وفى مشهد بسيط وإنسانى للغاية، ظهر الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، وهو يجلس على الأرض، خلال إجراءه حوارا مجتمعيا مع الأهالى والسكان بمناطق القاهرة التاريخية بشأن تطوير القاهرة التاريخية، وذلك فى إطار التكليفات الرئاسية بتكثيف العمل فى مشروعات إحياء مناطق القاهرة التاريخية لإعادتها إلى رونقها ومظهرها الحضارى مع الحفاظ على جميع المباني الأثرية والتراث المعماري، والسعي لإعادتها إلى بريقها الذي ظلت تتميز به على مدى سنوات طويلة بعد عقود من الإهمال .
رافق الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، خلال الجولة الدكتور خالد العناني، وزير السياحة والآثار، واللواء خالد عبد العال، محافظ القاهرة، وكل من الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، والدكتور أسامة طلعت، رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية بالمجلس الأعلى للآثار، وعدد كبير من الأثريين؛ وذلك للوقوف على الوضع القائم حاليا في هذه المنطقة على أرض الواقع، واستعراض كافة التفاصيل المتعلقة بالمشروعات المقترح تنفيذها لتطويرها.
استهل رئيس الوزراء ومرافقوه الجولة بتفقد شارع الخيامية ووكالة "رضوان بك" ،مؤكدا في بدء جولته التزام الدولة، قيادة وحكومة، بالحفاظ على كافة مناطق القاهرة التاريخية، التي تمثل كنزاً حضاريا للدولة المصرية بما تزخر به من تراث معماري وثقافي كان شاهدا على مختلف العصور التاريخية التي مرت بها الدولة، مؤكدا أن الهدف من تنفيذ المشروعات المقترحة للتطوير هو استعادة دور القاهرة كونها مدينة حية للتراث والسكن والثقافة، وهي في حاجة لاستعادة أفضل ما في تاريخها لتعود مركزا للإشعاع الحضاريّ والتاريخيّ والثقافيّ، ومقصدا سياحياً تاريخياً، إلى جانب استعادة دورها كمركز للحرف والصناعات التقليدية.
وخلال جولته في المنطقة، ترّجل رئيس الوزراء بشوارع منطقة "الخيامية" ووكالة "رضوان بك"، وأجرى حوارا مع العديد من أصحاب الحرف اليدوية، حيث أكد أحد العاملين في صناعة الجلود الطبيعية أن هناك إقبالا كبيرا على هذه المنتجات المصرية من جانب السائحين والمصريين، إلا أن الشباب أصبحوا لا يقبلون عليها بشكل كبير، وهو ما قد يؤثر على هذه المهن الحرفية مستقبلا.
كما استمع الدكتور مصطفى مدبولي ، باهتمام لأصحاب الحرف اليدوية الأخرى التي تشتهر بها هذه المنطقة، حيث تحدث أصحاب هذه الحرف عن مشكلة عدم توافر الأيدي العاملة في هذه الصناعات اليدوية، وعلق رئيس الوزراء بقوله إن قيمة هذا المكان تنبع من تواجدكم به ومن مختلف المنتجات الحرفية التي لها قيمة عالية ونحن نقدرها، ونحن نسعى للحفاظ على استمراريتها في إطار الحفاظ على القيمة التاريخية لهذه المنطقة، وفي ظل سعي الدولة لإحياء كافة مناطق القاهرة التاريخية، والحفاظ على ما تتميز به كسوق لهذه المنتجات الحرفية اليدوية بارعة الصنع، وهو ما سيكون له صدى إيجابيا كبيرا في إعادة جذب السائحين إليها وجعلها مقصدا سياحيا مرة أخرى على خريطة السياحة التاريخية.
كما تفقد رئيس الوزراء ومرافقوه عددا من ورش صناعة الأخشاب بالمنطقة، في إطار تفقد الأنشطة المتواجدة بالمنطقة، والوقوف على مدى جودتها وسبل الحفاظ عليها وتطويرها، وخلال جولته في شارع الخيامية، التقى الدكتور مدبولي بأصحاب الورش، وأدار حوارا معهم حول مخطط الدولة لتطوير المنطقة، مؤكدا خلال حديثه مع الصناع أن الدولة تستهدف تطوير المنطقة للحفاظ على ما بها من تراث معماري، وكذا ما بها من حرف يدوية تشتهر بها المنطقة.
والتف أهالي المنطقة حول الدكتور مصطفى مدبولي خلال جولته، مرحبين بهذه الجولة التي تعد زيارة غير مسبوقة تعكس حرص الدولة واهتمامها بهذه المناطق التاريخية، مرددين هتافات " تحيا مصر .. تحيا مصر .. تحيا مصر"، وخلال ذلك ناشد أحد كبار السن في المنطقة رئيس الوزراء الاستماع إلى مشكلة تخصه، وهو ما استجاب له على الفور واستمع إلى تفاصيلها وكلف بدراستها، كما استجاب رئيس الوزراء لطلب أحد أصحاب الورش بضرورة منع سير عربات "التوك توك" في المنطقة، ووجه الدكتور مدبولي محافظ القاهرة بمنع سيرها في المنطقة.
كما استمع رئيس الوزراء، خلال جولته بالمنطقة إلى شرح من المهندس أسامة طلعت، رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية، حول تاريخ المنطقة مستعرضاً في هذا الصدد مراحل تطوير القاهرة التاريخية والتي تضم شارع المعز، ووكالة الغورية، وشارع الخيامية.
وأكد رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية ، أن المخطط المقترح لتطوير المنطقة يتضمن إعداد برامج تدريبية للحرفيين للعمل على رفع جودة المنتجات الحرفية، إلى جانب السعي لإعداد أجيال جديدة للحرف اليدوية المختلفة، وفي الوقت نفسه توفير ورش تدريب لتلاميذ المدارس وطلبة الجامعات على الفنون والحرف اليدوية، وإنشاء مركز لتطوير التصميمات، يسهم في اقتراح تصميمات واستخدامات معاصرة لمنتجات الخيامية، إلى جانب وضع القواعد التي تضمن الحفاظ على جودة المنتج الحرفي، وكذا العمل على فتح مجالات جديدة لتسويق تلك المنتجات الحرفية، سواء بالموقع أو عبر التسويق الإلكتروني أو عبر الروابط الدولية للتسويق، وتسجيل وتوثيق تراث الخيامية.
خلال جولته التفقدية بمنطقة الغورية وباب زويلة، اليوم السبت ، أدلى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بتصريحات حول مشروعات تطوير وإحياء القاهرة التاريخية ، مؤكدا أن المنطقة التي يقف على أرضها الآن بصحبة عدد من المسئولين هي منطقة عزيزة على قلوبنا نحن المصريين جميعا، والتي تتمثل في القاهرة التاريخية، حيث إنها تُعد واحدة من المواقع المدرجة ضمن التراث العالمي، مؤكدا القيمة البالغة لهذا المكان الذي كان شاهدا على مجريات وأحداث تاريخية عديدة، حيث إن نشأة القاهرة كانت من هنا منذ ما يزيد على الألف عام، ومن هنا كانت انطلاقة مدينة القاهرة العظيمة.
وأشار الدكتور مصطفى مدبولي ، إلى أن منطقة القاهرة التاريخية تضم نحو 537 مبنى أثريا مسجلة في التراث العالمي ومنظمة اليونيسكو، أي أنها أماكن أثرية تعتبر في الأعراف الدولية كنزا من التراث الحضاري الكبير، الذي يستوجب منا جميعا كمصريين وكعالم أجمع الحفاظ عليه، وهو ما نسعى للقيام به خلال هذه المرحلة، لافتا في هذا الصدد إلى القرارات العديدة التي صدرت بشأن هذه المنطقة خلال العقود السابقة، وتم تنفيذ خطوات كثيرة تتعلق بترميم بعض المباني الأثرية القائمة بها، وتطوير أجزاء منها كمشروع تطوير شارع المعز، إلا أنه لم يتم النظر إلى هذه المنطقة بصورة متكاملة، ولذا فقد عانت المنطقة كغيرها من المناطق الأخرى من عدم الرغبة في التدخل للتعامل مع المشكلات التي تعاني منها، وهو ما أدى إلى تدهورها بشكل كبير كما تلحظون بأنفسكم، كما شهدت انهيارات لأحد المباني الأثرية على مدار الفترات الماضية، كما شهدت وقوع بعض الحرائق .
وفي هذا السياق، نوّه رئيس الوزراء إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، أشار في كلمته، خلال احتفالات الدولة بيوم الشهيد الأسبوع الماضي، إلى أنه سيتم بالتزامن مع افتتاح العاصمة الإدارية الجديدة الاعلان عن جمهورية ثانية حديثة، كما أكد على أنه مع الخروج إلى العاصمة الادارية الجديدة، لن نرفع أيادي التطوير عن مختلف مدن وعواصم الجمهورية القديمة كالقاهرة، والإسكندرية، وبورسعيد.
وأكد رئيس الوزراء ، آن الأوان للتعامل مع واحدة من أهم المناطق التاريخية بالقاهرة بصورة شاملة، وهي أصل القاهرة وتاريخها العريق، قائلا: لقد تصادف إعلاننا عن بدء تنفيذ مشروعات تطوير القاهرة التاريخية ببعض الانتقادات من جانب بعض الخبراء وهو ما يدعونا للتساؤل : هل يعد ترك المنطقة على ما هي عليه الآن دون إحداث تطوير يُعد حفظاً للتراث؟
كما شدد الدكتور مصطفى مدبولي، على أننا ننطلق في عمليات التطوير من ثوابت وأسس عديدة، تتضمن العمل على ترميم المباني الأثرية، وإعادة الاستفادة منها واستثمارها، مع الحفاظ على النسيج المعماري والحضاري لها، وكذا المباني التي لها قيمة تاريخية بها، والسعي لتطويرها، إلى جانب النهوض بمستوى الورش والمحلات بتلك المنطقة ورفع جودة منتجاتها، فضلا عن تحسين الظروف المحيطة بها، وتهيئة شبكة أفضل للبنية الأساسية لها.
كما أكد رئيس الوزراء، أن مصر تزخر بالكثير من الكنوز والمناطق التاريخية، ونحن نستهدف عودة الحركة السياحية لهذه المناطق؛ سواء كانت داخلية أو خارجية، فضلا عن إعادة إحياء الحرف التراثية الموجودة بهذه المناطق، مشيرا إلى ضرورة التعامل مع بعض الأنشطة الدخيلة شديدة الخطورة على هذه المناطق، موضحا أن تدهور المنطقة وعدم الاهتمام بها أسهم في ظهور بعض الأنشطة الدخيلة شديدة الخطورة على المنطقة، وهو الوضع الذي لا يمكن استمراره، ولاسيما مع وجود بعض الورش والمخازن التي تحوي مواد شديدة الخطوة، مستشهداً في هذا السياق بالحوادث الأخيرة نتيجة تخزين مواد شديدة الخطورة في بعض العمارات.
وفي الوقت نفسه، تطرق رئيس الوزراء، خلال تصريحاته، إلى المشكلات التي تعانى منها هذه المنطقة التاريخية، والتي يتمثل بعضها في وجود مياه جوفية أسفل المباني الأثرية، فضلا عن ضرورة تنظيم الحركة المرورية بشوارعها وضواحيها،
كما تناول الدكتور مصطفي مدبولي، الشائعات التي يتم تداولها على مواقع وسائل التواصل الاجتماعي التي تنقل معلومات مغلوطة ومضللة عن اعتزام الحكومة القيام بتنفيذ أعمال هدم وتهجير لسكان المنطقة، وما تم تلقيه في هذا الشأن من استفسارات للمواطنين، مؤكدا أن هدف الدولة هو التطوير والتحسين وليس إخراج الأهالي من المنطقة أو تنفيذ أعمال هدم أو إزالة، وذلك اقتناعاً وإيماناً منها بأن قيمة المنطقة لا تكمن فقط في آثارها وإنما في الإبقاء أيضاً على الحرف اليدوية والتراثية المتواجدة، بل والحفاظ عليها وتطويرها وتطوير المنطقة بأكملها بشكل مؤسسي، موضحاً أن إخراج الحرف من المنطقة سيفقدها قيمتها التي تعد جزءاً لا يتجزأ منها، وطمأن أهالي المنطقة بأن الدولة ستنفذ أعمال تطوير للمنطقة، وستقوم بتقديم الدعم اللازم لتطوير حرفهم التراثية.
وتطرق الدكتور مدبولي لما استمع إليه من بعض أصحاب الورش، أثناء جولته اليوم السبت ، من عزوف الشباب عن تعلم هذه الحرف بما قد يسهم في اندثارها مستقبلا، مشيراً إلى أن الدولة ستتدخل بجميع مؤسستها؛ لحماية تلك الحرف من خلال تجهيز مراكز لتأهيل وتدريب الشباب على إحياء والحفاظ على هذه الحرف من الاندثار.
كما نوه الدكتور مصطفي مدبولي، إلى أن الحكومة تعتزم إجراء حوار مجتمعي مع الخبراء وأهالي المنطقة لعرض المشروعات التي سيتم تنفيذها، لافتا إلى أن الهدف هو التحسين والتطوير لتحقيق الصالح العام للدولة وللمواطنين، رغم ما قد يكلفنا ذلك من مليارات الجنيهات، ومؤكداً على أن استمرار إهمال المنطقة لا يعد خياراً قائما، مشيرا إلى إطلاق الرئيس السيسي العديد من المبادرات لتطوير مختلف قطاعات الدولة، وأن لهذه المنطقة أولوية خاصة لدى القيادة السياسية، لتطويرها بصورة متكاملة للحفاظ عليها
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة