أصدرت الدائرة 9 أسرة الساحل – بمحكمة شبرا لشئون الأسرة للولاية على النفس – حكماَ قضائياَ فريداَ من نوعه يقضي ببطلان عقد زواج بين طرف مصري وزوجته الأجنبية، وذلك لعدم إتمام صلوات الاكليل المقدس، مستندة على شروط صحة الزواج طبقا لنص المادة 15 من لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس.
صدر الحكم في الدعوى المقيدة برقم 148 لسنة 76 قضائية، لصالح المحامى ألبير أنسى، برئاسة المستشار تاج الفار، وعضوية المستشارين علاء العش، وعبد الحليم محمد، وبحضور وكيل النيابة محمد عبد الفتاح، وأمانة سر محمد مجدى.
الوقائع.. زوج يقيم دعوى بطلان زواج لرفض الزوجة إتمام المراسم الدينية
تتحصل وقائع الدعوى حسبما يتبين من سائر أوراقها في أن المدعى عقد الخصومة قبل المدعى عليها بموجب بموجب صحيفة مستوفيه أوضاعها الشكلية، ومعلنة قانوناَ للمدعى عليها طلب في ختامها الحكم ببطلان عقد زواجه منها واعتباره "كأن لم يكن" لعدم إتمام المراسم الدينية، وذلك على سند من القول أنه بموجب عقد زواج مدنى تزوج من المدعى عليها على وعد بأن يقيما المراسيم الدينية إلا أنها رفضت تنفيذ ذلك مكتفية بالزواج المدنى، وقد طالبها بإتمام المراسم الدينية إلا أنها رفضت، مما يبطل عقد الزواج، لذا فقد أقام الدعوى للحكم له بالطلبات.
وقدم سنداَ لدعواه حوافظ مستندات طويت على: "صورة طبق الأصل من عقد زواج طرفى التداعى، وصورة ضوئية من شهادة صادرة من بطريركية الأقباط الأرثوذكس تفيد أن المدعى قبطى أرثوذكس، وشهادة صادرة من كنيسة العذراء معتمدة من بطريركية الأقباط الأرثوذكس تفيد أن المدعى لم يسبق له الزواج بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وشهادة تحركات للمدعى" طالعتها المحكمة، حيث تداولت الدعوى بالجلسات.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت عن موضوع الدعوى – وحيث أنه قد نصت المادة الثالثة من مواد الإصدار في القانون رقم 1 لسنة 2000 تصدر الأحكام طبقا لقوانين الأحوال الشخصية والوقف المعمول فيها، ويعمل فيما يرد بشأنه نص في تلك القوانين بأرجح الأقوال من مذهب الامام أبى حنيفة ومع ذلك تصدر الأحكام في المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية بين المصريين غير المسلمين المتحدى الطائفة والملة الذين كانت لهم جهات قضائية ملية منظمة حتى 1 ديسمبر 1955 – طبقا لشريعتهم – فيما لا يخالف النظام العام.
شروط تطبيق شريعة غير المسلمين في الزواج
وبحسب المحكمة: وقد استلزم المشرع لتطبيق شريعة غير المسلمين عملاَ بنص المادة الثالثة من مواد إصدار القانون رقم 1 بسنة 2000 الشروط الآتية: أولاَ: اتحاد الملة والطائفة، ويشترط أن يكون هذا الاتحاد مستمر إلى حين الفصل النهائي في الدعوى، وإذا حدث أن غير أحد أطراف الخصومة ملة أو طائفته بحيث تخالف ملة أو طائفة الطرف الأخر قبل الفصل في الدعوى إنتفى هذا الشرط وتطبق الشريعة الإسلامية باعتبارها الشريعة العامة.
1: أن تكون شريعتهما تجيز الطلاق: وقد نصت المادة 17/3 من القانون رقم 1 لسنة 2000 على أنه: "لا تقبل دعوى الطلاق بين الزوجين متحدى الطائفة والملة إلا إذا كانت شريعتهم تجيزه"، ومفاد ذلك أنه إذا إتحد الزوجان في الملة والطائفة، وقام أحدهم الدعوى بطلب التطليق، فإنه يتعين تطبيق شريعتهما، فإذا كانت شريعتهم لا تجيز الطلاق "المذهب الكاثوليكى" تعين الحكم بعدم قبول الدعوى عملاَ بنص المادة 17/3 من القانون رقم 1 لسنة 2000.
2-أن تكون شريعتهما لها جهات قضائية ملية منظمة حتى تاريخ 31 ديسمبر 1955: فقد استلزم المشرع شرطاَ أخر وهو تكون لشريعتهما جهات قضائية منظمة، والمقصود بذلك جهات القضاء الطائفى سواء كانت مجالس ابتدائية أو إستئنافية.
3-عدم تعارض شريعة غير المسلمين مع النظام العام: ويمكن القول بصفة عامة أن القواعد التي تتعلق بالنظام العام هي القواعد التي ترمى إلى تحقيق مصلحة عامة سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية وتتعلق بنظام المجتمع وتعلو على مصالح الأفراد.
نص المادة 15 من لائحة الأحوال الشخصية للأقباط يحسم النزاع
ولما كان من المقرر قانوناَ طبقا لنص المادة 15 من لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس 1938 والتي تنص على أنه: "الزواج سر مقدس يثبت بعقد يرتبط به رجل وامرأة ارتباطا علنيا طبقا لطقوس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بقصد تكوين أسرة جديدة والتعاون على شئون الحياة"، ومن المقرر قانوناَ أيضاَ: "طبقا لنص المادة 33/8 من ذات اللائحة والتي تنص على أنه: "يثبت الزواج عقد يحرره الكاهن بعد حصوله على الترخيص المنصوص عليه في المادة السابقة، ويشتمل عقد الزواج على البيانات الأتية:
1-اسم كل من الزوجين ولقبه وصناعته ومحل اقامته وتاريخ ميلاده من واقع شهادة الميلاد أو ما يقوم مقامها.
2-اسم كل من والدي الزوجين ولقبه وصناعته ومحل اقامته، وكذلك اسم ولى القاصر من الزوجين ولقبه وصناعته ومحل إقامته.
3-إثبات حضور الزوجين وحضور ولى القاصر إن كان بينهما قاصر.
4-أسماء الشهود وألقابهم وأعمارهم وصناعتهم ومحل إقامتهم.
5-حصول الإعلان المنوه عنه في المادة الثامنة.
7-إثبات رضاء الزوجين وولى القاصر منهما.
8-إثبات حصول صلاة الإكليل طبقا للطقوس الدينية.
محكمة النقض تتصدى للأزمة
والمقرر بقضاء النقض أن النص في المادة 15 من مجموعة قواعد الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس الصادرة في سنة 1938 على أن: " الزواج سر مقدس يثبت بعقد يرتبط به رجل وامرأة ارتباطاً علنياً طبقاً لطقوس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بقصد تكوين أسرة جديدة للتعاون على شئون الحياة " يدل – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – على أن الزواج في شريعة الأقباط الأرثوذكس نظام ديني لا يكفى لانعقاده توافر الشروط الموضوعية من حيث الأهلية والرضا وانتفاء الموانع دائماً، وإنما يلزم أن يتم الزواج علناً وفقاً للطقوس الدينية المرسومة – ومن بينها ضرورة استصدار الكاهن الذى يجريه تصريحاً بإتمامه من الرئيس الديني – وبعد صلاة الإكليل اعتباراً بأن الصلاة هي التي تحل النساء للرجال والرجال للنساء وإلا كان الزواج باطلاً، وذلك طبقا للطعن المقيد برقم 148 لسنة 76 قضائية.
المحكمة تعتبر الزواج "كأن لم يكن" لعدم إتمام الاكليل
لما كان ما تقدم وتطبيقا له وكان البين للمحكمة من مطالعة أوراق الدعوى أن المدعى قد أقام دعواه بغية القضاء ببطلان عقد زواجه من المدعى عليها لعدم إتمام الطقوس الدينية، ولما كان الثابت للمحكمة من خلال الشهادة الصادرة من كنيسة السيدة العذراء والمعتمدة من بطريركية الأقباط الأرثوذكس من أن المدعى لم يسبق له الزواج بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ولم يثبت للمحكمة أنه قد تم لطرفي التداعي المراسيم الخاصة بصلاة الأكليل وقد مثلت المدعى عليها بالجلسات بوكيل عنها ولم تنازع في ذلك، الأمر الذى يكون معه ذلك الزواج باطلا لعدم اكتمال أركانه وشكله الديني الخاص بإتمام الطقوس الدينية المرسومة وبعد صلاة الإكليل، وبذلك تكون دعوى المدعى قد جاءت على سند صحيح من الواقع والقانون متعيناَ قبولها والقضاء له ببطلان عقد الزواج.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة