ملاحم وبطولات سجلها رجال القوات المصرية المسلحة بحروف من نور في كتب التاريخ، وتستمر الأجيال في توارث ذكريات الانتصار على عدو ظن العالم أنه لن يقهر، وأبت الإرادة المصرية أن تكون في صفوف المشاهدين لتلحق به عظيم الخسائر وننظر الدول ببقاع الأرض لما يحققه الجندي المصري من استرداد للعزة والكرامة
التقى "تلفزيون اليوم السابع"، المهندس محمد بيوض، المؤرخ البورسعيدى، الذى استطرد فى سرد بطولات القوات المسلحة، وتلاحم الشعب المصرى، لاستعادة أرض الفيروز "سيناء"، واللوحات الفنية التي نسجها جند مصر بالدماء والأرواح.
"
المهندس محمد بيوض
وأكد المهندس محمد بيوض، المؤرخ البورسعيدي، أن انتصار أكتوبر كان بمثابة شيئ عظيم لجيلنا الذي عاش لحظة الانكسار في 1967، جاء ذلك خلال بداية الحوار معه عن حكايات أكتوبر 73 التي سطر الجيش المصري خلالها ملاحم وبطولات سيظل يذكرها التاريخ.
وأوضح "بيوض"، أن انتصارات أكتوبر بدأت من 1 يوليو 1967 بما يعني بعد الهزيمة بحوالي 25 يوم، فحينما حاولت كتيبة إسرائيلية ان تقوم المرور من بورسعيد ومنها لمدينة بورفؤاد حتى يتم احتلال سيناء بالكامل بما فيها منطقة شرق بورسعيد، ولكن تصدي لهم ما يقرب من 30 بطل من ابطال القوات المسلحة تجمعوا بعد الهزيمة داخل مدرستي أشتوم الجميل والقناة كمعسكراً لهم.
وأشار إلى أنه صدرت التعليمات لهذه القوة ان تعمل على إيقاف تقدم القوات الإسرائيلية، وبالفعل كبدت العدو خسائر فادحة على الرغم أنه كان يتزامن مع ذلك استكمال انسحاب عدد من قواتنا المسلحة للضفة الغربية.
حرب الاستنزاف
كانت البداية بحرب الاستنزاف التي جاءت رداً على العدو الذي تسبب في استشهاد الفريق عبدالمنعم رياض، في مارس 1969 فقامت بعدها المجموعة 39 قتال للأخذ بالثأر وبدأت الشرارة وقصف الموقع الإسرائيلي الذي تم استهداف الفريق عبدالمنعم رياض منه، وحدثت مناوشات شديدة بين الجانبين على عكس ما توقعته إسرائيل بأن مصر استسلمت للوضع الحالي.
وأضاف المؤرخ البورسعيدي، أنه ظلت هذه العمليات بين القوات المصرية والاسرائيليين من قتل للعدو وأسر للجنود والضباط والعبو للجهة الشرقية وتنفيذ عمليات كثيرة، حتى تم وقف إطلاق النار بواسطة اتفاقية "روجرز" التي كان رفضها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وحينما تولى الريس محمد أنور السادات قَبِلَ بها حتى يستعد جيدا من إنشاء لحائط الصواريخ وتنظيم القوات تمهيداً للحرب والانتصار.
القضاء على الغطرسه الإسرائيلية
أكد المهندس محمد بيوض، أنه بعد انتصار السادس من أكتوبر والقضاء على الغطرسه الإسرائيلية وبداية النهاية لإسرائيل تماما، بدأت رئيسة وزراء إسرائيل حينها "جولدمائير"، بالاستغاثة بأمريكا وبالفعل تم إنشاء جسر جوي وإنزاله بمدينة العريش الذي لولاه كان تم القضاء على إسرائيل تماما.
قال "بيوض"، إن الريس السادات أوهم العالم كله وأولهم الشعب المصري أن مصر لن تستطيع الحرب وأننا جميعا سنظل مهاجرين كلا في مكانه حتى الممات، وكان ذلك دهاء وذكاء لاسترداد الأرض.
المؤرخ البورسعيدي محمد بيوض
ولفت المهندس محمد بيوض، إلى اننا راسنا اسراب من الطائرات في السماء ولم نكن نعلم ماذا يحدث، حتى اتي البيان الأول للإذاعة والذي أوضح أن القوات المصرية عبرت القناة وتم دك النقط الحصينة للعدو الإسرائيلي وبداية انتصار 6 أكتوبر 1973
الجميع على قلب رجل واحد
شهدت حرب أكتوبر حكايات من ملاحم وبطولات سطرتها القوات المسلحة بالتكاتف والتعاون مع كل الشعب المصري بمختلف فئاته، وأشكاله وألوانه، فكان الجميع على قلب رجل واحد من أجل استعادة الأرض والعزة والكرامة.
كان لمحافظة بورسعيد طبيعة خاصة، فهي كانت العاصمة التجارية لمصر في ذلك التوقيت نتيجة وجود البضائع الأجنبية التي كانت تنزل من السفن العابرة لقناة السويس، حتى أن الأجانب من الجنسيات المختلفة بنوا صداقات مع البورسعيدية.
استكمل المؤرخ البورسعيدي، إن أهالي المدينة الباسلة لم يهجروا بعد نكسة 67 كما قال البعض، ولكنهم ظلوا في المحافظة ولم يغاروا حتى جاءت حرب الاستنزاف، وحينها أمر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بتهجير مدن القناة الثلاث ومنهم اهل بورسعيد خوفا عليهم من غارات العدو الصهيوني، الذي كان لا يميز بين عسكري ومدني.
ذكريات أهل بورسعيد مع الجنود
استطرد المهندس محمد بيوض، أنه بعد قرار التهجير، ظلت عدد من المهن التي عملت على تقديم الخدمات للقوات المسلحة من الفران "صانع الخبز"، مشغلوا محطات المياه والكهرباء وغيرها، محطات الوقود، ميدان المعديات، وغيرها من المهن الأخري.
المؤرخ البورسعيدي
أشار المؤرخ البورسعيدي،إلى أن أهل المحافظة المهاجرين كان لهم ذكريات مع رجال القوات المسلحة الموجودين بالنقاط الحصينة داخل بورسعيد، حيث تم تخصيص عدد من النقاط من بينها حديقة سعد زغلول، ويتذكر أنه كان صديق بجندى من محافظة المنيا يدعى محمد وكان يتبادل معه البسكويت بالكمون ويطمئن منه على حال قواتنا المسلحة
أوضح المؤرخ البورسعيدي، إن إسرائيل استعدت بشكل خاص لبورسعيد وأهالي المدينة الباسلة حتى لا يتكرر ما حدث في 1956 ويتسلل الفدائيين للقوات الإسرائيلية، فبدات في إنشاء 3 نقاط حصينة تحاوط بها بورسعيد وبالاخص مدينة بورفؤاد خشية الأهالي وأبطال القوات المسلحة.
تكثيف التجهيزات بجبهة بورسعي
أضاف المهندس بيوض، أن القوات المصرية كثفت من تجهيزاتها، بجبهة بورسعيد في مواجهة العدو، ففي بورفؤاد تواجد اللواء 135 مشاه بقيادة العميد أحمد صلاح الدين عبد الحليم، وفي بورسعيد، اللواء 30 مشاه بقيادة العميد أركان حرب مصطفى جودت، موضحا أنه كان من طريق بورسعيد دمياط به الكتيبة 14 حرس سواحل بينما قطاع المنزلة به الكتيبة 15 حرس سواحل، وهذه هي القوات التي كانت موجودة في ذلك التوقيت لحماية جبهة بورسعيد، كونها احد الجبهات المهمه في الحرب .
ولفت إلي أنه مع بداية المعركة كانت بورسعيد تنعم بالهدوء يومي 6 و7 أكتوبر، لكن السماء أمطرت على بورسعيد قذائف ولهب بداية من يومي 8 و9 أكتوبر عندما بدأت إسرائيل في القيام بغارات جوية غير طبيعية، لدرجة أنها قامت يوم 8 أكتوبر بضرب بورسعيد في كل مكان بـ122 طلعة جوية ومنها مناطق: الحميدي والتجاري والأفرنج والعرب وضربت المدارس والمستشفيات وذلك لأن اسرائيل وصلت إليها معلومات استخباراتية أن مصر تجهز كمية صواريخ غير طبيعية وأنها موجود في بورسعيد كونها أقرب مكان تستطيع أن تضرب منه مصر إسرائيل، وتعطلت الكتيبة 463 التي كانت مرتكزة بجوار المطار بعد قصفها قصف شديد يوم 8 أكتوبر.
قوات الدفاع الشعبي
أشار إلى أنه تلقى اللواء أركان حرب أيمن حب الدين، قائد الكتيبة 418، الذي كان برتبة رائد في ذلك التوقيت بالتحرك من قليوب إلى بورسعيد، ووصل فجر يوم 11 أكتوبر إلى منطقة مجاورة لمطار الجميل، وكان يرافقه 84 سيارة تحكم الصواريخ والذخيرة، وأجهزة التحكم، وكان يطلق على مكان تواجدهم "أرض القمر"، نتيجة الحفر المتواجد بها نتيجة الدانات التي قذفت بها الكتيبة 463 ، قبل إخلائها ونصبوا الصواريخ وغرفتي القيادة والتحكم وفي أول طلعة جوية للعدو كانت 4 طائرات تم اسقاط 2 منهما وهربت 2 أخريات.
وأشار المهندس محمد بيوض، إلى أنه من يوم 11 إلى 16 أكتوبر أسقطت الكتيبة 16 طائرة للعدو ثم صدرت الأوامر بإخلاء المكان لإصلاح أى إصابات فى الكتيبة، وأكد أن قوات الدفاع الشعبي هي من كانت ظهير الكتيبة 418 وتمكنوا من أسر العديد من طياري العدو الذين سقطت طائراتهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة