انطلاقة تاريخية شهدها حفل افتتاح طريق الكباش مساء اليوم وسط اهتمام عالمي وترقب لفعاليات إحياء ممر تاريخي يعود عمره لما يزيد عن 3 آلاف عام، ويربط معبد الأقصر بمعبد الكرنك على امتداد نحو 2700 متر.
وقالت صحيفة "سى بى إس نيوز" عن حفل الافتتاح إن الحفل لم يسبق رؤيته منذ 2000 عام، مؤكدة أن الحدث أعاد بالفعل إحياء روح مهرجان الأوبت القديم بما تضمنه من الموسيقى والرقص والعروض الضوئية.
وكانت محافظة الأقصر شهدت على مدار الأشهر القليلة الماضية أعمال تطوير مكثفة لرفع كفاءة البنية التحتية وتطوير وتجميل الكورنيش والشوارع والميادين بها ومشروع ترميم صالة الأعمدة بمعابد الكرنك وتطوير نظم الإضاءة بمعبد الأقصر، وترميم قاعة الـ 14 عمود بمعبد الاقصر، والانتهاء من مشروع الكشف عن طريق المواكب الكبرى المعروف بـ طريق الكباش.
وتابعت الصحيفة فى تقريرها الذى جاء بعنوان: مصر تعيد فتح "شارع أبو الهول" بعد قرون، أن أكثر من 1050 تمثالًا لأبي الهول والكباش، أمضوا قرونًا مدفونين تحت رمال الصحراء، ولكن فى غضون سنوات أعادهم علماء الآثار فى مصر إلى ضوء النهار.
ويقدم حفل طريق الكباش الموسيقار نادر عباسي ، ويستخدام آلات موسيقية مماثلة لتلك التي كانت تستخدم في احتفالات عيد الأوبت وهو أحد الأعياد المصرية القديمة، ويتلي خلاله أنشودة آمون، ومسيرة لموكب المراكب المقدسة في تكرار لاحتفالية موكب المومياوات الملكية الذى أقيم العام الماضى والتى حظيت بإشادات عربية وعالمية واسعة.
واختتمت الصحيفة تقريرها قائلة أن الحفل أعاد أجواء الاحتفال القديم بعيد الأوبت المقدس عند الفراعنة، بما تضمنه من موسيقى وعروض ضوء وعروض راقصة.
وحرصت العديد من وسائل الإعلام العالمية علي الاحتفاء بالحفل قبل انطلاقه، ما يعكس أهميته التاريخية وحالة العشق التي تربط الملايين حول العالم بالتاريخ الفرعوني ، حيث وثقت شبكة "إيه بي سي" الأمريكية فى تقرير لها عن استعدادات الحفل رحلة تطوير طريق الكباش علي مدار 72 عاماً كاملة ، وقالت إن مصر ستبهر العالم بحفل ساحر لممر عمره 3 آلاف عام ، فيما قالت صحيفة ريبابلك ورلد الهندية إن مصر تنافس نفسها لتقدم عرضاً مذهلا يهدف إلى تجاوز روعة موكب المومياوات الملكية الذي انطلق في إبريل الماضى.
عيد الأوبت
انقسمت الأعياد في مصر القديمة إلى عدة أنواع:أعياد رسمية يتم الاحتفال بها في مصر كلها مثل (عيد السنة الجديدة، أعياد أول الشهر، وأعياد منتصف الشهر، وتتويج الملك...) أعياد محلية تخص كل إقليم على حدا وأعياد دينية مثل عيد الإله مين ويقام في الشهر الأول من فصل الحصاد، عيد الأوبت.
تم الاحتفال فى الأقصر بالعديد من الأعياد الدينية المهمة فى طيبة ومنها: عيد الأوبت وهو من أهم احتفالات العام، لدرجة أنه أطلق اسمه على الشهر الثانى من فصل آخت، وبهذه المناسبة كان يتم أخذ تماثيل ثالوث طيبة من ملاذهم فى الكرنك، ونقلهم إلى معبد الأقصر لمقابلة آمون إم أوبت فى (جانبه الخالق وإله الخصوبة) وهناك طريق طويل تصطف على جانبيه تماثيل أبى الهول يربط بين هذين المعبدين، استخدمه الموكب الرائع لعيد الأوبت السنوى للإنتقال من الكرنك إلى معبد الأقصر والعودة، كما كان يتم أيضًا استخدام طريق بديل عبر نهر النيل، فى موكب نهرى كبير يشارك فيه أسطول كامل من السفن، وبناءً على المصادر المتاحة فقد تم استخدام الطريق البرى للذهاب إلى معبد الأقصر والنهر لطريق العودة فى عهد حتشبسوت (١٤٧٣-١٤٥٨ ق.م)، بينما فى أواخر الأسرة الثامنة عشر تم استخدام طريق النهر للذهاب والعودة.
حرص الملوك فى الدولة الحديثة على تصوير مشاهد متعددة لمراسم عيد الأوبت، ومن أهم هؤلاء الملوك: حتشبسوت على جدران المقصورة الحمراء بالكرنك، تحتمس الثالث على جدران معبد الآخ منو، أمنحتب الثالث على الصرح الثالث، حور محب في الفناء بين الصرحين التاسع والعاشر، ستي الأول فى فناء الأساطين الضخمة بالكرنك، رمسيس الثالث بالكرنك ومدينة هابو.
صورت جدران البهو الكبير في معبد الأقصر، المنقوشة في عهد توت عنخ آمون (1336-1327 ق.م)، هذا الموكب بتفاصيل رائعة وفيه سار جنود من الجيش، مسلحين بأسلحتهم، على أنغام الموسيقى، وينفخ الجنود أبواقهم ويقرعوا طبولهم بينما أضاف الراقصون المزيد من الحيوية إلى الاحتفالات وأمامهم الثيران المسمنة المقدمه كأضاحي، وركب النبلاء مركباتهم بينما كان الكهنة والكاهنات يهتفون.
كان عيد الأوبت يستمر لعدة أيام اختلف عددها من زمن لآخر حيث أن مدة الاحتفال بهذا العيد فى عهد تحتمس الثالث بلغت 11 يومًا، أما في عهد رمسيس الثالث فقد امتد العيد إلى 24 يومًا. ويبدو أن المصريين استمروا في الاحتفال بعيد الأوبت حتى العصر الروماني. وكان الغرض من عيد الأوبت ونقل تماثيل كل من آمون وموت وخونسو إلى معبد الأقصر حيث يتحدوا مع آمون إم أوبت، ليتم تجديد شبابهم وشباب الملك وكل الطبيعة خاصة الفيضان في هذه العملية، قبل أن يعودوا شمالاً إلى الكرنك. ولأن مصر مختلفة عن أي بلد في العالم فالاستمرارية في الاحتفالات الدينية فى الأقصر إلى الآن ولكن بغرض مختلف، حيث يحتفل المسيحيون بعيد سان جورج، والمسلمون بعيد أبو الحجاج وفيه يتنزه الناس في مراكب في النيل.
وقبل الاحتفال تم الانتهاء من أعمال تطوير وإعادة تهيئته مرسي وزارة السياحة والآثار، للفنادق العائمة بالأقصر. وبدأت الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بتنفيذ مشروع تطوير مرسي الأقصر في نوفمبر ٢٠١٩، وتم تسليمه أول أكتوبر ٢٠٢١.
وينقسم المرسى إلى قسمين، الأولى بطول ٤٥٠ متر ليسع إلى عدد ٥ أرصفة لرسو الفنادق العائمة، والقسم الثاني بطول ٧٣٠ متر ليسع لعدد ٦ أرصفة لرسو الفنادق العائمة. كما يشمل المرسي عدد ٦٩ محل.
أن مشروع التطوير تضمن عمل شبكة خاصة بالصرف للمراكب النيلية بطول المرسى، بالإضافة الى عمل شبكة خاصة بالحريق. تم تبليط الأرضيات باستخدام الرخام والجرانيت والبازلت الأسود وعمل أحواض زراعات تحتوي على أشكال متنوعة من الزرع، بالإضافة إلى تزويد المرسى بعدد ١٧ برجولة خشبية و٦ أكشاك لخدمة المواطنين مزينة بنقوش تحمل طابع الهوية البصرية المميز لمدينة الأقصر.
وتم تجميل المرسي بعمل جداريات من الفنون الجميلة تعتمد فكرتها على الدمج بين الخط العربي وصور الرجل والمرأة المصرية من مصر القديمة ومن صعيد مصر مع توظيف المناظر الطبيعية الخلابة ورموزها الجميلة كالنخيل والمراكب الشراعية.
هذا بالإضافة إلى عمل جداريات البوليستر والتي تصور بشكل أساسي مشاهد من حياة المصري القديم في الحضارة الفرعونية وهي مزودة بإضاءة لإبراز جمالها ليلا.
وتم رفع كفاءة البنية التحتية من طرق وأرصفة، وكذا أعمال الزراعات والأشجار والنخيل وأحواض الزرع الموجودة على طول طريق الكورنيش والميادين و رفع كفاءة و تطوير السوق السياحي ودهان الأسوار وأعمدة الإضاءة وواجهات البازارات السياحية الواقعة على الطريق و تجميل اللوحات الإرشادية بالشوارع، لتحقيق مظهر حضاري للمنطقة بأسرها.
طريق المواكب المعروف إعلاميا بطريق الكباش
وطريق المواكب الكبرى يربط بين معبد الأقصر ومعابد الكرنك.
بدأ بناء هذا الطريق على يد الملك أمنحتب الثالث، الذي بدأ تشييد معبد الأقصر، ولكن النصيب الأكبر من التنفيذ يرجع إلى الملك نختنبو الأول، مؤسس الأسرة الثلاثين.
يبلغ طول الطريق 2750 متر، وعرض 700 متر، ويصطف على جانبيه حوالي 1200 تمثال، نُحت كل منها من كتلة واحدة من الحجر الرملي، وأقيمت على هيئتين: الأولى تتخذ شكل جسم الأسد ورأس الإنسان، باعتبار الأسد أحد رموز إله الشمس، أما الهيئة الثانية فكانت على شكل جسم ورأس كبش، وهو رمز من رموز الإله خنوم، إله الخصوبة في الديانة المصرية القديمة، الذي قدسوه باعتباره الإله الخالق للبشرية كلها.
وكان في العصور المصرية القديمة "طريق المواكب الكبرى" المعروف إعلاميا بطريق الكباش عبارة عن طريق مواكب كبري لملوك الفراعنة وكانت تحيى داخله أعياد مختلفة منها "عيد الأوبت" وعيد تتويج الملك ومختلف الأعياد القومية تخرج منه.
وكان يوجد به قديماً سد حجري ضخم لحماية الطريق من الجهة الغربية من مدينة الأقصر العاصمة السياسية في الدولة الحديثة (الأسرة 18) والعاصمة الدينية حتى العصور الرومانية.
مشروع الكشف عن طريق المواكب الكبرى
بدأ المشروع عام 2005 ثم توقف في 2011 ثم بدأ مرة أخرى في سبتمبر 2017 وخلال أعمال الحفائر بالطريق تم الكشف عن عدد كبير من التماثيل على هيئتين: جسم الأسد ورأس إنسان و جسم ورأس كبش بالإضافة الى عدد من المباني السكنية و الإدارية و الخدمية ترجع لعصور اليونانية الرومانية و أفران لصناعة الفخار و التمائم و مبني من الطوب اللبن من عصر الملك منخبرع من الأسرة 21 و شاهد قبر من القرن 10 الميلادي.
تم تطوير الطريق وتحويله الى متحف مفتوح ومعرض للصور النادرة من القرن ١٩ تروي تاريخ معابد الكرنك والأقصر وطريق المواكب الذي يربط بين المعابد وأهم الاكتشافات الأثرية، وصور ومناظر للأعياد والاحتفالات التي كانت تقام في العصور القديمة، وصور الملوك الذين ساهموا في بناء هذا الطريق. كما تم تطوير نظام الإضاءة بالطريق لإبراز جماله.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة