لا تزال تبعات الانسحاب العسكري من أفغانستان على الساحة البريطانية، حيث كشف احد العاملين السابقين في وزارة الخارجية البريطانية لشبكة بي بي سي ان عمليات الإجلاء من أفغانستان كانت "معطلة وفوضوية" بعد ان استولت طالبان على كابول، وأشار رافاييل مارشال الدبلوماسي البريطاني السابق الى ان عمليات اختيار من يمكنه الحصول على رحلة جوية كانت تعسفية وان آلاف رسائل البريد الالكتروني التي تتضمن مناشدات من اشخاص يريدون المساعدة لم تتم قراتها، كما هاجم وزير الخارجية أنذاك دومنيك راب قائلا انه كان بطيئا في اتخاذ القرار.
في دليل مكتوب إلى لجنة الشئون الخارجية، قال مارشال إن ما يصل إلى 150 ألف أفغاني معرضين للخطر بسبب صلاتهم ببريطانيا تقدموا بطلب للإجلاء - لكن أقل من 5% تلقوا أي مساعدة، وأضاف "من الواضح أن بعض الذين تركوا قتلوا على يد طالبان منذ ذلك الحين".
قال مارشال، الذي كان مسؤول مكتب كبير في وزارة الخارجية والكومنولث والتنمية (FCDO) حتى استقالته في سبتمبر، أنه كان هناك عدد غير كاف من الموظفين في مركز الأزمات بالوزارة، ولا يُتوقع من الموظفين عادة العمل في عطلات نهاية الأسبوع أو بين عشية وضحاها، وأضاف أن هناك نقصا في الخبرة وقلة التنسيق بين الدائرة ووزارة الدفاع.
وقال مارشال أيضًا إن راب استغرق ساعات للرد على رسائل البريد الإلكتروني و"لم يفهم الوضع تمامًا"، كما انتقد التعليمات الصادرة عن رئيس الوزراء بوريس جونسون بإجلاء الكلاب التي ترعاها جمعية خيرية للحيوانات تتعارض مع معايير وزارة الخارجية وتعني أن الأشخاص المعرضين لخطر القتل قد تركوا وراءهم.
من جانبه رفض وزير الخارجية السابق دومنيك راب الاتهامات وقال إن المملكة المتحدة قامت بإجلاء 15 ألف شخص من أفغانستان في غضون أسبوعين، وهى "أكبر عملية في الذاكرة الحية" وعدد أكبر من أى دولة أخرى باستثناء الولايات المتحدة، وأضاف أن النقد الموجه إلى اتخاذه للقرار كان من "موظف مكتب صغير نسبيًا" لكن التحديات الرئيسية كانت في التحقق من هويات المتقدمين على الأرض ومرافقتهم بأمان إلى المطار فى كابول، وليس في اتخاذ القرارات.
وقال: "لا أشك في وجود تحديات، ولا أشك في أنه ستكون هناك دروس يمكن تعلمها، لكن إذا نظرت إلى الحقائق، أعتقد أننا قمنا بعمل جيد وفقًا لمعايير الإجلاء الأخيرة وبالمقارنات الدولية"، وأشار الى أن الـ15 ألف شخص الذين نُقلوا جواً من أفغانستان بعد سيطرة طالبان على العاصمة كابول، من بينهم 5000 بريطانى و8 آلاف أفغانى و2000 طفل.
ووفقا للتقرير، تشمل القضايا الرئيسية التى أشار إليها المخبر عن المخالفات في وزارة الخارجية رافائيل مارشال عدد من النقاط أهمها حقيقة ان 5% فقط من اجمالي 150 الف شخص طلبوا المساعدة تم الاستجابة اليهم، كما لم يدرس أي شخص في الفريق الذي يتعامل مع الطلبات، أو لديه أي معرفة تفصيلية بأفغانستان، أو سبق له العمل هناك، لا أحد يتحدث اللغة الأفغانية، وكانت القرارات المتعلقة بمن يجب إنقاذه تعسفية، ولم تتم حتى قراءة آلاف رسائل البريد الإلكتروني التي تطلب المساعدة، وكان نظام تكنولوجيا المعلومات معطلاً، حيث تم تجنيد ثمانية جنود للمساعدة في مشاركة جهاز كمبيوتر واحد.
بالإضافة الى ان استجابة دومينيك راب في اتخاذ القرارات بشأن الحالات الصعبة كانت بطيئة ولم يفهم الموقف تمامًا، ووفقا لرواية مارشال فان إجلاء الكلاب جاء على حساب إجلاء الأشخاص المعرضين لخطر الموت.
ومع اقتراب طالبان من كابول في أغسطس، كان هناك مخطط حكومى واحد لإجلاء أولئك الأفغان الذين عملوا مباشرة مع الحكومة البريطانية، وآخر لتحديد ومساعدة أولئك الذين كانوا في خطر بسبب روابطهم الأوسع مع المملكة المتحدة، عمل مارشال مع فريق المسؤولين الذين يتعاملون مع مجموعة تعرف باسم الحالات الأفغانية الخاصة.
وشمل هؤلاء الجنود الأفغان والسياسيين والصحفيين وموظفي الخدمة المدنية والنشطاء وعمال الإغاثة والقضاة - والحراس الذين عملوا بشكل غير مباشر للحكومة البريطانية عبر مقاولين من الباطن.
في نهاية أغسطس مع تقدم طالبان في كابول، كان العديد من هؤلاء الأشخاص يرسلون بريدًا إلكترونيًا إلى FCDO للحصول على إذن برحلة خارج البلاد، وقال مارشال إنه "عادة ما يكون هناك 5000 رسالة بريد إلكتروني غير مقروءة في البريد الوارد في أي لحظة"، و"في آلاف الحالات لم تتم قراءة رسائل البريد الإلكترونى"، بما في ذلك حالات من أعضاء البرلمان، وقال إن عملية تحديد أولويات المتقدمين كانت "تعسفية ومختلة وظيفيا". وأضاف أن المعايير التي استخدمتها الحكومة كانت غير مفيدة وغامضة أدت إلى الارتباك.
يذكر تقرير مارشال أن مركز الأزمات التابع لقسم مكافحة الفساد أرسل مذكرات إلى مكتب راب لاتخاذ قرارات بشأن القضايا الصعبة، لكن "استغرق الأمر عدة ساعات لوزير الخارجية للانخراط في أى من هذه الملاحظات"، وعندما فعل "لم يكن بإمكانه اتخاذ قرار بشأن الحالات الفردية" دون رؤية جميع الحالات.
واختتم مارشال قائلاً: "إن تقديم وزير الخارجية لهذا الطلب يوحي بأنه لم يفهم الوضع بشكل كامل.. رفض وزير الخارجية اتخاذ قرار بشأن ما إذا كان سيتم قبول هؤلاء الأشخاص دون تقديم منسق بشكل صحيح مع جدول يحدد حالات متعددة".
وقال مصدر مقرب من راب: "قمنا بإجلاء أكثر من 500 حالة خاصة، من بينهم صحفيون ونشطاء فى مجال حقوق المرأة كان التحدي العملي الرئيسي للإخلاء هو التحقق من الهوية وتأمين ممر آمن إلى المطار، وليس سرعة اتخاذ القرار. في جميع الأوقات، كان تركيز الفريق على إنقاذ الأرواح".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة