عزز الجنيه المصرى قوته أمام الدولار الأمريكى، منذ بداية 2021، وحتى الآن مدفوعًا بعدة عوامل أبرزها، زيادة المعروض الدولارى وتراجع الطلب على الدولار، والزيادة الكبيرة فى موارد العملة الصعبة فى الاقتصاد المصرى، والتدفقات الدولارية التى تمثلت فى ارتفاع تحويلات المصريين العاملين بالخارج وزيادة استثمارات الأجانب فى أدوات الدين الحكومية المصرية وتعافى إيرادات قطاع السياحة وزيادة الصادرات وعائدات قناة السويس، إلى جانب تقدم وتحسن مؤشرات الاقتصاد المصرى بشكل ملحوظ على مدار الفترة الماضية وتدفقات النقد الأجنبى وخاصة أموال المحافظ المالية والتى ترتفع إلى 500 مليون دولار فى بعض الأيام.
ويتحدد سعر الدولار فى البنوك المصرية وفقًا لآلية العرض والطلب، ويسجل حاليًا 15.66 جنيه للدولار وسط توقعات بمزيد من التراجع للعملة الأمريكية خلال الفترة المقبلة، وتعد وفرة العملة الأمريكية فى البنوك أحد أبرز العوامل الداعمة لقوة الجنيه، وارتفعت تحويلات المصريين العاملين بالخارج لتسجل 21.4 مليار دولار خلال 8 أشهر.
وعلى الرغم من استمرار التأثيرات السلبية لجائحة فيروس كورونا، إلا أن الاقتصاد المصرى تمكن من الصمود أمام تلك الأزمة والتعامل معها باحترافية مكنت من إحداث توازن، حيث تعد جائحة "كوفيد 19" هى واحدة من أكثر الصدمات والأزمات تعقيدًا وتأثيرًا فى العالم خاصة مع انتشار المتحور الجديد فى عدة دول بالعالم، كونها أزمة مركبة بدأت بأزمة صحية وانعكست تداعياتها بتأثير سلبى على النشاط الاقتصادى العالمى، وخلفت خسائر تقدر بنحو 11 تريليون دولار على مستوى العالم، وفقدان ملايين الوظائف.
ويتحدد سعر صرف الجنيه أمام الدولار الأمريكى، وفقًا لقوى العرض والطلب، ومن المتوقع أن يتراجع سعر الدولار أمام الجنيه فى 2022، ليتراوح بين 15.25 و15.50 جنيهًا للدولار، من السعر الحالى البالغ 15.66 جنيه للدولار، مدفوعًا بزيادة موارد العملة الصعبة فى الاقتصاد المصرى وارتفاع الصادرات المصرية إلى الخارج المتوقع أن تسجل نحو 30 مليار دولار، وترشيد الاستيراد حيث أن البنك المركزى المصرى لا يتدخل فى تحديد سعر للدولار أمام الجنيه، ولا يستهدف سعرًا محددًا، بعد تحرير سعر الصرف، فى 3 نوفمبر 2016، وخضوعه لقوى العرض والطلب فى البنوك، وعند زيادة التنازل – بيع - الدولار من قبل العملاء والمصريين العاملين بالخارج، فى البنوك، يعمل ذلك على خفض سعر العملة الأمريكية.
وأحد أبرز الأسباب الداعمة لقوة العملة المحلية، يرجع إلى انتهاء عهد السوق السوداء للعملة عقب قرار تحرير سعر الصرف، وعمليات "الدولرة" والتى تعنى تحويل الودائع من الجنيه المصرى إلى الدولار، حيث أن هذا التحدى كان الأكبر فى ظل أن المستثمر يبحث عن تنمية مدخراته، وبالتالى تحويل جزء كبير من حيازات الدولار إلى ودائع بالجنيه.
وتوجد عدة عوامل أخرى داعمة لقوة الجنيه المصرى خلال الفترة القادمة، أبرزها تحسن إيرادات السياحة وإصدارات السندات الدولية لمصر بالخارج المقومة بالدولار واليورو البالغ متوسطها نحو 7 مليارات دولار سنويًا، إلى جانب 10 مليارات دولار أخرى من الاستثمارات الأجنبية المباشرة و3 مليارات دولار يتم توفيرها سنويًا من استيراد الغاز، والتى كانت تستخدم فى استيراد الغاز سنويًا، ومع عمل حقول الغاز الجديدة سيتم توفير مبالغ أكبر، وتحويلات المصريين فى الخارج التى وصلت إلى مستوى قياسى بنحو 29.6 مليار دولار خلال العام الماضى 2020، حيث أن هذا الرقم مستمر فى الارتفاع، وتعد التحويلات أحد أهم دعائم الاقتصاد المصرى خاصة بالنسبة لموارد العملة الصعبة بالبنوك العاملة فى السوق المحلية، بنحو 20 مليار دولار سنويًا.
ووسط تنامى الثقة فى الاقتصاد المصرى بعد تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى، وانحسار أثر تداعيات فيروس كورونا، ينعكس ذلك على سعر العملة الأمريكية بالإنخفاض أمام الجنيه مستقبلًا بعد نجاح برنامج الإصلاح وتدفق رؤوس الأموال فى شرايين الفرص الاستثمارية التى تضعها مصر أمام العالم، ويحسن من معروض السلع والخدمات فى مصر مما يدفع التضخم إلى مزيد من التراجع.
وسجلت تحويلات المصـريين العاملين بالخارج خلال شهر أغسطس 2021 ارتفاعًا بمعدل 11.6%، على أساس سنوى، لتسجل نحو 2.7 مليار دولار، مقابل نحو 2.4 مليار دولار خلال شهر أغسطس 2020، وبذلك بلغ إجمالى التحويلات خلال الفترة يناير إلى أغسطس 2021 نحو 21.4 مليار دولار بزيادة قدرها نحو 2.0 مليار دولار وبمعدل 10.4% مقارنة بالفترة يناير - أغسطس 2020.
وعلى الرغم من التأثيرات السلبية لأزمة كورونا، إلا أن صافى الاحتياطيات الأجنبية لدى البنك المركزى المصرى استمر فى الارتفاع ليسجل 40.849 مليار دولار فى نهاية شهر أكتوبر 2021، مقارنة بـ 40.825 مليار دولار، فى نهاية شهر سبتمبر 2021، بارتفاع قدره نحو 24 مليون دولار.
وتستورد مصر بما يعادل متوسط 5 مليارات دولار شهريًا من السلع والمنتجات من الخارج، بإجمالى سنوى يقدر بأكثر من 55 مليار دولار، وبالتالى فإن المتوسط الحالى للاحتياطى من النقد الأجنبى يغطى نحو 8 أشهر من الواردات السلعية لمصر، وهى أعلى من المتوسط العالمى البالغ نحو 3 أشهر من الورادات السلعية لمصر، بما يؤمن احتياجات مصر من السلع الأساسية والاستراتيجية.
وتتمتع البنوك المصرية بمعايير عالية من حيث قوة القواعد الرأسمالية والأصول بالنقد الأجنبى، حيث اتخذ البنك المركزى المصرى، عدة إجراءات داعمة لدور البنوك خلال أزمة كورونا، وتبنى على ما تحقق من نجاح لبرنامج الإصلاح المصرفى، للبنوك العاملة فى مصر حيث بدأ فى 2004 وانتهى 2008، وبعد مرور 10 سنوات على البرنامج تضمن برنامج الإصلاح المصرفى 4 ركائز أساسية تشمل إجراء بعض عمليات الخصخصة والدمج بالقطاع المصرفى وصلت بعدد البنوك إلى 38 بنكًا، ومواجهة مشكلة الديون المتعثرة لدى البنوك، وإعادة هيكلة بنوك القطاع العام ماليًا وإداريًا، ودعم قطاع الرقابة والإشراف، وتحققت خطة تطوير قطاع الرقابة والإشراف بالبنك المركزى المصرى من خلال برنامج يهدف إلى تطوير القطاع فى إطار رقابى وإشرافى يتسم بالفاعلية والكفاءة والقدرة على مواكبة المعايير والمبادئ الدولية، والتحول من الرقابة بالالتزام إلى الرقابة بالمخاطر وذلك لضمان قوة وسلامة القطاع المصرفى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة