تمر اليوم الذكرى الثانية لرحيل الفنان الشاب هيثم أحمد زكى، والذى توفى في 7 نوفمبر العام قبل الماضى، وكان هيثم نجل الفنان الكبير أحمد زكى، طيب الخلق ومهذب كما وصفه زملائه، فضلاً عن أنه كان دائمًا يحب الوحدة ولا يختلط بأحد، وكان يذهب للتصوير، ثم بيعود لمنزله دون أن تسمع له صوتًا كما وصفه البعض، وفى الذكرى الثانية لـ هيثم، جمعتنى به قصة شخصية قبل رحيله بفترة صغيرة، وفى تلك السطور سأروى ما حدث .
جمعتني صداقة قوية بالمنتج محمد السبكي منذ سنوات، وأتردد دائما على مكتبه في منطقة المهندسين، نجلس سوياً ونتحدث في أمور كثيرة، وتحديداً في السينما، ويحدثني دائماً عن أفلامه وقصصه التي لا تنتهي منذ أن بدأ تجاربه في عالم السينما، بالإضافة إلى حكايته مع الفنانين، فلا تمل من سماع قصص السبكي عن مغامراته مع الممثلين.
وفى ذات الليالي، كنت متواجدًا بمكتب المنتج محمد السبكي، والجو قارس البرودة وسواد الليل يكسو السماء، دخل الفنان الشاب هيثم أحمد زكي علينا، وقدم السلام بيده، وكان منهكاً ومتعباً للغاية، وقال لـ السبكي في سرعة شديدة: "عم محمد أنا عايز اشتغل" .. بقالي فترة قاعد من الشغل.. فرد السبكي " مالك الأول شكلك تعبان أوى".. أنت فيك حاجة.. فرد هيثم أحمد زكى: أنا عايز اشتغل.. هتشغلني .. فرد السبكي " آه هشغلك بس تلتزم .. مش ادورعليك الاقيك قافل تليفوناتك"..
فرد هيثم أحمد زكى.. اطلبلى شاى عشان ادفى طالما هشتغل .. وكأنه يملأه الشغف للعمل والعودة إلى الساحة الفنية.. فجلس هيثم واشعل سيجارة وظل ينظر للسبكى نظرات حبه للتمثيل.. وعدم قدرته على العودة، وكأنه يردد بداخله " متنساش الصداقة اللى بينك وبين أبويا الله يرحمه.. أوعى تخذلنى ".
الحقيقة انفرط قلبى على ذلك الشاب.. خاصة أنه نجل النجم الكبير أحمد زكى، الذى امتعنا كثيرا بفنه وموهبته الفذة وتربينا علي افلامه ، وبدأت الأسئلة تطرق باب عقلى .. هل ظلم هيثم أحمد زكى؟.. لماذا لم يسع أحد لمساعدة ذلك الشاب؟ هل الفن يخذل محبيه؟ .. هل الفن يسد احتياجات البنى آدمين؟ هو الفن مستقبل؟.
وعندما شردت بتفكيرى للحظات.. وجدت محمد السبكي يفتح درج المكتب ، ويسحب "عقد" ليقول لـ هيثم .. أمضي.. هتشتغل، ووقع هيثم أحمد زكى على أحد الأفلام، وكان وقتها محمد السبكى يبدأ تحضيرات فيلم "حرب كرموز" للنجم أمير كرارة.
نظرت لـ هيثم، وجدت فرحة وسعادة طفل صغير، اشترى له ابويه لعبة ابهرت عنيه وانغمرت فرحته فتساقطت دموع هيثم على خديه، وقال.. الحمد لله.. ربنا كريم وعظيم.. يارب بحق كرمك.. انا عايز اشتغل واموت نفسي فى الشغل.
ذهب هيثم أحمد زكى وراح لطريقه الذى يعلمه الله، وفى غفلة سريعة بادرت السبكى بسؤال.. أنت هتشغله فعلاً.. فرد السبكى أنه بحبه جداً.. وهشغله .. ابوه كان صاحبى.. ومقدرش اسيبه فى وقت زى دا ..
مع الأسف يا سادة .. مات هيثم أحمد زكى، الشاب الطموح، الذى عاش وحيدًا ومات يتيمًا، وظلت الظروف والحياة ضده لحين تذكره ربه.. كان الأمل يملأ قلبه بالعمل.. علماً بأن هيثم كان كسولا فى بعض الأحيان، إلا أنه شاب طيب وخلوق، كان يتمنى أن ينال قسطاً من الدفء والحنو والمحبة.. فترك العالم وراح يرتوى دفئ ربه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة