يعد التاريخ البحرى والعلوم البحرية بالبحر الأحمر مليئا بالقصص والمغامرات التى يكشفها التاريخ ويقصها الخبراء والباحثون فى علوم البحار والطبيعة، وخاصة العاملين فى ذلك المجال، ومن بينهم أساتذة أول محطة بحثية لدراسة علوم البحار وهى معهد علوم البحار بمدينة الغردقة، الذى أنشئ بقرار من جامعة الملك فؤاد فى مطلع الربع الأول من القرن التاسع عشر وتحديدا عام 1928 ميلادية.
يضم معهد علوم البحار بمدينة الغردقة متحفا يحتوى على أعداد كبيرة وفريدة متنوعة من الكائنات البحرية النادرة بينها قروش وأسماك وسلاحف ضخمة منها المنقرض، فى مدخل أبواب متحف علوم البحار تستقبل إحدى الأسماك الشهيرة الضخمة الزوار والتى تسمى سمكة المانتا أو كما يطلق عليها السكان المحليين بالغردقة "أم كرباج" وذلك نسبة إلى ذيلها الذى يشبه الكرباج.
تقص "سحر خير"، مسئول الاكواريوم بمعهد علوم البحار، أن سمكة "المانتا" الضخمة المتواجدة بمدخل متحف علوم البحار لها قصة شهيرة مع المشير عبد الحكيم عامر، وزير الحربية فى بداية الخمسينات وحتى قرب نهاية الستينات، أنه فى عام 1954 كان فى رحلة بحرية فى البحر الأحمر وظهرت سمكة المانتا "شيطان البحر" الشهيرة الضخمة تطير فوق سطح المياه، وهى من الأسماك التى لها القدرة على الطيران لمسافات قليلة.
وأضافت فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أنه ما أن شاهدها المشير عبد الحكيم عامر، إلا وأطلق عليها الرصاص من سلاحه الشخصى آنذاك حيث صوب عليها 7 رصاصات، وقام باصطيادها ثم نقلها لمعهد علوم البحار بالغردقة وتم تحنيطها.
وتابعت: أن الرصاصات السبع نفذت فى بطن السمكة وعند عملية التحنيط وعقب الانتهاء كانت السبع رصاصات ظاهرة جدا ومازالت ظاهرة حتى الآن حتى بعد تحنيطها ومرور أكثر من 60 عاما عليها، حيث تمت تخبئة علامات الرصاصات بالجبس خلال عملية التحنيط.
وأوضحت أنه خلال عملية التحنيط تم شق السمكة نصفين وتحنيط ظهرها على حدى وكذلك نصفها الأمامى على حدى ليتم عرضهم كل نصف على حدى بداية مدخل متحف علوم البحار التابع لمعهد علوم البحار والمصايد الواقع شمال مدينة الغردقة.
من جانبه قال الدكتور محمود عبد الراضى دار، مدير فرع معهد علوم البحار والمصايد بالغردقة، أن سمكة "المانتا" يطلق عليها اسم سمكة manta ray أو شيطان البحر العملاقة، ويعد أخطر ما فيها ذيلها والذى سميت بأم كرباج لما يشبه ذيلها الكرباج، وتمتلك تلك السمكة أكبر دماغ سمكى فى العالم.
وأضاف مدير فرع معهد علوم البحار والمصايد بالبحر الأحمر لـ"اليوم السابع" أن تلك السمكة تتغذى على الكائنات البحرية الصغيرة، وهناك نوعان من أسماك شيطان البحر أسماك شيطان البحر المرجانى، التى تعيش فى المياه الساحلية فى المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية، وأسماك شيطان البحر المحيطة العملاقة، التى تنتمى إليها أكبر أسماك شيطان البحر، التى تهاجر فى المياه المفتوحة.
وتابع أن السمكة المحنطة بمتحف معهد علوم البحار من المرجانية والمتواجدة بصفة مستمرة فى مياه البحر الأحمر إلا أن تلك الأحجام أصبحت نادرة، لا تملك أسماك شيطان البحر أى أسنان، إذ أنها تعتمد على صفوف من الصفائح الصغيرة فى انتشال العوالق من الماء التى يمر عبر فمها أثناء السباحة.
وتتحكم أسماك شيطان البحر بوفرة وتنوع العوالق كما تنظم تدوير المغذيات، وتتنقل أسماك شيطان البحر المرجانى بين سطح المياه وأعماقه، وتتعرض فى بعض الدول إلى أخطار عدة منها الصيد المستهدف، والصيد العرضى عبر مصائد السمك، والعلق فى الحطام البحرى، والتلوث البلاستيكى، وتدهور الموانئ وباتت أسماك شيطان البحر العملاقة تحظى بقيمة كبيرة فى الأسواق العالمية بفضل جرافاتها الخيشومية التى تتكون من نسيج شبيه بالإسفنج والتى تستعمل فى الأدوية الصينية.
ويؤدى التغير المناخى إلى ارتفاع درجة حرارة مياه البحار وتحمض المحيطات ويتسبب ذلك فى الإخلال بدورة حياة العوالق التى تشكل مصدر الغذاء الرئيسى لأسماك شيطان البحر، وتم وضعها على قوائم معاهدة التجارة العالمية لأصناف الحيوان والنبات البرى المهدد بالانقراض، وتتكاثر تلك الأسماك ببطء وتعيش عمرًا طويلًا، ما يجعلها عرضة لخطر الاستغلال المفرط.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة