ينظر الكثيرون إلى "العرسة" وهى تجرى حوله بتقزز شديد لكن ما لا يعرفه البعض أن هذا الحيوان كان له دور غريب وعجيب في التاريخ المصرى وتمكن من إنقاذ أرواح الملايين... فكيف حدث ذلك؟
الحقيقة أن مصر في القرون الوسطى أصابها ما يسمى بـ"الموت الأسود"، وهو الطاعون الكبير الذى ضرب العالم، وتسبب في فناء قرى وبلدان كاملة في العالم، وعندما وصل في عصر السلطان حسن، قتل 40% من سكان مصر، ومن حينها استمر الطاعون في المجيء لمصر على شكل مؤلمة ومرعبة وقاتلة لكثير من البشر، وخاصة في شمال مصر وليس الصعيد.
مع بداية النهضة الأوروبية بدأ العلماء يفهمون أن الناقل الأول لعدوى الطاعون هو الفئران وعندما تم تداول هذه المعلومة بدأ السؤال الأهم للسلطات الصحية في عهد محمد علي، كيف نقتل الفئران، وكان الحل هو الإتيان بحيوان آخر يلهث وراءه ويقتله.
ووقع الاختيار على العرسة للقيام بهذا الدور خاصة أنها من الثدييات التي تتغذى علی اللحوم بالدرجة الأولى، وهي صياد شرس وسريع ورشيق والأهم أنها العدو البيولوجي الأهم للفئران وتصطادهم بسهولة، كما تتغذی أيضا علی الطيور والأرانب وغيرها من الحيوانات الصغيرة من شراستها.
كانت العرسة تعيش في بعض صحارى سيناء لذا اتخذ محمد على قرارًا بجلب كميات كبيرة وزرعها في البيئة المصرية وخاصة دلتا مصر، والقاهرة، والإسكندرية، وبالفعل نجحت "العرسة" في مهمتها بعدما انتشرت في شوارع مصر في أربعينيات القرن التاسع عشر ليختفى الطاعون فجأة في سنة 1844 بعدما حصدت أرواح ملايين المصريين.
دور العرسة التاريخى ربما يفسر الأسباب التي جعلتها في مخيلة الكثير من المصريين مرتبط بالسعد والتفاؤل رغم شكلها الغريب!، فمن ضمن العادات الباقية في الأرياف حتى الآن قتل العرسة ووضعها في أساسات البيوت وعلى عتباتها للتبرك.
أو في بعض المناطق الشعبية، القيام بتحنيط "العرسة" وتعليقها على مداخل البيوت والسبب هو بعد العين الشريرة والحاسدة عن البيت.
والأكثر من هذا إن الكثير من أهلنا القدماء، تعاملوا دوما مع "العرسة" بشيء من التفاؤل والتأمل وليس بتقزز كحال الأجيال الجديدة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة