يجلس الصناع على النول اليدوى الذى يعد بإتقان لكى تخرج أيديهم ما شكلته ذاكرتهم قبل البدء فى العمل بألوان وأشكال مختلفة لتستمر الحرفة التى توارثوها عبر آلاف السنين، حيث تعود جذورها إلى العصر الفرعونى ويطلق عليها اسم "الفركة" وهى إنتاج الشال من الحرير أو غيره من أنواع الخيوط المستخدمة فى الوقت الحالي.
وقديمًا كان يجتمع أفراد الأسرة فى المدينة الجنوبية ليتقاسم كل منهم الأدوار للعمل فى صناعة الفركة التى كانت تصدر إلى السودان والبلدان الأفريقية التى تستخدم فى طقوس خاصة بهم، بالإضافة إلى تصديرها للبلدان الأوروبية أيضًا وذلك لجودتها العالية ودقة صناعتها على النول اليدوى الفرعونى والسياحي.
ولم يتخل العم محمود علي، صانع الفركة، عن مهنة آبائه وأجداده حيث استكمل المشوار وبدأ فى تعلم الصنعة بعمر صغير وهو فى سن العاشرة وحتى بعد التحاقه بالعمل فى الكهرباء لم ينقطع عن مواصلة العمل فى الحرفة اليدوية ليستمر فى العطاء وتستمر معه إلى بعد إحالته للمعاش ليتفرغ لها ويبدع فى نسج المشغولات اليدوية على النول اليدوي.
وقال محمود علي، أحد صناع الفركة، إن صنعة الفركة تعلمها الصناع من الآباء والأجداد منذ الصغر وكذلك داوم عليها الصناع، حيث كانت تصنع الشيلان من الحرير وتطور العمل فى الخيوط المتنوعة التى يطلق عليها الشال السياحى والتى تباع للسياح فى الأقصر والغردقة وأماكن أخري، ويستخدم فيها النول اليدوى الذى تواجد على مدار آلاف السنين منذ العصور القديمة.
وأوضح محمود علي، أن الصنعة يعمل فيها العديد فمنهم من يقوم بتجهيز الخيوط وتسمى هذه العملية "السدي" وكذلك تقوم سيدة بتركيب الخيوط فى الماسورة التى تستخدم من أحطاب الترمس، وتوضع فيما يسمى المكوك، لافتا أن النول يتكون من عدة أجزاء ويقوم متخصص بتركيبه بعناية وكذلك تشد الخيوط على النول بحرص لكى يبدأ الصناع نسج الخيوط بالمكوك وإخراج المنتج النهائى الذى بطلق عليه الفركة وتشتهر به مدينة نقادة بقنا وطهطا بسوهاج.
وأشار محمود على، إلى أن الوقت المستغرق فى إنتاج قطعة من الفركة يختلف من وقت لآخر حسب الوقت الزمنى المستغرق للصناع وطول القطعة ومن الممكن أن يظل الصانع يعمل لأكثر من يوم لإنتاج قطعة واحدة، كما أن أسعاره تختلف فتبدأ من 15 جنيهًا، لافتًا أن فى الوقت السابق كانت تصدر أعمال الفركة إلى السودان ودول إفريقية وأوروبية ولكن فى الوقت الحالى اقتصرت على تسويقها للسائحين فى المناطق التى يتواجد بها السائحون ما قبل انتشار فيروس كورونا الذى أثر على حركة البيع وعلى تواجد السياحة.
وأضاف صانع الفركة، أن هناك أنواع عديدة من أشكال الشيلان التى يصنعها النول اليدوى وتختلف كذلك الألوان والأشكال بحسب طلب الزبائن، فمنها السادة ومنها المرسوم الذى يقبل الشباب على شرائه ولكنه بتطلب صناع مهرة لإنتاجه.
"مهنة الستر لأنها تستر" بهذه الكلمات أوضح محمود على أنه أطلق على حرفة الفركة مهنة الستر أنها تستر العاملين فيها، فرب الأسرة وزوجته وأبنائه يعملون داخل منزلهم ولا أحد يراهم سوى التاجر الذى يقوم بشراء القطع منهم وتساعدهم المهنة فى الإنفاق وتوفير مستلزمات المنزل لذلك فهى تستر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة