لم تمنعها العادات والتقاليد من السعي وراء رزقها لتعول أسرتها منذ الصغر.. حكاية صمود وقدرة على مواجهة الحياة ونظرة المجتمع الذى لا يعرف سوى الأعراف الصارمة تلخصها "صبرية" الفتاة ذات الـ35 عامًا، والتى فرض عليها القدر تحمل المسئولية منذ نعومة أظافرها، بعد أن هجر الأب أسرته وانفصل عن أمها وهى في الصف الرابع الابتدائي، حينها قررت أن تترك المدرسة وتعمل لتربي وتعلم إخوتها الصغار.
صبرية ووالدتها
"لو سمعت كلام ناس مش هاكل عيش" شعار رفعته "صبرية" أو "منى" كما ينادونها في قريتها الحلة، بمركز قوص جنوبي محافظة قنا، تقول "مني" لـ"اليوم السابع": "خلاص البت بقت زى الراجل، فكان لازم اشتغل واكد واعتمد علي نفسي، ربيت أخواتى البنات وعلمتهم الاثنين معاهم دبلوم، واشتغلت أنا وأمى وجوزناهم، بقيت استلف واشتغل وأسد، لحد ما اتجوزوا بس الصغيرة جوزها مات فأنا اللى اتحملت المسئولية في تعليم ولادها، وأهى ماشية".
صبرية أو منى تتسلق النخل
صبرية ليست المرأة الأولى ولا الأخيرة التى تقرر تحمل المسؤولية وتولى أعباء أسرتها، فوفقًا لبيانات التعداد السكانى 2017 الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، فإن هناك 3.3 مليون أسرة في تعداد 2017 تعولها امرأة، معظمهن من الأرامل (70.3%) يليها المتزوجات ويليها المطلقات.
وحسب الإحصاء فإن نسبة الأميات من إجمالي عدد النساء المعيلات يبلغ 59.1% ، يليها الحاصلات على مؤهل متوسط 17.6% ثم الحاصلات على مؤهل جامعي بنسبة 8.5%.
صبرية وصلت لقمة النخلة
7 صنايع والرزق على الله
عملت "منى" في العديد من الأعمال التي قد يعجز عنها الرجال، طلعت النخل في موسم البلح، حفرت القبور لدفن الموتي، جمعت ثمار في مواسم العمالة الزراعية، كانت بين العمالة اليومية فى حمل الرمل والزلط والطوب، عملت في الأفران وطحن الدقيق، باعت الخضروات في الأسواق، طبخت في الحفلات والموالد، غسلت الأطباق. وتعمل الفتاة من الصباح الباكر حتى غروب الشمس، وتقضي يومها بقوت بسيط من الماء، قطعة خبز، و"جبنة قديمة"، أما تناول اللحوم فكانت على حد قولها حسب الظروف.
تقول "مني": أنا طلعت النخل على 4 سنين، سنه بسنه لحد ما طلعت فوق وجمعت البلح، ممكن أفضل فوق 3 أو 4 ساعات أو أكثر على حسب حمل النخلة".
ببسمة رضا صبرية تتحدى الحياة
تجدها فتاة نحيلة الجسد سمراء البشرة ترتدى ثيابا بسيطة، تعتلي النخلة حافية القدمين، تقول الفتاة "لو لبست الشراب ممكن اتزحلق، مرة كنت بجمع واتمرحت بيا النخلة ووقعت اتفتحت راسي، ومرة ثانية وأنا فوق النخلة ثعبان "طريشة"، مشي علي هدومي، قولتها لا تأذيني ولا أذيكي، مشت لما سابتني ونزلت".
ببسمة رضا صبرية تتحدى الحياة
لم تكتفِ الفتاة بطلع النخل فقط بل حفرت المقابر مجانًا بسبب اليقين أن ثوابها عظيم من الله عز وجل، تقول " شفت الشباب رايح يحفر في الجبانه، قلت ليه ما ارحش واخد الثواب، مسكت الطورية ورحت حفرت، أنا بعمل كده لله، من غير فلوس، وطول ما معايا ربنا أنا مطمنة".
صبرية ووالدتها
" الدنيا دى لفت زى دوامة تلف بيا" قست عليها الحياة وبوفاة زوج أختها كبرت المسؤولية وتحملت تربية وتعليم أبناء إخوتها وتقول "منى" : "أنا بقبض من الشئون 400 جنيه أخدتهم وبعتهم لبنت أختى بتدرس في الكلية، هي أولي بيهم هتعمل إيه، وإحنا هنا نتقضاها بأى حاجة أشتغل أي حاجة وأطلع بـ 5 ، 10 جنيه، والحمد لله بتتيسر معايا".
صبرية تجدل بجريد النخل
تتمتع صبرية بقناعة شديدة وصبر على ضغوط الحياة وقسوتها، تقول الفتاة" أنا مابغيرش من حد لا من واحدة لابسة حلو ولا معاها دهب ولا حاجة، معايا أجيب بجيب مش معايا ماجبش، هما ناس مرتاحة لكن أحنا مافيش راحة، ما فيش بيت زى خلق الله".
ببسمة رضا صبرية تتحدى الحياة
ببسمة رضا صبرية تتحدى الحياة
فارس الأحلام حلم مؤجل
لكل فتاة فارس أحلام تظل تتخيله منذ صغرها، ولصبرية أيضًا فارس أحلام تحلم به ليل نهار ليعينها على المعيشة والمسئولية التي تحملها على عاتقها تقول الفتاة" فارس أحلامى عربية أشتغل عليها واصرف على عيلتي، نفسي في حتة أرض أبنيلي عليها بيت أو يدوني شقة، لكن عريس وفرح مش دلوقتى، ربنا يبعت ليا الفستان والطرحة من عنده"، وتستطرد "ماينفعش الجواز دلوقتي، لما أخلص إللى ورايا وأريح الناس اللي معايا أبقي اتجوز، ما هو لو علي الجواز بس كنا قولنا يا قاضي أعقد ".
ببسمة رضا صبرية تتحدى الحياة
تكمل صبرية حديثها لـ"اليوم السابع" قائلة:"كان نفسي أطلع ممرضة شغلانة كويسة، لكن الحمد لله راضية بقسمه ربنا ليا، أنا ما بشتكيش لحد، أحط همى في بطنى يونسني ولو طلعته يجرسنى، لما بكون متضايقة بعيط على طول، ماهو مافيش حد حنين ولا ضهر نسند عليه، هنعمل إيه هبكى بكيتي وهسكت، نفسي أرتاح هي دى كل السعادة" .
صبرية تحمل الطوب
ببسمة رضا صبرية تتحدى الحياة
صبرية تحمل الطوب
لحظة شرود فى الحياة
تحفر المقابر
ببسمة رضا صبرية تتحدى الحياة
ببسمة رضا صبرية تتحدى الحياة
رضا تحفر أحد المقابر
صبرية إلى جوار نخلة سبق وتسلقتها
ببسمة رضا صبرية تتحدى الحياة
ببسمة رضا صبرية تتحدى الحياة
صبرية وأمها
صبرية وأمها
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة