عادة ما تفصل المحكمة العليا الأمريكية بشكل حاسم فى الموضوعات محل النزاع ذات الطبيعية السياسية أو الاجتماعية فى الولايات المتحدة، وكان لها قرارات تاريخية غيرت بها اتجاه البلاد فى العقود الأخيرة، كان أبرزها موقفها من الإجهاض.
لكن المحكمة وجدت نفسها أمام خيار صعب فى قضية أقامها ممثلون لعدد من المسلمين الذين اتهموا مكتب التحقيقات الفيدرالية FBI بالتجسس عليهم فى أعقاب هجمات سبتمبر الإرهابية.
وقالت مجلة نيوزويك إن المحكمة العليا لم تعرف ما إذا كانت ستساند مقيمى دعوى قضائية عن التمييز الدينى أو الحكومة الأمريكية، التى زعمت أن المضى قدما فى القضية يمكن أن يهدد الأمن القومى، وتتعلق القضية بمجموعة من الرجال المسلمين من جنوب كاليفورنيا الذين يقولون إن إف بى أى تجسس عليهم وعلى مئات آخرين فى أعقاب هجمات 11 سبتمبر الإرهابية.
ويمثل محامون من اتحاد الحريات المدنية الامريكى وآخرين المجموعة، وقالوا إن المراقبة انتهكت حقوقهم وكانت تمييزا ضدهم بسبب دينهم، لكن المحكمة العليا الأمريكية عُهد إليها تحديد ما إذا كان بإمكان الحكومة أن تمنع المحاكم من النظر فى القضية بناء على تهديدها المحتمل للأمن القومى، بالكشف عن معلومات حكومية علنا، بحسب ما ذكرت وكالة أسوشيتدبرس الأمريكية.
وكانت محكمة أقل درجة، رفضت القضية فى بادئ الأمر بعدما زعمت الحكومة أن القضية يمكن أن تكشف أسرار الدولة، وبعدها قضت محكمة استئناف بأن المحكمة الأقل درجة كان ينبغى أن تنظرا سرا فيما وصفته الحكومة بأسرار دولة من أجل اتخاذ قرار بشأن ما إذا كان التجسس قانونيا.
وقالت كل من إدرتى بايدن وترامب إن قرار محكمة الاستئناف كان خاطئا، بحسب أسوشيتدبرس، وأشار بعض القضاة إلى أنهم ربما يساندون الحكومة، لكن فيما يمكن أن يكون انتصارا جزئيا لكلا الطرفين، بدت المحكمة أيضا داعمة لإرسال القضية مرة أخرى لمحكمة اقل درجة من أجل مزيد من الإجراءات.
واتفقت إداراتا بايدن وترامب بشكل نادر فى القضية التى تنظر فيها المحكمة العليا الأمريكية بشأن ما إذا كان بإمكان الحكومة رفع دعاوى قضائية قد تهدد الأمن القومى، وأشار قاضى المحكمة العليا برأت كافانو إلى أن إعادة القضية إلى محكمة اقل درجة من شان أن يسمح بتجسيد القضايا والعودة إلى المحكمة العليا مرة أخرى.
بينما قالت القاضية إلينا كاجاتن إن قرار المحكمة الأقل درجة كان مهما بطريقة ما مبنى على فهم خاطئ للوقت المناسب للفضل فى قضية أسرار الدولة.
وقالت القاضية المحافظة آمي كوني باريت خلال جلسات استماع استغرقت ساعتين الاثنين "كل ما يمكن أن نقوله أو لا نقوله حول أسرار الدولة ستكون له تشعبات تتخطى بكثير" حدود القضية.
ويؤكد الرجال الثلاثة وهم إمام "المؤسسة الإسلامية في مقاطعة أورانج" ياسر فازاجا وعلي الدين مالك وياسر عبد الرحيم، أن الـ"إف بي آي" دسّ مُخبِرا في مسجدهم بين عامي 2006 و2007 لجمع معلومات عن المصلين.
وقال أهيلان أرولانانثام، المحامي لدى "الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية" الذي سيمثّل مقدّمي الشكوى أمام المحكمة العليا، إن المخبر "الذي كان لديه سجلّ إجرامي... قدّم نفسه على أنه شخص اعتنق "الإسلام" ومتشوق لاكتشاف جذوره الجزائرية-الفرنسية".
وأضاف المحامي لدى عرضه القضية على الصحفيين أن الشرطة الفدرالية "طلبت منه أن يجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات" عن المصلين، من "أرقام الهواتف إلى عناوين البريد الإلكتروني، وأن يسجّل المحادثات سراً".
وأفاد الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية أن المُخبر سجّل صلوات الجماعة في المسجد وخبّأ جهاز تسجيل في مفتاح سيارته.
وحين رفع إمام المسجد واثنان من المصلين شكوى ضد إف بي آي بتهمة التجسس في انتهاك للقانون الفدرالي وحقوقهم الدستورية، ردّت وزارة العدل بأنّها بدأت برنامج المراقبة هذا لأسباب موضوعيّة وليس لأن هؤلاء الأشخاص مسلمون. وتذرعت الوزارة بقانون يتعلق بأسرار الدولة لتتفادى الإدلاء بتفاصيل عن المسألة، وطلبت من المحاكم رفض الشكوى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة