استمرار علميات وضع المومياوات لتكون متاحة للعرض يوم 18 أبريل
القاعة المركزية تحكي تاريخ مصر من عصور ما قبل التاريخ وحتى العصر الحديث مرورا بالعصر اليوناني والروماني والقبطي والإسلامي
كسوة الكعبة التي ظلت مصر ترسلها للحجاز منذ عهد عمر بن الخطاب وحتى الزعيم الراحل جمال عبد الناصر
فتارين العرض تكشف عبقرية المصري وبراعته في العمارة والزراعة والطب والكتابة وغيرها من المجالات
قاعة المومياوات تحاكي المقابر الملكية.. والبانوراما تشعرك وكأنك داخل المقابر
أصبحت مدينة الفسطاط - قلب القاهرة- حديث العالم من جديد، بعد أن استقرت بها 22 مومياء لأعظم ملوك وملكات الحضارة المصرية، وبعد أن شُيد بها مَعلَم أثري وتاريخي جديد، وهو المتحف القومي للحضارة المصرية، ليضاف لمعالم تلك المدينة التاريخية التي أسسها عمرو بن العاص عام 640 م ، كأول عاصمة في العصر الإسلامي، وأول عاصمة إسلامية في أفريقيا، والتي تحتوي على العديد من الصروح والمواقع الأثرية اليهودية والقبطية والإسلامية كقلعة صلاح الدين، ومسجد عمرو بن العاص، والكنيسة المُعلقة، ومعبد كنيس بن عزرا اليهودي.
هنا، نوثق ونرصد ونصحبك لجولة داخل المتحف القومي للحضارة المصرية، ذلك المتحف الذي جاءت فكرة إنشاءه في الثمانينات، ووضع حجر الأساس عام 2002، ثم تعطل العمل فيه، لكن عاد وظهر الانجاز خلال السنوات القليلة الماضية إلى أن افتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي قاعته المركزية وقاعة المومياوات الملكية قبل أسبوع.
داخل المتحف القومي للحضارة المصرية، "رأينا مصر" بحضاراتها وتاريخها وعصورها المختلفة، وداخل القاعة المركزية بالمتحف شاهدت كل مظاهر الثراء والتنوع عبر الأزمنة، وشعرت بقوة مصر وتماسكها من عصور ما قبل التاريخ وحتى يومنا هذا، وعبقرية وبراعة المصريون في كافة المجالات؛ في العمارة، الزراعة، الصناعة، الطب، الفن والموسيقى، وغيرها.
بدأت الزيارة للمتحف القومي للحضارة المصرية، بالدخول من مبنى الاستقبال، والذي يضم مسرح وسينما وفصول للتربية المتحفية وقاعات مؤتمرات، وتبدأ الدهشة حينما ترى تلك المصبغة على يسارك والتي تم العثور عليها أثناء عمليات الحفر لبناء المتحف، وهي مصبغة تعود للعصر الفاطمي، وتم تغيير الهيكل والخطط الإنشائية والهندسية للمتحف حفاظًا عليها. وأضحت جزءً من القطع الأثرية المعروضة داخل المتحف.
وعبر ممر معدني، تصل لمبنى المتحف والذي يضم بالأسفل مركز ومعامل ترميم الآثار،والقاعة المركزية، وقاعة المومياوات، وغير من القاعات، وهنا تبدأ الحكايات.
في مساحة تصل لـ2300 متر مربع، رأيت مصر، سمعت وشاهدت كل الحكايات، كل مظاهر الثراء والتنوع من مختلف العصور، والتي تمتعت بها الحضارة المصرية، داخل القاعة المركزية تجد ما يقرب من 1600 قطعة أثرية تجعل زيارتها فرصة حقيقية لاكتشاف أسرار انجازات المصري في كافة المجالات، منذ عصور ما قبل التاريخ وحتى عصرنا هذا وتراثنا الشعبي.
اصطحبنا في الجولة داخل القاعة المركزية، سيد أبو الفضل، وهو المشرف على القاعة وقاعة المومياوات، وتبدأ دخول القاعة المركزية وتتحرك عكس عقارب الساعة من اليمين تبدأ بعصور ما قبل التاريخ، وتجد أول فاترينة بها أقدم هيكل عظمي عمره 35 ألف سنة، تم العثور عليه مدفونًا بالقرب من نزلة خاطر بمحافظة سوهاج وأثبتت الأشعة والدراسات أنه يعود للعصر الحجري القديم ولشاب طويل وقوي البنيان، وداخل ذات الفاترينة بعض الأحجار للعصور المختلفة.
يقول أبو الفضل، القاعة تضم كل الفترات والعصور التي مرت على مصر، وكل فاترينة تحكي "قصة"، فاترينة تحكي عبقرية وبراعة المصري في العمارة، فاترينة تحكي كيف لعبت الأم دورًا في الحضارة المصرية القديمة، فاترينة بها قطع أثرية تروي تطور الكتابة في مصر والنصوص المختلفة، تطور الموسيقى والعازفين، فاترينة العملات المستخدمة عبر العصور المختلفة، أدوات الزراعة التي استخدمها المصري القديم، تطور الصناعة، النسيج، الطب والأدوات التي استخدمها الجراح وطريقة الولادة قديمًا، أقدم سونار وأول طرف صناعي يعود لأكثر من 3 ألاف عام.
وأنت تسير داخل القاعة المركزية تشعر وكأنك تشاهد فيلمًا وثائقيًا عظيمًا يرصد لك كل العصور بداية من عصور ما قبل التاريخ، مرورًا بالعصر اليوناني والروماني والقبطي والإسلامي وحتى العصر الحديث، داخل القاعة وجدت النسيج المصري، واحتضان مصر لكل الأديان، ترى قوة مصر وتنوعها تجد الأعمدة اليونانية والمنبر الإسلامي جنبًا إلى جنب.
يقول سيد أبو الفضل: داخل القاعة المركزية، يكتشف الزائر سر الحضارة المصرية، يرى مبادئها الحق والعدل والمساواة، والقاعة تعتبر كبسولة من الحضارة المصرية، وتروي نسيج مصر، وكل فاترينة بها خليط من العصور المختلفة للحضارة المصرية، بجانب القطع الأثرية المختلفة، كالخيمة الجنائزية والعجلة الحربية للملك تحتمس الثالث، وتمثال للمعبودة حتحور، تمثال لاخناتون.
تستكمل رحلتك داخل القاعة المركزية بالمتحف لتجد معالم وآثار من العصور اليوناني والروماني ثم القبطي والإسلامي، تجد صناديق حفظ التوراة، والزخرفة الإسلامية، ثم العصور الحديث وتمثال للخديوي إسماعيل وطلعت حرب أبو الاقتصاد المصري، الملك فؤاد الأول، ثم التراث المصري كالإبريق المحلاوي، وزي المرأة النوبية والفلاحة والسيناوية، وتجد آخر كسوة للكعبة المشرفة "صنع في مصر" حيث كانت مصر تشرف بصناعتها وإرسالها للحجاز منذ عهد عمر بن الخطاب، ويتم إرسالها في موكب رسمي مهيب يسمى "موكب المحمل" واستمرت مصر في صناعتها لمئات السنين حتى عام 1961، في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وستجد أيضًا مقتنيات الفنان محمود مختار وبعض أعمال المعماري حسن فتحي وغيرهم، ذلك كله في القاعة المركزية.
وتتوسط القاعة المركزية، شاشة العرض الدائرية، وهي الوحيدة في المتاحف المصرية، وتعرض صور المومياوات والتوابيت وبعض الرموز الفرعونية، ومنها تسير وتدخل لقاعة المومياوات، وهي تهيئك بأجواء منطقة وادي الملوك الذي تم اكتشاف المومياوات فيه، وتمنحك الشعور والإحساس بانك تدخل المقبرة بالفعل.
أما قاعة المومياوات المليكة، فمن المقرر أن تكون متاحة أمام الزائرين يوم 18 أبريل، حيث تتم حاليًا عمليات النقل وفك التغليف ووضع المومياوات في فتارين العرض، ولأول مرة يتم عرض المومياء بجانب التابوت الخاص بها وبعض مقتنياتها، والقاعة مصممة لكي تحاكي المقبرة الملكية ذاتها، وتشعر وكأنك في مقبرة بالفعل.
وعن ذلك يقول الدكتور أحمد غنيم، الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف القومي للحضارة المصرية، إنه جاري تجهيز قاعة المومياوات الملكية ويتم وضع المومياوات بطريقة علمية سليمة، وستكون متاحة للعرض يوم 18 أبريل وهو يوم التراث العالمي.
أضاف، أن المتحف القومي للحضارة المصرية، لا يحتوي على القطع الأثرية فقط، ولكنه يضم سينما ومسرح وأماكن ترفيهية ومركز ترميم على أعلى مستوى وفصول للتربية المتحفية، ومحالات تجارية، ومركز لبيع المستنسخات الأثرية، بجانب أنه يطل على بحيرة عين الصيرة والتي تم تطويرها نتيجة جهود الدولة والتعاون بين الوزارات والهيئات المتخلفة، وبالتالي فالزائر حينما يزور المتحف سيأخذ جرعة ثقافية وترفيهية وتاريخية.
وحينما سألناه عن شعوره كونه حاليًا المسئول عن هذا المتحف وما يضمه من آثار ومومياوات ملكية قال: أشعر بالفخر والمسئولية، الفخر أن أجدادنا هنا داخل المتحف القومي للحضارة المصرية، والمسئولية لأننا لابد أن نظل دائمًا على قدر عظمتهم وهيبتهم من أجل التاريخ والحضارة الإنسانية.
وتظل واحدة من أجمل أرجاء المتحف القومي للحضارة المصرية، بحيرة عين الصيرة، تلك البحيرة التي تحول لسنوات عديدة لمقلب قمامة، تم تطويرها لتصبح أحد أجمل معالم القاهرة التاريخية، ومنها ترى قلعة صلاح الدين وبعض معالم القاهرة، وتمتد على 63 فدان، وبها ممشى سياحي ومطاعم ومسرح مكشوف وساحات خضراء ونافورات، وتم تنفيذ أكثر من 95% من التطوير فيها، ومن المتحف تستطيع أن تصل للبحيرة لتستمتع بها.
خلال الجولة التقينا بعدد من الزائرين من بينهم، السيدة أمل وابنتها التي قالت: المتحف مشرف لمصر أمام العالم كله، ومن بعد ما شوفت الموكب مقدرناش نستنى قاعة المومياوات جبت بنتي وجينا"، أما مصطفى فقال "طريقة العرض مبهرة وجذابة"، أما محجوب من السودان فقال "رأيت داخل المتحف هنا آثار لم أراها من قبل"، أما أحمد وهو مرشد سياحي فقال "مبهور وفخور بهذا الصرح العظمي"، أما الأمريكي بابلو فقال " كنت أزور مصر بالفعل، وحينما رأيت الموكب قررت أن أحضر لرؤية المتحف الجديد قبل العودة لبلادي".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة