوله فى برنامجه فى شهر رمضان من عام 2015، الخلافات بين المذاهب الإسلامية فى قضايا الخلافة والإمامة، مع الحرص على عدم تكفير أحد من أبناء المذاهب الإسلامية، حيث أصدر زعيم التيار الصدرى فى العراق المرجع مقتدى الصدر، بيانا ردا على أسئلة من مجموعة من الكتاب المسلمين حول تصريح لشيخ الأزهر الذى جاء فيه "تكفير الشيعة مرفوض، وسوف أصلى خلفهم فى النجف الأشرف".
وقال الصدر: "الحمد لله الذى من علينا بمثل هؤلاء العلماء الأفذاذ الشجعان، الذين لا يستوحشون طريق الحق لقلة سالكيه، فجزاه الله خيرا على قوله هذا".
كما تمنى من الله أن يكون هذا الرد بابا لإزالة الطائفية قائلا: "ليكون بابا من أبواب إزالة شيطان الطائفية وشبحها وكابوسها الملعون".
وأضاف: "وكما سيصلى خلف الشيعة فنحن نصلى خلفه، فالعدل أن ينصف الإنسان دينه وعقيدته ومجتمعه وإسلامه، قبل أن ينصف شهواته وميوله الطائفية"، وفى ختام الجواب حيا الأزهر الشريف وشيخه قائلا: "السلام على الأزهر الشريف وشيخه ورحمة الله وبركاته".
تكرار الدعوات الرسمية لشيخ الأزهر لزيارة العراق
وفى مارس من عام 2019، أبلغ شيخ الأزهر الشريف، أحمد الطيب، رئيس الوزراء العراقى، عادل عبد المهدى، آنذاك فى القاهرة، برغبته فى زيارة مدينة النجف الأشرف العراقية.
وذكر المكتب الإعلامى لرئيس مجلس الوزراء العراقى، أنه أجرى لقاء خلال زيارته الرسمية إلى القاهرة مع شيخ الأزهر الشريف، حيث أكد عبد المهدى أن العراق "يسير على الطريق الصحيح رغم كل الصعوبات التى تواجهه، واستطاع بوحدة شعبه دحر عصابة داعش الإرهابية"، مشيرا إلى أنه "كان للمرجعية الدينية الدور الكبير فى الوحدة الوطنية وحفظ السلم الأهلى.
وأشاد عبد المهدى، حسب البيان، "بروح الاعتدال والوسطية لعلماء الدين الأفاضل من مختلف الطوائف"، وأكد أن "الحكومة العراقية تعمل على تعزيز الوحدة بين أبناء الشعب العراقى وإقامة علاقات مع جميع الدول العربية ودول الجوار ومحاربة الفقر والجهل والتخلف وتحقيق النهوض الاقتصادى والإعمار الذى يتطلع إليه جميع العراقيين".
بدوره، أعرب الطيب "عن رغبته بزيارة العراق ومدينة النجف الأشرف وعن سروره للتطور الذى يشهده العراق ووحدة شعبه وانتصاره على الإرهاب، مؤكدا: "الروابط القوية تستدعى توحيد دولنا وشعوبنا وتجاوز كل الخلافات وإحراز تقدم لصالح الشعوب المسلمة والبشرية جمعاء".
لقاء مرتقب لشيخ الأزهر مع المرجع الشيعى السيد على السيستاني
وتأكيدا على أهمية زيارة شيخ الأزهر المرتقبة للعراق، قال الأمين العام لـ"معهد الخوئي" السيد جواد الخوئي، حفيد آية الله أبو القاسم الخوئي، الذى كان فى زمنه المرجع الأعلى للمسلمين الشيعة فى العالم، والذى كان حاضراً إلى جوار بابا الفاتيكان فرنسيس، أثناء اللقاء الذى جمع زعماء روحيين من مختلف الأديان، فى مدينة "أور" التاريخية، مارس الماضي، ضمن الزيارة التى قام بها قداسة البابا فرانسيس للجمهورية العراقية، أن هناك لقاءً يجرى العمل من أجل تحققه فى المستقبل بين شيخ الأزهر أحمد الطيب والمرجع الدينى السيد على السيستاني.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة