هناك عوامل أخرى إلى جانب الموهبة تساهم فى نجومية وشهرة وبقاء نجوم الفن والطرب، فليس بالموهبة وحدها يحيا ويبقى الفنان، خاصة فى بداية مشواره الفنى.
وفى زمن لم يكن قد ظهر فيه التليفزيون والفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعى أو حتى الراديو كانت هناك عوامل كثيرة تتحكم فى شهرة النجوم ودفعهم نحو طريق المجد أو الرجوع بهم من حيث أتوا ، فلا يبقى أثرهم وفنهم فى وجدان الجماهير.
وفى أوائل القرن الماضى كان هناك دور كبير للحفلات التى يحييها الفنانين فى شهرتهم ، وكان لمتعهدى الحفلات الذين يستعينون بالفنانين دور كبير فى شهرة أى فنان ونجوميته وتقديمه للجمهور، أو فى تجاهله ونسيانه وإهماله ، وبالتالى ضياع موهبته.
وفى العشرينات والثلاثينات من القرن الماضى ظهرت سطوة ودور متعهدى الحفلات الذين يقومون بتنظيم الحفلات وتأجير الفرق والمطربين وتوزيع التذاكر، وكانوا يربحون من ذلك العمل ، ما كانوا يساهمون فى تقديم المواهب الجديدة التى يتحمسون ويستعينون بها.
وكان من بين أكبرهؤلاء المتعهدين المعلم صديق أحمد الذى بدأ حياته موزع إعلانات للحفلات، وبعدها أصبح متعهداً للحفلات حتى ذاع سيطه وسطوته وأصبح متحكماً فى الحياة الفنية فى مصر لفترة وكان له دور بارز فى تاريخ المسرح والفن، فكان رأيه مسموعاً ويمكنه أن يرفع النجوم بكلمة منه عن موهبتهم أو يتجاهل هذه الموهبة فلا تعرف طريق الشهرة.
وكان للمعلم صديق دور كبير فى اكتشاف كوكب الشرق اأ لثوم عندما استمع إليها فى سرادق صغير بدرب المهابيل فى المناصرة وعندما أعجب بصوتها قال لاتباعه" البنت دى لها مستقبل هايل"، كما ذكرها فى حوار له مع مجلة كوكب الشرق الفنية عام 1921 وكان لكلمته دور كبير فى استعانة متعهدى الحفلات بأم كلثوم وفى شهرتها.
وذات مرة اختلف المعلم صديق مع أم كلثوم ولجأ إلى عدة وسائل لمحاربتها وكانت لازالت فى بداية مشوارها، حيث هدد صديق اصحاب المسارح بأنه لن يتعاون معهم إذا تعاونوا مع أم كلثوم، وبقيت بعدها ام كلثوم لمدة شهر لا تظهر فى أى مسرح ، حتى خشيت ان ينساها الناس فلجأت للصلح مع المعلم صديق حتى يرفع حظره عنها.
وكان زكى مراد والد ليلى مراد مطرباً معروفاً فى العشرينات، وكان يتعاون مع المعلم صديق، وذات مرة أخبره بأنه يريد السفر فى رحلة فنية إلى أمريكا، ولكن صديق رفض، فلم يعبأ زكى مراد بكلامه وسافر وعاد بعد عامين ليجد المعلم صديق قد تعهد بمطرب شاب وتولاه بعنايته وأطلق عليه لقب " مطرب الملوك والأمراء" وان هذا المطرب هو موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب الذى ساهم المعلم صديق فى شهرته فى بداية مشواره الفنى.
ولكن بعد فترة تعاون عبدالوهاب مع متعهد أخر كان ينافس المعلم صديق وكان اسمه حسن الشريف، فغضب صديق واستعان بفرقة من الفتوات مهمتها تبويظ حفلات عبدالوهاب، مما اضطر المتعهد المنافس لإلغاء عدد من الحفلات بالقاهرة والإسكندرية والاكتفاء بحفلات الأقاليم، وهو ما جعل عبدالوهاب يشعر بالقلق فسعة لمصالحة المعلم صديق الذى كان بمثابة الحاكم بأمره فى عالم الفن والطرب فى ذلك الوقت.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة