ذكرت دراسة حديثة أعدها المركز المصرى للفكر والدراسات، أن المبادرة المصرية لدعم غزة ب500 مليون دولار قوبلت بترحاب كبير، والتى تشارك فيها الشركات المصرية المتخصصة فى مجالات البنية التحتية وشركات المقاولات فى تنفيذ عمليات إعادة الإعمار.
وفقا للدراسة فإن مصر دشنت فى ظل هذه الأوضاع ما يُعرف "بدبلوماسية البنية التحتية"، بغرض الانخراط فى عمليات إعادة إعمار الدول العربية التى طالها الدمار، بما يُحقق المصالح الثنائية لمصر والدولتين الشقيقتين، وذلك بطريق تسهيل تواجد شركات النفط والتشييد والمُقاولات والكهرباء والاتصالات المصرية، التى اكتسبت خبرات عريضة نتيجة برنامج الإصلاح الاقتصادى ومُشاركتها فى إعادة تأهيل مرافق البنية التحتية المصرية بالكامل على صعيد الطُرق والكهرباء، وحتى المُشاركة فى تأسيس مُدن جديدة بكاملها، مُقابل تسهيلات فى طُرق الدفع ومُدد السداد، وهو ما يُعتبر مكسبًا هامًا للدولتين، وبخاصة العراق الذى يُعانى تراكم الديون وتأخر السداد.
وأكدت الدراسة أن المبادرة تأتى لتكون امتدادًا لدبلوماسية البنية التحتية فى الأراضى المُحتلة، وبذات الهدف السابق وهو مُساعدة الأشقاء، وفى الوقت ذاته تعميق تواجد الشركات المصرية على الإقليم، وإكسابها مزيدًا من الخبرات الدولية وصقل مهاراتها فى جميع ظروف وبيئات العمل، بما يفتح أمامها لاحقًا أبواب العمل فى دول وأقاليم أخرى.
تناولت الدراسة الوضع الاقتصادى فى فلسطين وأوضحت أن وضع الاقتصاد الفلسطينى ينظمه ما يُطلق عليه بروتوكول باريس 1994، الذى وقع كجزء من مُعاهدة غزة وأريحا التى بموجبها أُنشئت السلطة الفلسطينية وقوتها الأمنية حيث يدمج الاقتصاد الفلسطينى فى الاقتصاد الإسرائيلى وذلك عن طريق ضمهما فى منطقة جمركية واحدة، تتحكم إسرائيل فيها أساسًا، وبذلك أصبحت إسرائيل تتحكم فى تدفق السلع من الخارج إلى الداخل، بما يجعلها المُتحكم فى المواد الخام المطلوبة للنمو سواء الزراعى أو الصناعى.
وأشارت الدراسة إلى حرمان السلطة الفلسطينية من إقامة حواجز جمركية مع إسرائيل، وبالتالى أصبحت السلع الإسرائيلية تتدفق بحرية إلى المناطق الفلسطينية دون قيود، والعكس، لكن الإسرائيلية تكون دائمًا أرخص وأكثر تقدمًا على المُستوى التكنولوجى، بسبب المُساعدات والإعفاءات الإسرائيلية لها.
وانتهت الدراسة إلى أن المُبادرة المصرية إنما جاءت لخدمة الاقتصادَيْن المصرى والفلسطينى فى الوقت ذاته، مع التغلب على العقبات التى وضعها بروتوكول باريس بحيث يستفيد الاقتصاد الإسرائيلى من كل أنواع النشاط الفلسطينى والمُساعدات الموجهة له، بهذا تُحقق مصر أكثر من هدف أهمها التغلب على ما يواجه عمليات إعادة الإعمار مُنذ 2014 من تأخير، وفى الوقت ذاته تشغيل المزيد من الفلسطينيين، وأخيرًا دعم الشركات المصرية فى قطاع التشييد والبناء، بعدما تُوفّى مصر بدورها الرائد تاريخيًا فى خدمة القضية الفلسطينية ومُساندتها.
وفقا للدراسة تُمنع السلطة الفلسطينية من إصدار عُملة خاصة بها، وبالتالى يكون التعامل -فى الغالب- بالشيكل الإسرائيلى، وبذلك يصب كامل النشاط الفلسطينى فى دعم الاقتصاد الإسرائيلى، حيث سيقوم الفلسطينيون طوال الوقت بتحويل مُتحصلاتهم الدولارية إلى الشيكل الإسرائيلى فى حين تعتمد السلطة الفلسطينية فى الجزء الأهم من إيراداتها على الإيرادات الجمركية التى تُحصلها إسرائيل من المعابر الحدودية، وتقوم الأخيرة بتحويلها دوريًا.
وأكدت الدراسة نسبة مُعتبرة من العُمال الفلسطينيين تعمل داخل الأراضى الإسرائيلية، ويحصلون على أجور مُنخفضة، فى الوقت ذاته تُحصّل إسرائيل ضرائب على رواتبهم، وتحصّل الجزء الخاص باشتراكهم فى الخدمات الصحية والتأمينية، وتقوم بتحويل هذه الاشتراكات إلى السلطة الفلسطينية فى تواريخ لاحقة.
ويتضمن البروتوكول سلعًا مُحددة، لا يُمكن استيرادها إلا بكميات مُحددة، مُعظمها من السلع الأساسية، وما يخصنا هنا هو الحديد والأسمنت المطلوب لإعادة الإعمار.
وذكرت الدراسة أن شركات الإنشاءات والمقاولات المصرية التى انخرطت فى إعادة صياغة البنية التحتية المصرية ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادى بالقدرة على الإنجاز والالتزام بمواعيد التسليم، خاصة فى ضوء ما تُعانيه عملية إعادة الإعمار مُنذ حرب غزة الأخيرة فى عام 2014 من بُطء تام، فبعد مرور ما يزيد على سبعة أعوام فى خلال الرُبع الأول من عام 2021، توجد 660 أسرة مُشردة عقب فقدان منازلها فى القطاع جراء الحرب، ومن أصل 850 منزلًا كانت تحتاج إلى إعادة الإعمار ما زال يوجد حتى الآن 249 منزلًا على حالها حتى الرُبع الأول.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة