سلطت الأمم المتحدة الضوء علي لطيفة بن زياتن، الفرنسية ذات الأصول المغربية، والتي حصلت علي جائزة "زايد للأخوة الإنسانية"، مناصفة مع الأمين العام أنطونيو جوتيريش، وذلك تقديراً لدورها في نشر روج التسامح والأخوة ومحاربة التطرف لدي الشباب.
وبالتزامن مع اليوم العالمي للمرأة الذي يصادف 8 مارس من كل عام، أجري الموقع الإلكتروني للأمم المتحدة الضوء علي مسيرة "لطيفة"، مشيرة إلى أنها فقدت ابنها في هجوم إرهابي عام 2012- لتصبح هذه الواقعة نقطة تحول في حياتها وتقرر تحويل أحزانها لطاقة تعمل من خلالها في توعية الشباب والحد من انسياقه وراء التطرف والإرهاب.
لطيفة بن زياتن
وهاجرت لطيفة بن زياتن إلى فرنسا لتؤسس أسرة مع زوجها، وتمنح أطفالها الفرصة التي لم تتوفر لها بسبب ظروف مرت بها، وهي التعليم فربّت مع زوجها خمسة أطفال، وزرعت فيهم الأخلاق الحميدة وسهرت على أن يكملوا تعليمهم وحياتهم بسعادة وحب، ولكن لحظة واحدة كانت كافية لتغير ما عملت عليه لطيفة وتفقدها فلذة كبدها ففي الحادي عشر من مارس 2012، حيث قـُتل ابنها الثاني عماد، المظلي في الجيش الفرنسي، على يد الشاب محمد مراح في تولوز بفرنسا في حادثة هزت البلاد. حادثة غيرت قدر لطيفة بن زياتن. وفقا لحوار أجراه موقع المنظمة الأممية معها
وبحسب الموقع، أصرت "لطيفة" على ألا تستسلم للحزن واليأس، واختارت أن تتحدث وتنخرط في العمل الاجتماعي والتوعوي وتصنع التغيير في عقول الشباب.
وفي 24 أبريل 2012، بعد شهر واحد فقط على قتل ابنها عماد، أنشأت "جمعية عماد للشباب والسلام"، لتخلّد ذكرى ابنها وتجعل من هذه المأساة درساً يستفيد منه كل من قد تسول له النفس اقتراف مثل هذا الجرم بحق بريء، ونوراً يضيء طريق من شاءت الظروف أن ينمو في بيئة اجتماعية مهمشة.
لطيفة تقوم بحملات توعيه للشباب ضد التطرف
وقالت لطيفة في حوار لموقع منظمة الأمم المتحدة: " لم يكن عماد، مجرد ابن ، لقد كان صديقاً، وأخا وكان لدينا شيء خاص يربطنا. كنت أعرف ما يحتاجه، وكان يعرف ما إذا كنتُ بخير أم لا. وهذا شيء فقدته في ذلك اليوم. ذلك الفراغ، لا أحد يمكنه ملؤه للأسف" مضيفة "فتشت وأنا على ركبتيّ. فوجدت دمه على الأرض. أخذت الرمل بين يدي وفركت دم ابني. وقلت يا رب أعني يا إلهي"
وأضافت لطيفة ووجدتْ شيئا آخر أوجعها. وجدت شبابا مهمشا يشعر بأن الجميع قد تخلى عنه ولا يكترث له. ولمست مدى الصعوبات التي يواجهونها، " حيث يُتركون لمصيرهم "عاطلين عن العمل، دون انخراط وتنوع اجتماعي صحي، ودون أمل في الاندماج أو النجاح في المجتمع "لتعمل جاهدة على محاربة الأسباب الكامنة وراء اتجاه الشباب نحو الإرهاب وتوعيتهم".
وأكدت لطيفة "لسوء الحظ بعض الشباب يفتقرون إلى التعليم، ويفتقرون إلى وجود الوالدين، ويفتقرون حقا إلى إطار يدعمهم. هناك شباب ضائع وعلينا استعادتهم، علينا حقا العمل معهم. علينا حقا التواصل مع هؤلاء الشباب لأنهم المستقبل. هكذا بدأت مهمتي، ومازالت حتى اليوم، لن أتخلّ عنها أبدا".
السيدة لطيفة وسط الشباب
ومنذ تأسيس جمعيتها، تتنقل لطيفة بن زياتن عبر أرجاء فرنسا للإدلاء بشهادتها، ولقاء الشباب، من أجل الحفاظ على التماسك الاجتماعي الذي عزز حتى الآن العلاقات بين الأجيال، وبين الفرنسيين والقادمين الجدد. فهي نفسها لم تنس الترحيب والمساعدة التي تلقتها عندما تبعت زوجها إلى فرنسا، وتعرف أهمية كلمات وعلامات الترحيب التي سهلت اندماجها في ثقافة لم تكن تعرف عنها شيئا تقريبا.
وفي إطار برنامج لمنع التطرف العنيف في السجون، زارت بن زياتن بعض المرافق حيث تحدثت مع بعض السجناء في سياق مكافحة ظاهرة التطرف. وتقول لطيفة إنها تكلمت معهم واستمعت إليهم وقدمت أفضل النصائح لهم. ومن خلال بعض تعليقاتهم أو أسئلتهم، رأت أن هناك نقصا حقيقيا في الثقة بالنفس ولكن أيضا خوفا حقيقيا بشأن إعادة اندماجهم.
وأشارت لطيفة إلى أنه كل عام هناك مشروع أو مشروعان، لاصطحاب الشباب العالقين في مدن معينة وخلطهم مع شباب من مدن أخرى، بمن فيهم الطبقة الوسطى والفقير والغني موضحة " يجب أن أجمع هؤلاء الشباب حتى يتشاركوا الحياة معا، حتى يتعلموا احترام بعضهم البعض، وحتى لا يقعوا فريسة العنف الطائفي. يجب أن نحذرهم منه من خلال العمل والحب والسفر"
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة