الشيك أداة دفع ووفاء مستحق الأداء لدى الاطلاع دائما، ويغنى عن استعمال النقود في المعاملات، وليس أداة ائتمان يطالب بقيمتها في تاريخ غير الذي أعطيت فيه، ومن ثم لا ينفي الجريمة مغايرة تاريخ الاستحقاق الثابت علي الشيك لتاريخ إعطائه الفعلي طالما أنه لا يحمل سوي تاريخ واحد الطعن.
وبما أن الشيك أداة وفاء تجري مجري النقود في التعامل، فلا غرو أن يظلها المشرع بالحماية الجنائية، وأن يعاقب على إصدارها دون أن يقابلها رصيد قائم وقابل للسحب، ولهذا تسمح بعض المتعاملين في الشيك لما له من حماية جنائية، وتم تحويله من أداة وفاء إلي أداة ضمان، فظهر ما يسمى بشيك الضمان، وبمقتضاه يقبل المستفيد شيكا يعلم أنه ليس له مقابل وفاء، وذلك بغية ضمان دين له في ذمة الساحب مع رد الشيك بعد ذلك إلى ساحبه إذا قام بالوفاء بدينه أو تقديم الساحب للمحاكمة الجنائية إذ لم يف به.
هل يعاقب علي تظهير شيك ليس له مقابل وفاء قائم وقابل للسحب؟
في التقرير التالي، يلقى "اليوم السابع" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتعلق بإصدار الشيك، وذلك من خلال الإجابة على السؤال هل يعاقب على تظهير شيك ليس له مقابل وفاء قائم وقابل للسحب؟ وبمعنى أدق هل يعاقب القانون على اصدار شيكات الضمان؟ وذلك في الوقت الذي تدخل فيه المشرع في قانون التجارة الجديد رقم 17 لسنة 1999 وعاقب بنص خاص أي شخص يقوم بتظهير شيك يعلم أنه ليس له رصيد إذ نصت الفقرة "و" من المادة 534 منه – بحسب أستاذ القانون الجنائي والمحامي بالنقض ياسر الأمير فاروق.
في البداية – سبق وقد أثير تساؤل قبل صدور قانون التجارة الجديد رقم 17 لسنة 1999 حول ما إذا كان المستفيد الذي يقوم بتظهير شيك يعلم أنه بدون رصيد يقع تحت طائلة العقاب الجنائي؟ وحول هذه الإجابة لاحظ الفقه أن جريمة إصدار شيك بدون رصيد هي جريمة الساحب، أما المستفيد من الشيك القائم بتظهيره، فلا يرتكب هذه الجريمة، ولو كان يعلم وقت التظهير بعدم وجود مقابل الوفاء إذ التظهير ليس بإصدار للشيك ولا يصح اعتبار مظهر الشيك شريكا للساحب في جريمة إصدار شيك بدون رصيد، إذ طرق الاشتراك المحددة بالمادة 40 عقوبات تتطلب أن يكون نشاط الشريك سابقا عن وقوع الجريمة، وهو مالا يتحقق في جانب المستفيد لأن تظهيره لاحق لإصدار الساحب للشيك، ولكن عدم عقاب المستفيد المظهر عن إصدار الشيك أو الاشتراك فيه لا يحول دون عقابه عن جريمة النصب أن توافرت أركانها – وفقا لـ"فاروق".
رأى محكمة النقض في الأزمة
هذا وقد سبق لمحكمة النقض أن تصدت للأزمة في الطعن المقيد برقم 46468 لسنة 59 القضائية، حيث أخذت محكمة النقض بهذا الرأي فقضت بأن جريمة إعطاء شيك بغير رصيد هى جريمة الساحب الذى أصدر الشيك فهو الذى خلق أداة الوفاء، ووضعها في التداول وهى تتم بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلى المستفيد مع علمه بأنه ليس له رصيد قابل للسحب تقديرا بأن الجريمة إنما تتم بهذه الأفعال وحدها دون غيرها من الأفعال التالية لذلك، ومن ثم فإن التظهير الحاصل من المستفيد أو الحامل لا يعتبر بمثابة إصدار للشيك فلا يقع مظهره تحت طائلة نص المادة 337 من القانون العقوبات ولو كان يعلم وقت التظهير بأن الشيك ليس له مقابل وفاء لدى المسحوب عليه.
كما أن المظهر لا يعتبر شريكا للساحب لأن الجريمة تمت وانتهت بإصدار الشيك وهو عمل سابق على التظهير اللهم إلا إذا ثبت أنه اشترك معه - بأي طريق من طرق الاشتراك - في إصداره على هذه الصورة على أن عدم العقاب على التظهير بوصفة جريمة شيك بغير رصيد لا يحول دون العقاب عليه باعتباره نصبا متى ثبت في حق المظهر أركان هذه الجريمة.
والعقوبة تصل للحبس وغرامة 50 ألف جنية
وتدخل المشرع في قانون التجارة الجديد رقم 17 لسنة 1999 وعاقب بنص خاص أي شخص يقوم بتظهير شيك يعلم أنه ليس له رصيد إذ نصت الفقرة "و" من المادة 534 منه علي أن يعاقب بالحبس وبغرامة لا تجاوز 50 الف جنية أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من ارتكب عمدا أحد الأفعال الآتية: كل من ظهر لغيره شيكا تظهيرا ناقلا للملكية أو سلمه يكون مستحق الدفع لحامله مع علمه بأنه ليس به مقابل وفاء يفى بكامل قيمته أو أنه غير قابل للصرف، ويتضح من ذلك أن المستفيد لا يهدف من هذا الشيك سوي الاحتفاظ به كضمان لدينه، ويستغله كوسيلة تهديد للضغط بها علي الساحب للوصول الي مبتغاه.
وقد آثير التساؤل عندئذ حول ما إذا كان الساحب يعاقب على إصدار شيك ضمان مادام أنه لا يقابله رصيد؟.. فقد اختلفت المحاكم الفرنسية في هذا الشأن ويبين أن وجه الخلاف كان ينصرف إلى بطلان شيك الضمان من عدمه، فمن راي بطلانه نفي الجريمة ومن راي صحته أقر الجريمة، ونعتقد أن الإجابة على هذا التساؤل ليس لها علاقة فحسب ببطلان الشيك، وإنما تنصرف كذلك إلى مدي توافر أركان جريمة إصدار شيك بدون رصيد في شيكات الضمان لا سيما فعل الإصدار المتمثل في انصراف أرادة الساحب إلى التخلي عن حيازة الشيك نهائيا للمستفيد وطرحه للتداول، ولهذا فإنه إذا ناول الساحب الشيك الذي لا يقابله رصيد الي المستفيد على سبيل الوديعة، كما هو الحال في شيك الضمان فإن الساحب لا يرتكب بذلك الجريمة لأن المستفيد بحسبانه مودع لديه يحوز الشيك لحساب الساحب فهو بذلك لم يخرج عن حيازته.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة